متابعة-سوزان حسن
يرتبط المنزل بمعان كثيرة، هو «بيت العمر» للبعض، أي ذلك الذي يُجمع مال كثير من أجل اقتنائه، و«مكمن الأسرار»، أي يحفظ خصوصيّات أهله، و«الأمان»، و«الدفء». مهما كانت العلاقة التي تربط الناس بمنازلهم، تسعى الغالبية إلى أن تجعل مساحاتها مُنسّقة بصورة تبعد عنها عناء اليوم والتوتر، خصوصاً مع طول ساعات العمل.
المصمّم قادر على «تهدئة» أي نوع من الأساليب المعتمدة في التصميم
يُرسل كلّ عنصر مُستخدم في لوحة الديكور، رسالة أو رسائل ذات معان كثيرة؛ بعض الرسائل مهدئ، وبعضها الآخر مثير للعواطف أو الذكريات.
من وجهة نظر المصمّم الداخلي، ما هي عناصر الديكور التي تُحقّق الاسترخاء، عندما يتعلّق الأمر بمشروع سكني؟ وهل تشتمل العناصر على الألوان، أم المواد، أم طريقة ترتيب الأثاث، أم النباتات والإضاءة غير المباشرة؟ وهل الطراز المختار للفراغ المعماري هو المسؤول عن جعل المنزل «واحة مريحة»؟
يطبع المكان بهوية مُحدّدة، ويبدو المحرك الأساسي لأحاسيس البشر، إذ تختلف المشاعر عند معاينة أي لون.
يرجع الأمر إلى قوة الأخير ودرجة إشباعه وكثافته». لكن، يُشدّد الخالد، في إطار عدّ الألوان الهادئة، على الفكرة الآتية: «لا يُطلق مسمى الهادئ على لون واحد، أو طائفة لونية بعينها، بل على أي لون لا يحمل كثافة عالية ودرجة إشباع كبيرة»، مع استبعاد الألوان الحارة التي تحمل ترددات عالية، مثل: الأحمر والأصفر والبرتقالي. بالمقابل، البيج والأبيض والرمادي والأزرق الفاتح الفيروزي والأخضر شائعة في الاستخدام في التصاميم المنزلية، حسبه.
صياغة الأحاسيس
للمواد دور أساسي أيضاً في ترويق الديكور، بعد الألوان، حسب الخالد، فبعض المواد يُعبّر عن القسوة (الزجاج، مثلاً، والرخام)، والبعض الآخر مرادف للدفء (أنسجة الأثاث والستائر، مثلاً). إلى ذلك، يجب حسن الدمج بين المواد، حتّى تُشارك الأخيرة في خلق هالة حسية متكاملة. تشتمل المواد المساعدة في بثّ الهدوء والراحة على تلك الدافئة، التي تحملها الأرضيات الخشبية وورق الجدران والستائر و«الكلادينغ» أو الكسوة الخشبية للأسطح أو الفينير.
وعن الأنسجة الموظّفة في صنع الأثاث والستائر، يوضّح المهندس السوري أنّها «منوعة لناحية طريقة المعالجة من الشركات، التي تقوم بحياكتها وتصنيعها، فهنالك الأقمشة الحرير والشامواه التي تشيع انطباعاً بالفخامة والثراء، فيما الأقمشة الكتانية تبثّ إحساساً بالهدوء والبساطة»، مُعلّقاً أهمية على دور المصمم في صياغة الأحاسيس، بما يتناسب مع الهوية التي يبني عليها تصميمه، بالترابط مع متطلبات العميل.
لناحية النبات، فإن حضوره من عدمه، يرجع إلى رغبة صاحب المكان، لكن العنصر الطبيعي الأخضر كفيل بنشر المزيد من طاقة الطبيعة وبدعم بند الهدوء الذي تحدثنا عنه.
في شأن الإضاءة، هي عنصر يوليه مصمم العمارة الداخلية أهمية، ويعتبرها عالماً قائماً بذاته، بل ضابط أساسي في إظهار المكان وتفاصيله، لا سيما درجة لون الضوء، سواء كانت الأخيرة دافئة أو باردة أو متوسطة. في هذا الإطار، ينصح الخالد باختيار درجة هذا اللون بين 3000 و4000 كلفن (يُستخدم الكلفن في قياس الحرارة اللونية لمصادر الضوء)، ما يُظهر الجوّ العام للمكان، كما درجات الألوان المختارة له.
كما يدعو إلى التنويع بين مصادر الإنارة المخفية والمباشرة، وتحديد أماكن تمركزها بدقة، فضلاً عن التحكم الدقيق بفصلها عن بعضها أو جمعها أثناء الاستخدام.
من جهة ثانية، لا يعتقد الخالد أن «المنزل الذي يحقق الاسترخاء لشاغليه بعد عناء يوم طويل، يرجع إلى أسلوب محدّد مختار في التصميم الداخلي»، شارحاً أن «المصمّم قادر على (تهدئة) أي نوع من الأساليب المعتمدة في التصميم».
نصائح مصمم عمارة داخلية
النصائح التي يقدمها مهندس العمارة الداخلية والمتعلّقة بديكور المنزل الذي يبعث على الاسترخاء، هي الآتية، مع الإشارة إلى أن السهل الممتنع نهج يجعل البسيط أنيقاً:
إفساح المجال للمصمم كي يقوم بدوره، بعد تحديد المالك(ة) الألوان التي يرغب بها، فالمصمّم حسب الخالد سيقوم بمعالجة ما نقل صاحب المشروع إليه من أفكار وأحاسيس إلى الورق، ثمّ إلى أرض الواقع.
البعد عن اختيار قطع الأثاث التي تعجّ بالتفاصيل وتشهد تداخلاً في الخامات. بالمقابل، يصحّ انتقاء المفروشات البسيطة والهادئة وذات اللون والطابع الموحد.
جعل أجزاء المكان، لا سيما الجدران والأسقف والأرضيات، متماسكة وقريبة لناحية درجات الألوان.
لتصميم الأسقف أهمية في بثّ الشعور بالهدوء، ما يعني تالياً البعد عن المبالغة في إضافة التفاصيل لهذه الأسطح.
رحلة التصميم عبارة عن مرحلة حسية بحتة، حسب تعابير الخالد، والأحاسيس لا تترجم أو تشرح.
لذا، عند الاستعانة بخدمات مهندس العمارة الداخلية، لتنسيق المنزل، يجب مراقبة الإحساس وليس العقل في صناعة العمل. إلى ذلك، هناك الخبرة المكتسبة من التجارب.