متابعة: نازك عيسى
لا يقتصر الشعور بالانتعاش الذي نختبره عند التنفس في الهواء النقي على كونه مجرد خلوه من التلوث، بل يعود إلى العناصر الغذائية التي يمتصها الجسم أثناء التنفس العميق، وفقاً لورقة بحثية حديثة.
ويشير البحث، إلى أن التنفس يساهم في تزويد أجسامنا بالعناصر الغذائية الأساسية مثل اليود، الزنك، المنغنيز وبعض الفيتامينات.
حتى الآن، ركزت معظم الدراسات على تأثيرات الهواء من حيث التلوث، مع التركيز على إزالة الملوثات الضارة بدلاً من الاستفادة من العناصر المفيدة في الهواء.
على الرغم من أن نفساً واحداً يحتوي على كميات ضئيلة جداً من العناصر الغذائية، فإن الإنسان يستنشق حوالي 9000 لتر من الهواء يومياً، مما يعني تعرضه لهذه المكونات بكميات كبيرة على مدار الزمن. وعلى عكس الطعام، لا يتوقف التنفس أبداً، مما يجعلنا نمتص هذه العناصر بمرور الوقت، حتى في تركيزات منخفضة للغاية.
ووفقاً للورقة البحثية التي أعدها باحثان من جامعة نيوكاسل ومعهد ملبورن للتكنولوجيا، تدخل المغذيات الموجودة في الهواء إلى الجسم عبر امتصاصها من خلال شبكات الأوعية الدموية الصغيرة في الأنف والرئتين والمنطقة المسؤولة عن حاسة الشم (الظهارة الشمية) والبلعوم الفموي.
وتتمتع الرئتان بقدرة على امتصاص جزيئات أكبر بكثير من الأمعاء، تصل إلى 260 مرة، حيث تدخل هذه الجزيئات إلى مجرى الدم مباشرة، بما في ذلك الدماغ. وهذا يفسر سرعة تأثير المواد المستنشقة، مثل الكوكايين والنيكوتين، التي تؤثر في الجسم خلال ثوانٍ وبتركيزات أقل بكثير مما لو تم تناولها عن طريق الفم.
أما الأمعاء فتعمل على تفكيك المواد إلى أصغر مكوناتها باستخدام الإنزيمات والأحماض قبل أن تدخل إلى مجرى الدم، حيث يتم استقلابها وإزالة السموم بواسطة الكبد. على الرغم من أن الأمعاء تتسم بقدرتها الكبيرة على امتصاص النشويات والسكريات والأحماض الأمينية، إلا أنها ليست فعالة في امتصاص بعض الأدوية التي يمكن أن يتم امتصاصها مباشرة من خلال الرئتين.
في دراسة حديثة، أجرى الباحثون في أيرلندا بحثاً على أطفال المدارس الذين يعيشون بالقرب من المناطق الساحلية الغنية بالأعشاب البحرية، حيث كانت مستويات غاز اليود في الهواء أعلى بكثير. وقد أظهرت النتائج أن هؤلاء الأطفال كانوا يتمتعون بمستويات أعلى من اليود في البول وكانوا أقل عرضة لنقص اليود مقارنة بأقرانهم في المناطق الريفية ذات الأعشاب البحرية الأقل.
ويشير هذا إلى أن اليود الذي يتم استنشاقه من الهواء يساعد في تعزيز مستويات اليود في الجسم. كما يمكن أن يدخل المنغنيز والزنك إلى المخ عبر الخلايا العصبية المسؤولة عن حاسة الشم.
ومن المعروف أن المنغنيز هو عنصر غذائي أساسي، ولكن الإفراط في تناوله قد يكون ضاراً بالمخ، كما يظهر لدى عمال اللحام. وتحتوي الأهداب (الهياكل الشبيهة بالشعر) في الجهاز الشمي والجهاز التنفسي على مستقبلات خاصة قادرة على التفاعل مع مجموعة من المغذيات الهوائية الأخرى مثل الكولين، فيتامين C، الكالسيوم، المنغنيز، المغنيسيوم، الحديد وحتى الأحماض الأمينية.
أظهرت أبحاث سابقة أن استنشاق فيتامين B12 يمكن أن يعالج نقصه في الجسم.