متابعة: نازك عيسى
تخيل أنك تأخرت للوصول إلى مكان يبعد 3 كيلومترات، وقررت أن تركض، ستقطع المسافة ركضاً في 20 دقيقة، بينما تحتاج 45 دقيقة للمشي. فهل تبذل طاقة أكبر في المشي أم الركض؟
يُطلق على هذه العملية “الإنفاق الحراري”، والذي يتضمن التكلفة الأيضية. أجاب الباحثون بأن الجري يستهلك طاقة أكبر من المشي لنفس المسافة المقطوعة.
الإجابة ليست مفاجئة، لكن بعض جوانبها تحمل مفاجآت. عند الركض، يتحرك الجسم لأعلى ولأسفل بمقدار أكبر مما يحدث عند المشي. هذه الحركة الرأسية تتطلب من عضلات الأطراف السفلية توليد مزيد من القوة، مما يستهلك المزيد من الطاقة. لذلك، عند الجري، يتم استخدام جزء من الطاقة لتحريك أجسامنا إلى الأعلى بدلاً من الأمام، مما يجعل الطاقة اللازمة لتغطية مسافة 3 كيلومترات أعلى في الجري منها في المشي.
ولا يقتصر هذا الاختلاف على ما يحدث أثناء النشاط نفسه. في الواقع، يتسبب كل تمرين بدني في تأخير إنفاق الطاقة، والذي يضاف إلى الإنفاق أثناء النشاط. بعد الجري لمسافة 3 كم، يستمر استهلاك الطاقة المتزايد (مقارنة بالراحة) لعدة دقائق، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وتجديد احتياطيات الطاقة. هذا الإنفاق الإضافي بعد الجري أكثر من ضعف ما يُلاحظ بعد المشي، بسبب الفرق في كثافة التمرينين.
ينطوي الجري على إنفاق سعرات حرارية أعلى من المشي لنفس المسافة المقطوعة، بشرط أن تكون سرعة المشي “طبيعية” (حوالي 5 كم/ساعة). إذا مشى الشخص ببطء شديد، سيستغرق وقتاً أطول لتغطية مسافة 3 كم، مما يزيد إنفاق السعرات الحرارية في النهاية، لأن الجسم ينفق قدراً معيناً من الطاقة لكل وحدة زمنية بغض النظر عن النشاط. وينطبق الشيء نفسه إذا كانت سرعة المشي سريعة جداً (أكثر من 8 كم/ساعة)، حيث يتطلب التنسيق المطلوب للمشي بهذه السرعة تنشيط العضلات بشكل أكبر، دون الاستفادة من مرونة الأوتار كما في الجري.
كما ينطبق الأمر على التمرين على جهاز المشي؛ فإذا ازدادت سرعته تدريجياً، فإن النقطة التي ننتقل عندها تلقائياً من المشي السريع إلى الجري تتزامن مع اللحظة التي يصبح فيها المشي أكثر استهلاكاً للطاقة من الجري.