متابعة-جودت نصري
الخوف من الإصابة بمرض عقلي أو نفسي خطير هو خوف أساسي شائع بين المصابين باضطراب القلق، وغالباً ما ينبع هذا الخوف من مخاوف جوهرية، مثل فقدان السيطرة، وفقدان الاستقلال، والخوف من حدوث شيء سيئ، مثل مشكلة صحية أو عقلية لا رجعة فيها، على سبيل المثال لا الحصر.
وعادة لا يتحول اضطراب القلق إلى مرض عقلي خطير مثل الفصام أو الذهان، ولكن هناك بعض الحالات التي تمَّ فيها تشخيص الأشخاص القلقين في وقت لاحق بمرض عقلي، ولكن ذلك يرجع إلى أن هذا المرض العقلي كان موجوداً قبل اضطراب القلق، وظهر هذا الاضطراب بوصفه أحد الأعراض، ومع ذلك فإنَّ هذا السيناريو نادر للغاية.
أسباب القلق
ينتج اضطراب القلق عن سلوك غير صحي، وليس لأسباب بيولوجية أو كيميائية أو وراثية، ويمكن تغيير السلوك غير الصحي بآخر صحي للتخلص من القلق.
وترجع خطورة اضطراب القلق إلى تأثيره في نمط حياة الشخص وصحته الجسدية، وليس في السبب الكامن وراءه.
ويمكن أن يعاني بعض الأشخاص القلقين من نوبة ذهانية من درجة عالية من القلق أو فرط الانتباه، مثل سماع الأصوات أو رؤية أشياء غير موجودة، ولكن هذه النوبات تنتهي بسرعة مع تقلص درجة القلق وفرط الانتباه.
وبسبب قوة هرمونات التوتر وطريقة تأثيرها في الدماغ؛ فإنَّ نوبات الذهان المؤقتة شائعة لدى من يعانون من القلق، ولكن هذا لا يُصنف على أنه ذهان؛ فالذهان مصطلح طبي يُستخدم لوصف الانفصال المستمر عن الواقع.
العلاقة بين القلق والاضطرابات النفسية الأخرى
القلق سمة عرضية للعديد من الاضطرابات النفسية المختلفة؛ لذلك، يجب على الطبيب أن يحدد ما إذا كان تشخيص اضطراب القلق يفسر الأعراض بشكل أفضل؛ إذ إن مجرد وجود بعض أعراض القلق لا يشير تلقائياً إلى الإصابة باضطراب القلق. على سبيل المثال، الشخص المهووس بالطعام واتباع نظام غذائي وممارسة الرياضة، بسبب الخوف الشديد من أن يصبح سميناً؛ سيتم تشخيصه باضطراب في الأكل، وليس بالرهاب.
– العلاقة بين القلق واضطرابات الشخصية
اضطرابات الشخصية هي فئة من الاضطرابات التي تختلف عن العديد من الاضطرابات الأخرى المدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
وتشير اضطرابات الشخصية إلى نمط مزمن وغير مرن وغير قادر على التكيف في ما يتعلق بالعالم، ويتضح هذا النمط غير القادر على التكيف في الطريقة التي يفكر بها الشخص ويشعر ويتصرف بها، وأهم من ذلك، كيفية تعامله مع الآخرين.
ومن الممكن الإصابة باضطراب في الشخصية واضطراب القلق؛ إذ يتميز اضطراب الشخصية التجنبية بمشاعر النقص، والتحفظ الاجتماعي، والحساسية الشديدة للنقد السلبي، ويعتقد الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب أنهم غير مؤهلين اجتماعياً، أو غير جذابين، أو أدنى من الآخرين، كما يخشون أن يتعرضوا للإحراج أو السخرية في المواقف الاجتماعية. وهذه الخصائص تشبه إلى حد بعيد اضطراب القلق الاجتماعي «الرهاب الاجتماعي»، وبسبب أوجه التشابه بين هذين الاضطرابين، اعتبرت بعض الأبحاث أن اضطراب الشخصية التجنبية هو مجرد شكل أكثر حدة من الرهاب الاجتماعي.
– العلاقة بين القلق والاكتئاب
يحدث القلق والاكتئاب بشكل شائع مع معدل اعتلال مشترك بنسبة 50%، والاكتئاب هو اضطراب نفسي يتميز بتغييرات كبيرة في الحالة المزاجية، وكثيراً ما يقول الأشخاص عبارة «أشعر بالاكتئاب» لوصف شعور عميق بالحزن. في حين يجب تمييز هذا الاستخدام اليومي لمصطلح «الاكتئاب» عن الاستخدام السريري للمصطلح؛ إذ يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب السريري من مزاج مكتئب كل يوم تقريباً، أو معظم اليوم، لمدة أسبوعين على الأقل.
ويمكن أن يسبب الاكتئاب شعوراً عميقاً بالحزن، كما يمكن أيضاً التعبير عن الاكتئاب على أنه تهيج أو هياج، وهو ما يحدث عند الأطفال والمراهقين والعديد من الرجال البالغين؛ فغالباً ما يظهر الاكتئاب لديهم على أنه مزاج عصبي.
وقد يكون من الصعب فصل القلق عن الاكتئاب عند حدوث كلا الاضطرابين معاً، بسبب تداخل الأعراض؛ إذ تشمل اضطرابات الاكتئاب واضطرابات القلق على حد سواء أعراض الانفعالات الحركية، وصعوبة التركيز، والتغييرات في الشهية، واضطرابات النوم. ومع ذلك، فإنَّ الأفراد الذين يعانون من القلق والاكتئاب يميلون إلى أن تكون لديهم أعراض اكتئاب وقلق أكثر حدة ومزمنة عند مقارنتهم بالأفراد الذين يعانون من واحد من هذين الاضطرابين فقط.
كيف يمكن مواجهة القلق؟
بسبب التخيلات الواسعة، يمكن للأشخاص القلقين الشعور بالقلق بشأن أي شيء، لكن علينا أن نكون واقعيين بشأن ما هو ممكن وما هو مرجح؛ فهناك فرق كبير بينهما، والقلق بشأن غير المحتمل هو مضيعة للوقت والطاقة والصحة العقلية.
وبما إن القلق هو بلاء ذاتي؛ فلا أحد يستطيع أن يمنعك من القلق سوى نفسك، ومع ذلك يمكنكِ احتواء القلق غير الصحي بالمساعدة والممارسة.
ويعاني بعض الأشخاص من القلق والخوف من الإصابة بمرض عقلي نتيجة للقلق، وهو ما يُستبعد حدوثه تماماً؛ لذلك إذا كنتِ لا تزالين تعانين من هذا النوع من الخوف والقلق؛ فإنَّ العمل مع معالج مختص باضطراب القلق يمكن أن يساعدكِ على التخلص من هذه الحالة.
يُعدُّ العمل مع معالج مختص هو الطريقة الأكثر فاعلية للتغلب على القلق الاتكالي والمخاوف الراسخة، وما يمكن أن يبدو لكِ خارج نطاق السيطرة، وسيحررك من سنوات من ضعف نمط الحياة بسبب مشكلات القلق التي لم يتم حلها بسهولة مع المختصين.