تعتبر بعض الضغوط التي يواجهها الإنسان في حياته ضرورية لأنها تساعد في التعامل بسرعة مع الطوارئ. وتؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول الذي من شأنه توليد الطاقة والمساعدة على التركيز.
وعندما يشتد القلق ويؤدي إلى ارتفاع مستويات الضغط، فإن مثل هذا الأمر قد يضرّ بالصحة النفسية والجسدية. لذلك من الأفضل تعلم كيفية الابتعاد عن الواقع بين الحين والآخر كي يمنح الشخص قسطاً من الراحة لجهازه العصبي.
قد يبدو هذا الأمر منافياً للمنطق، ولكن السماح للذهن بالشرود قد يكون أحد أفضل الحلول لتحقيق التوازن النفسي.
ويميّز بول سيلي، عالم النفس في جامعة هارفارد، بين شرود الذهن المتعمد والعرضي. مشدداً على أن النوع العرضي فقط هو الذي له تأثير سلبي على المهام التي يريد الشخص القيام بها.
وأضاف “إذا كانت المهمة سهلة، فإن الشرود الذهني المتعمد لن يؤثر على الأداء على الأرجح. لكن يجب أن يتيح للناس فرصة لجني فوائده، مثل القدرة على حل مشكلة أو التخطيط لذلك”.
ونصح قائلاً “فكّر في شيء لا علاقة له بالمهمة التي تريد إنجازها، مثل حل مشكلة أخرى تدور في خلدك، ثم عد إلى مهمتك الأساسية”.
وخلصت أبحاث علمية حديثة إلى محاولة التنصل من الواقع والاستغراق في عالم من الخيال، يساهم في تنشيط مجموعة من مناطق المخ تعرف باسم “شبكة الوضع الافتراضي” أو اختصارا بـ”دي.أم.أن”، حينما يكون في حالة أحلام يقظة أو يفكر في الماضي أو المستقبل.
ويعدّ الابتعاد عن الواقع بمثابة التمرين لهذا الجزء في المخ، وهو يلعب دورا مهما في تعزيز الذاكرة. كما أن الابتعاد عن الواقع المحيط، يؤدّي إلى تحسين المزاج.
وعرّف الباحث جيروم سينجر أستاذ علم النفس في جامعة يال الأميركية، أحلام اليقظة بأنها محاولة ذهنية لتحويل الانتباه من حالة فيزيائية أو عقلانية، باتجاه مشاهد خيالية ينسجها الدماغ لدوافع باطنية.
ونوّه علماء النفس بأن أحلام اليقظة دليل على العقل السليم ويمارسها حوالي 96 في المئة من البالغين بشكل منتظم، إلا أن الإكثار منها قد تكون له عواقب سلبية.
وتبقى النصيحة التي يقدمها بعض علماء النفس إذا ما واجه المرء صعوبة في التوقف عن التفكير في العالم الخارجي المحيط به. هي اللجوء إلى أساليب الاسترخاء مثل تمرينات التأمل. والتدريب على أحلام اليقظة وغيرها من الأساليب التي تساعد على عودة هرمونات الضغط إلى مستويات مقبولة.