متابعة: نازك عيسى
كشفت تجربة حديثة عن التأثيرات الكبيرة التي يمكن أن تحدثها التغيرات في الساعة البيولوجية للجسم عند الانتقال إلى توقيت زمني مختلف، حتى وإن كان الفرق مجرد 5 ساعات فقط.
أظهرت الدراسة أن الجسم يبدأ في التكيف مع التغيير الزمني في غضون 48 إلى 72 ساعة، حيث يعود تدريجياً إلى طبيعته. ووجد البحث أن حتى التحولات البسيطة في روتيننا اليومي قد تؤدي إلى اضطرابات مؤقتة في عمليات الأيض داخل الجسم، على الأقل في البداية.
في هذه التجربة، التي شارك فيها 14 شخصًا، تبين أن معظم الاضطرابات الأيضية التي طرأت نتيجة التغيير في الجدول الزمني بدأت في العودة إلى طبيعتها في غضون 48 إلى 72 ساعة. هذا يشير إلى أن أنظمتنا الداخلية تتمتع بمرونة ملحوظة، قادرة على التكيف بسرعة مع التغيرات.
وتساهم هذه القدرة على التكيف في تفسير سبب قدرة معظم الأشخاص على التكيف مع المناطق الزمنية الجديدة في غضون أيام قليلة فقط، دون معاناتهم من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة لفترة ممتدة.
أُجريت الدراسة في مختبر تابع لجامعة سوراي البريطانية، واستمرت لمدة 8 أيام. وافق المشاركون في الدراسة، الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة ولكنهم يعانون من زيادة الوزن أو السمنة الطفيفة، على تغيير روتينهم اليومي بشكل كامل لمدة 5 ساعات، بما يشابه تأثيرات السفر إلى مناطق زمنية بعيدة.
وفي إطار الدراسة، قام فريق البحث بالتحكم الدقيق في جميع العوامل المؤثرة، مثل توقيت الوجبات، التعرض للضوء، وجدول النوم. كما جمعوا بيانات مفصلة حول العمليات الأيضية للمشاركين، مثل سرعة معالجة الطعام داخل الجسم، كمية الطاقة المحروقة، وكيف تغيرت مستويات السكر والدهون في الدم على مدار اليوم.
كشفت النتائج أن حتى التحول الزمني البسيط (5 ساعات) كان له تأثيرات كبيرة على عمليات الأيض في الجسم. فور حدوث التغيير في التوقيت، أظهر المشاركون هضمًا أبطأ لوجبة الإفطار، وتغيرات في مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى تغيرات في عملية التمثيل الغذائي للدهون.
كما أصبح الجسم أقل كفاءة في تحويل الطعام إلى حرارة، وهي عملية تعرف بـ “التأثير الحراري للتغذية”.
من بين الاكتشافات المثيرة للاهتمام كان التغيير الذي طرأ على مستويات الميلاتونين، المعروف بـ “هرمون النوم”، الذي يعتبر مؤشرًا موثوقًا لساعة الجسم البيولوجية. بعد التغيير الزمني لمدة 5 ساعات، لاحظ الباحثون أن أنماط الميلاتونين لدى المشاركين تكيفت تدريجياً بمعدل يتراوح بين ساعة وساعة ونصف في اليوم.
ويعكس هذا التكيف التدريجي كيفية قيام أجسامنا بإعادة معايرة ساعتنا البيولوجية عند التغيير الزمني، مما يوضح أن الجسم لا يتكيف ببساطة بضغط زر، بل يخضع لعملية دقيقة ومنهجية تستغرق وقتًا.
تؤكد هذه التجربة أن التكيف مع التغيرات الزمنية ليس أمرًا مفاجئًا أو سريعًا، بل هو عملية معقدة يتطلب جسم الإنسان وقتًا وتعديلات تدريجية على مختلف العمليات البيولوجية.