متابعة – نغم حسن
انتهت هيئة البيئة – أبوظبي، من إجراء أول رحلة استكشافية لأبحاث الغلاف الجوي في الخليج العربي، على متن سفينة الأبحاث البحرية الحديثة “جيّون”.
وبحسب” وام”، تعتبر هيئة البيئة أول منظمة في العالم تقوم برحلة استكشافية بحثية لدراسة الغلاف الجوي، خلال رحلة بحرية لسفينتها البحثية من ميناء فيجو في إسبانيا إلى أبوظبي، والتي غطت 25 دولة، وثمانية بحار ومحيطات في رحلة قطعت أكثر من 10,000 كيلومتر من ديسمبر 2022 إلى يناير 2023.
وقام فريق الرحلة الاستكشافية لأبحاث الغلاف الجوي الرائدة في الخليج العربي، بإجراء دراسة شاملة لحركة النقل البحري، وما يتبع ذلك من تحولات لاحقة للهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين.
كما سعى الفريق إلى دراسة سُبُل انتقال التلوث من الخليج العربي إلى مناطق أخرى، وتقييم مساهمته في تكوين الأوزون في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد ضم فريق البحث خبراء وباحثين من هيئة البيئة – أبوظبي، ومركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي التابع لمعهد قبرص ومعهد ماكس بلانك للكيمياء من ألمانيا.
و تلقى المشروع دعما من خبراء ومختصين من جامعة بريمن الألمانية، ومختبر علوم المناخ والبيئة في فرنسا. وستشارك جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية من المملكة العربية السعودية في المشروع عندما يصل إلى مرحلة نموذج المحاكاة.
وقال سعادة المهندس فيصل الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع الجودة البيئية في هيئة البيئة – أبوظبي: “بعد رحلتنا الاستكشافية الناجحة لأبحاث الغلاف الجوي من فيجو في إسبانيا إلى أبوظبي لقياس جودة الهواء، أكملنا الآن بنجاح أول رحلة بحثية عن الغلاف الجوي في منطقة الخليج العربي من خلال سفينة الأبحاث “جيّون” التي أطلقتها الهيئة مؤخراً وتعتبر الأكثر تطوراً في المنطقة”.
وأشار:”إلى أنه سيتم جمع النتائج بواسطة فريق يضم نخبة من الخبراء من مختلف الجنسيات، وسيتم الاستفادة من النتائج، التي ستكون متاحة في عام 2024، في العديد من الأبحاث والدراسات. ومن منظور علمي، سيتم استخدامها لتعزيز فهمنا بشأن تكوين الأوزون في المنطقة، وتحسين نماذج الغلاف الجوي. ومن خلال الكشف عن ديناميات تكوين الأوزون وعلاقاته بالمصادر الإقليمية في هذا المجال الذي لم يتم من قبل دراسته بشكل كبير، سيكون لدى واضعي السياسات أساس أفضل لتنفيذ تدابير فعالة للتحكم في الانبعاثات وتنظيمها، وبالتالي معالجة القضايا المتعلقة بالأوزون”.
وأضاف سعادته: “يمكن أن تستفيد أبوظبي من الأبحاث والبيانات التي تم الحصول عليها من هذه الرحلة بعدة طرق، حيث ستساعد هذه الدراسة في تحديد مدى انتقال التلوث داخل الإمارة، التي تشهد مستويات عالية من الأوزون. ومن خلال فهم أنماط النقل هذه، يمكن لصنّاع السياسات والجهات المعنية وضع التدابير اللازمة، واتخاذ إجراءات للتخفيف من تأثير الأوزون على البيئة المحلية والصحة العامة”.
وأوضح المهندس فيصل الحمادي، أنه علاوة على ذلك، سيتم دمج البيانات التي تم جمعها مع شبكة مراقبة الغلاف الجوي الواسعة القائمة بالفعل في جميع أنحاء أبوظبي، وسيوفر هذا التكامل فهمًا أكثر شمولاً وتفصيلاً لمستويات الأوزون ونوعية الهواء في المنطقة. وسيمكن هذا الفهم المعزز الجهات المعنية من اتخاذ قرارات مستنيرة، وتنفيذ استراتيجيات فعالة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين جودة الهواء وحماية رفاهية السكان في أبوظبي.
وكانت هيئة البيئة – أبوظبي، وبتوجيهات من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة الهيئة، قد قامت ببناء سفينة الأبحاث الأكثر تقدمًا في الشرق الأوسط “جيّون”.
وتستخدم السفينة الحديثة والمتعددة الأغراض، التي يبلغ ارتفاعها 50 مترًا، للمحافظة على البيئة البحرية ومصايد الأسماك وتوفر تقنيات خضراء لإجراء أبحاث متخصصة في الخليج العربي، الذي يعتبر أكثر البحار سخونة في العالم وبمثابة مختبر طبيعي لتغير المناخ، وذلك في إطار رؤية وتطلعات دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعزيز إجراء البحوث والمبادرات القائمة على العلم والابتكار.
يذكر أن هيئة البيئة – أبوظبي كانت قد وقعت على مذكرة تفاهم مع جمعية ماكس بلانك – المنظمة البحثية الأكثر نجاحًا في ألمانيا، والتي كان منها 29 فائزًا بجائزة نوبل، بما في ذلك ألبرت أينشتاين، وتُصدر أكثر من 15,000 مطبوعة كل عام.
كما تضمنت أطراف الاتفاقية معهد قبرص، وهو مركز إقليمي لبحوث تلوث الهواء وتغير المناخ، والذي يبحث عن حلول مستدامة تضع في الاعتبار التحديات المجتمعية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.
نجحت السفينة في مراقبة الغلاف الجوي عبر ثمانية مسطحات مائية رئيسية هي المحيط الأطلنطي، والبحر الأبيض المتوسط، وخليج السويس، والبحر الأحمر، وخليج عدن، وبحر العرب، وبحر عمان، والخليج العربي، لتغطي بذلك ثلاث قارات هي أوروبا وأفريقيا وآسيا.
و تم تنفيذ الرحلة الاستكشافية على متن سفينة الأبحاث البحرية، التي طورتها هيئة البيئة – أبوظبي، وتم تزويدها بمعدات مراقبة متطورة تم تركيبها وتشغيلها من قبل باحثين من مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي التابع لمعهد قبرص، والذي يعتبر مركزاً إقليمياً رائداً للتميز في أبحاث تلوث الهواء وتغير المناخ، ومعهد ماكس بلانك للكيمياء، الذي يقوم بتنفيذ أبحاث رائدة ترتكز على الفهم الشامل للعمليات الكيميائية وتفاعلاتها في الغلاف الجوي لكوكب الأرض.
وخلال هذه الرحلة، تم رصد أكثر من 22 معيارًا مختلفًا، بما في ذلك المعايير المُنظِّمة لجودة الهواء، وتركيزات غازات الدفيئة، بالإضافة إلى المركبات العضوية المتطايرة والعواصف الغبارية وخصائص الهواء الجوي.
وقال البروفيسور الدكتور جوس ليليفيلد، المدير الإداري لمعهد ماكس بلانك للكيمياء: “من خلال التمييز بين مجموعة فريدة من المواقع في اتجاه الريح من الانبعاثات، سيتمكن الباحثون من تحديد تأثير الأنشطة البشرية على البيئة البحرية”.
وذكر البروفيسور جان سيار، مدير مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي التابع للمعهد قبرص: “تضع هاتان الرحلتان الاستكشافية الأساس لإجراء مسوحات جوية طويلة المدى في منطقة الخليج والتي ستوفر فهمًا أفضل للروابط المتبادلة بين تكوين الغلاف الجوي وتلوث الهواء وتغير المناخ. فهي تمهد الطريق نحو تطوير البنى التحتية البحثية في مجال الغلاف الجوي ذات القدرة التنافسية العالية والتي ستكون أساسية لمواصلة بناء القدرات وتعزيز التعاون العلمي الإقليمي”.
و ستكون نتائج أبحاث الغلاف الجوي من إسبانيا إلى أبوظبي، وبعثة أبحاث الغلاف الجوي في الخليج العربي ضرورية لتعزيز المعرفة بجودة الهواء والمساعدة في تطوير السياسات وخطط التخفيف من أجل بيئة أكثر أمانًا للجميع.