متابعة-جودت نصري
يبدأ الاكتئاب الموسمي عادة في أيام الشتاء القاتمة، ولكن هناك نوعٌ آخر أقل شيوعاً من الاكتئاب الموسمي يُصاب به البعض في أيام الربيع والصيف المشمسة، وهو وفقاً للخبراء، على القدر نفسه من الخطورة التي تحدث لمرضى الاكتئاب الموسمي في الشتاء.
وما يصل إلى 30 بالمائة من الأشخاص المصابين بالاكتئاب الموسمي يعانون من اكتئاب الصيف، لمدة تتراوح من أربعة إلى خمسة أشهر كل عام عندما يكون الطقس أكثر دفئاً.
أسباب الاكتئاب الصيفي
على الرغم من أن الخبراء لا يعرفون بالضبط ما الذي يسبب الاكتئاب الصيفي؛ فإنه مثل جميع الاضطرابات العقلية، فمن المحتمل أنه مرتبط بمجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك العوامل البيولوجية والبيئية والنفسية.
يمكن أن يكون الصيف وقتاً للمرح والاسترخاء والتحرر من المدرسة والعمل والالتزامات الأخرى، لكن بالنسبة للأشخاص المعرضين للاكتئاب، يمكن أن يشعر الشخص المُصاب بالاكتئاب الصيفي بأن هذا الفصل يحمل الكثير من التغيُّرات المفاجئة والأحداث العديدة.
على المستوى البيولوجي، تشير بعض الأبحاث إلى أن الاكتئاب الصيفي قد يكون مرتبطاً جزئياً بالسيروتونين الكيميائي في الدماغ، فبعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب الصيفي ينتجون الكثير من الميلاتونين، وهو هرمون يؤثر في دورة نومكِ؛ ما يجعلكِ مرهقة، وبالنسبة للأشخاص المصابين بالاكتئاب الصيفي، فإن هذه التغيُّرات في مستويات السيروتونين والميلاتونين يمكن أن تجعل من الصعب التكيف مع أيام أطول أو أقصر؛ ما يعطل روتينكِ اليومي، وكذلك نومكِ وسلوككِ ومزاجكِ.
يمكن أن يكون الطقس عاملاً مساهماً آخر في اكتئاب الصيف؛ فالكثير من الناس يجدون أن الحرارة والرطوبة لا تُطاق، ما يدفعهم إلى الانكفاء في منازلهم وتجنُّب ممارسة الرياضة أو الطهي بسبب الطقس؛ لذلك فالعزلة والخمول وتناول وجبات غير صحية يمكن أن تسهم في تدني الحالة المزاجية وانخفاض مستويات الطاقة.
وكما هي الحال بالنسبة للاضطراب العاطفي الموسمي، يمكن أن تؤدي الأيام الطويلة ذات الليالي الأقصر إلى مقاطعة أنماط النوم؛ ما يتسبب في انخفاض الطاقة في أثناء النهار.
علاج الاكتئاب الصيفي
هناك عدة عوامل تساعد في علاج الاكتئاب الصيفي، تعتمد بشكل أساسي على إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة، أبرزها ما يلي:
1- جعل النوم أولوية
الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب الصيف يمكن أن يُصابوا بالأرق أو عدم انتظام مواعيد النوم؛ إذ يمكن أن تجعل الأيام الطويلة المشمسة والليالي الحارَّة النوم صعباً، ما قد يضر بالصحة العقلية، ولكن تحديد أولويات نومكِ وتنظيمه يمكن أن يحسِّن مزاجكِ.
ويساعد التحول إلى وسائل المساعدة على الاسترخاء والتطبيقات عبر الإنترنت في الحصول على قسطٍ من الراحة، مثل استخدام تطبيقات الاسترخاء على الموبايل أو مقاطع الفيديو على يوتيوب.
من ناحية أخرى، قد يكون من المفيد فصل التكنولوجيا تماماً قبل النوم؛ إذ يمكن أن يؤدي استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية إلى تعطيل إنتاج الميلاتونين وزيادة القلق والتوتر، ما يزيد من صعوبة الاستسلام للنوم.
2- إنشاء روتين والتمسك به
اتباع روتين ثابت يمكن أن يساعدكِ على الشعور بمزيد من الحافز والتكامل، مع الاعتراف بأن قول هذا غالباً ما يكون أسهل من فعله للأشخاص المصابين بالاكتئاب؛ إذ يجب أن يتضمن الجدول الروتيني اليومي الأساسيات مثل: وقت الاستيقاظ، وتنظيف الأسنان بالفرشاة، والاستحمام، وأوقات الوجبات، والجدول الزمني لأي أدوية، ووقت النوم. ويُمكن أن يضم هذا الجدول الوقت لـ: الأسرة، وممارسة الأنشطة الاجتماعية، والرعاية الذاتية، والتمارين الرياضية، والأنشطة الإبداعية.
3- إفساح المجال للعواطف
عندما تغمركِ عواطفكِ، يمكن أن يتسبب ذلك في حزنكِ؛ لذلك فإن توفير مساحة لتجربة المشاعر يساعد أجسادنا على عدم الاضطرار إلى الانغلاق بالقدر نفسه؛ لذلكِ يُنصح بما لا يقل عن 10 دقائق يومياً للجلوس في مكان هادئ، وإغلاق عينيكِ، والشعور بكل مشاعركِ للتأمل أو التنبه لما يحدث بداخلكِ.
4- تجنُّب «مصائد الاكتئاب»
أحياناً تكون الطرق التي يحاول بها الناس التعامل مع الاكتئاب ليست في مصلحتهم الفضلى، وقد يؤدي الانخراط المفرط فيها إلى عادات يصعب هدمها، وتتضمن «مصائد الاكتئاب» الشائعة أو سلوكيات التأقلم غير الصحية، وهي ما يلي:
– تناول الطعام عند الشعور بالملل.
– لوم النفس باستمرار.
– لعب ألعاب الفيديو لساعات طويلة.
– قضاء الكثير من الوقت في التصفح على الهاتف أو الكمبيوتر.
– الإنفاق بما يتجاوز إمكانياتكِ أو احتياجاتكِ عبر الإنترنت وفي المتاجر.