متابعة- يوسف اسماعيل
تعتبر أساطير الأباطرة اليونانية من أشهر الأساطير التي انتشرت في العالم، ومن هذه الأساطير تأتي قصة “بروكرست” الغريبة التي لا تزال تثير الدهشة والفضول حتى الآن.
“بروكرست” هو رجل عاش في غابات أثينا، وكان يعتقد أنه النموذج الأمثل للأنسانية المتكاملة. كان يدعو المارة في الطريق للإقامة في منزله والنوم على سريره الحديدي، وكان يشدد على أن يتناسب حجم الضيف مع حجم السرير حتى يتماشى مع مقاييسه الخاصة. وإذا كان الضيف أطول من السرير، فإن “بروكرست” كان يقطع جزءاً من جسمه، وإذا كان أقصر، كان يشد الضيف بأدواته ليناسب طول السرير بالقوة حتى تتمزق المفاصل وتتفكك.
وكان بروكرست يتعامل مع ضيوفه بطريقة غير إنسانية، حيث كان يعاملهم بشكل ميكانيكي دون أي اهتمام بحاجاتهم الفردية أو مشاعرهم، وكان يركز فقط على إرضاء نفسه وتوافق جسده مع السرير.ك
ما يذكر أن بروكرست كان يتعامل بطريقة سيئة مع النساء اللواتي يأتين للإقامة في منزله، حيث كان يعاملهن بشكل مهين ويستغلهن جنسياً، وكان يجبرهن على النوم على السرير الحديدي الصلب الذي قد يسبب لهن الأذى والألم.
كما يعتبر بروكرست مثالاً على الانغماس الذي يمكن أن يصيب الأفراد في العصر الحديث، حيث يعيشون في عالمهم الخاص ويتجاهلون حاجات الآخرين ومشاعرهم، ويركزون فقط على تحقيق أهدافهم الشخصية دون أي اعتبار لتأثيرات تصرفاتهم على المجتمع.
لذلك، يجب أن نتعلم من قصة بروكرست ونحذر من الانغماس في الذات والتفكير الانتهازي، ونولي الاهتمام اللازم لحاجات الآخرين ونسعى لتحقيق التوازن بين النفس والمجتمع.
يشكّل مصطلح “البروكرستية” مرض العقل الحديث، حيث يصف الأشخاص الذين يتعاملون مع الناس على أساس قالب واحد أو سرير ثابت، دون أي اعتبار لحالتهم الفردية أو ما يعتريهم من دواخل أخرى. ويشير المصطلح الى انتشار تصورات خاطئة ومجازفات خطيرة تجاه الآخرين، والتي يمكن أن تؤدي إلى تداعيات سلبية على المجتمع.
في الوقت الحالي، يعتبر مصطلح “البروكرستية” أحد أهم أمراض العقل الحديثة، وقد ألهم العديد من الدراسات والأبحاث في مجال النفس والاجتماع، حيث يتم التركيز على أهمية الاعتناء بالحالة النفسية للفرد لتحقيق التوافق الحقيقي مع المجتمع. ونظرًا لأهمية الصحة النفسية في حياة الإنسان، يجب الحرص على توعية الجمهور حول مرض العقل الحديث، والتحذير من خطورة الاستسلام لمثل هذه الأفكار المرضية والتصرفات الخاطئة.