متابعة – نغم حسن
أعلنت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عن تفاصيل الاكتشافات الأثرية التاريخية الجديدة في الإمارة، والتي كشفت خلالها عن مواقع أثرية ومصنوعات يدوية تعود للعصر الحديدي وفترة ما قبل الإسلام، وتغطّي الفترة الزمنية الممتدّة من 1300 قبل الميلاد إلى 600م.
وبحسب صحيفة “البيان”، اكتشف فريق علماء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي كنوزاً أثرية أخرى عند انتهاء أعمال التنقيب الإنقاذية لجزء من مقبرة تعود لفترة ما قبل الإسلام (300 قبل الميلاد – 300م) عُثِرَ عليها أثناء تطوير الطرق والبنية التحتية في شعبية الكويتات في وسط المدينة، شرق متحف منطقة العين. وتم تحديد نحو عشرين قبراً فردياً، حيث كشفت التنقيبات فيها عن عدد من الأدوات المحفوظة جيداً بصورة استثنائية، منها جرة سليمة وغيرها من الخزفيات، والأوعية البرونزية، والأواني الزجاجية والمرمرية. كما عُثِرَ في المقابر على كميات كبيرة من الأسلحة الحديدية، مثل السهام والرماح وعدد من السيوف؛ أحدها بطول 70 سم بقي سليماً.
ويشير اكتشاف هذه المقبرة إلى وجود مستوطنة تعود إلى الفترة الزمنية نفسها، كانت تقع على الأرجح في مكان قريب. كما يوفِّر وجود قنوات المياه العميقة التي لوحظت في المنطقة دليلاً آخر على نشوء واحة العين القريبة خلال تلك الفترة، وإلى تطوُّر المشهد الاجتماعي في منطقة العين التاريخية.
وقادت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عمليات التنقيب الأثرية على امتداد 11.5 كم تشمل ثلاث مناطق في العين: الخريس والقطارة والهيلي. أسفرت عن اكتشافات أثرية تعود للعصر الحديدي، كما تضمُّ ضريحاً حجرياً ضخماً من العصر البرونزي وما لا يقل عن 35 قبراً لأفرادٍ من فترة ما قبل الإسلام تحتوي على مخابئ لأسلحة حديدية.
وحدَّد علماء الآثار أكثر من 50 فلجاً تاريخياً، وهي أنفاق مائية تحت الأرض كانت تُستخدَم لري البساتين والحقول، أُنشِئَت في عصور متعاقبة وباستخدام تقنيات مختلفة، بما يشير إلى وجود أنشطة زراعية متطورة وشبكاتِ ريٍّ منظَّمة يعود تاريخها إلى العصر الحديدي. وتدلُّ هذه الأنفاق القديمة على وجود رابط ملموس بأنظمة الزراعة التقليدية. كما أنها تظهر أنَّ الماضي القريب لمنطقة العين له في الواقع ارتباط وثيق ضارب في أعماق التاريخ.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «تأتي هذه الاكتشافات المهمة في العين ثمرةً لجهود دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي المتواصلة للتنقيب عن جذور تاريخ أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمحافظة على مقوماته الأصيلة. وتمنحنا الأبحاث الأثرية صورةً أكثرَ اكتمالاً لماضينا، وتُسهم في فهم رحلة تطوُّر مجتمعاتنا القديمة عبر الزمن ودعم البحث العلمي إقليمياً وعالمياً، بما يعزِّز فخرنا بإنجازات أسلافنا».
ومن بين الاكتشافات الأثرية، قطع خزفية تُستخدَم للطقوس الجنائزية والأنشطة الزراعية، وأواني حجرية ناعمة ومزخرفة وحلي وأصداف ومعادن وأسلحة، إلى جانب خبايا أثرية أخرى اكتشفت في المقابر والأضرحة. كما أُخذت عينات من تربة الموقع لتحليلها ومعرفة المزيد من المعلومات حول استخدامات البيئة القديمة ونوع المحاصيل المزروعة خلال العصر الحديدي في هذه المنطقة المكتشفة حديثاً.
تكمن أهمية هذه الاكتشافات في فترة ما قبل الإسلام في إظهار أنَّ الفترة التي كانت حتى وقت قريب غائبة نسبياً عن السجل الأثري في منطقة العين ليست حاضرة فحسب، بل تبدو واسعة الانتشار. حيث تدلُّ اكتشافات السيوف على استخدام أسلحة جديدة، الأمر الذي يشير إلى طبيعة الحروب ومعارك الفرسان التي حدثت في المنطقة في ذلك الوقت.
وتقود دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عمليات التنقيب والبحث الأثري المستمرة في أنحاء إمارة أبوظبي، في إطار جهودها المتواصلة لتعميق المفاهيم حول دولة الإمارات، وتحديد ملامحها التاريخية على مرِّ العصور والحفاظ على إرثها الثقافي. وتتعاون الدائرة مع المؤسَّسات التعليمية الرائدة والجهات الحكومية، لتزويد الطلبة والمعنيّين من مؤسَّسات وأفراد، بأحدث المعلومات والمعارف حول كيفية إدارة البيئة التاريخية وحمايتها.