متابعة: نازك عيسى
شارك وفد حكومة دولة الإمارات الممثل للأجهزة الإحصائية في الاجتماعات السنوية للجنة الإحصائية التابعة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والخمسين، التي عقدت أخيراً في مقر المنظمة الدولية بنيويورك.
وتعد هذه الاجتماعات أكبر تجمع دولي لخبراء الإحصاء وعلوم البيانات في العالم، ويشارك فيها رؤساء ومديرو الأجهزة الإحصائية ومراكز البيانات من مختلف دول العالم، إضافة إلى أكاديميين وخبراء ومستشارين في الهيئات الأممية والمنظمات الدولية، ومن ضمنها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو»، ومنظمة العمل الدولية، وغيرها من الجهات الدولية المختصة بالبيانات.
وضم وفد دولة الإمارات قيادات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، ومراكز الإحصاء الوطنية (مركز الإحصاء – أبوظبي، ومركز دبي للإحصاء، ودائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية بالشارقة)، وهيئة دبي الرقمية، وشارك الوفد في جلسات الاجتماعات وورش العمل المصاحبة، التي شهدت فعاليات وجلسات متخصصة تناولت مستقبل الإحصاءات الاقتصادية، وتنسيق البرامج الإحصائية وإحصاءات التجارة الدولية، وإحصاءات الأسعار والحسابات القومية، وبرنامج المقارنات الدولية، والإحصاءات الديموغرافية، وإحصاءات التنمية البشرية والصحية، والبيانات الضخمة، والبيانات المفتوحة، وأحدث منهجيات واستراتيجيات العمل الإحصائي، وتقنيات نشر البيانات الإحصائية، إضافة إلى أهمية البيانات والمؤشرات المتعلقة بخطة أهداف التنمية المستدامة 2030.
تعزيز العمل الدولي
وأكدت حنان منصور أهلي، مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، رئيس وفد الدولة، في كلمة لها، أن دولة الإمارات تحرص على المشاركة في الاجتماعات السنوية للجنة الإحصائية التابعة للأمم المتحدة، التي تعد من أكبر التجمعات الدولية لخبراء الإحصاء حول العالم، وذلك في إطار توجيهات قيادة الدولة بتعزيز العمل الدولي المشترك مع المنظمات الأممية، والشركاء الدوليين في مجال الإحصاء وعلوم البيانات، وضرورة تضافر الجهود الدولية لتسخير البيانات الضخمة، لخدمة المجتمعات وصياغة المبادرات لتعزيز السياسات الحكومية، وعقد المزيد من الشراكات المبتكرة بين القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول لتعزيز جودة حياة المجتمعات، وضرورة العمل كمجتمع عالمي لتوحيد الجهود وتصميم الحلول الفعّالة من أجل غدٍ أفضل للبشرية.
واستعرضت حنان أهلي تجربة دولة الإمارات في استضافة المنصة الإقليمية للأمم المتحدة للبيانات الضخمة، التي تغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تعتبر المنصة في الإمارات واحدة من أربع منصات إقليمية حول العالم في كل من الصين والبرازيل ورواندا.
وأشارت إلى عدد من الشراكات الاستراتيجية التي عقدتها حكومة دولة الإمارات في مجال البيانات الضخمة بالتعاون مع القطاع الخاص، سواءً مع شركات عالمية كبرى، مثل «ميتا» و«ڤيزا العالمية»، أو مؤسسات وطنية رائدة ذات الامتداد الإقليمي، مثل شركة «ماجد الفطيم».
وتطرقت حنان أهلي إلى المنتدى العالمي للبيانات الذي نظمه المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2023 في دبي في فبراير الماضي، والذي حضره قادة حكوميون ووزراء ومسؤولون أمميون وتنفيذيون من القطاع الخاص والأكاديمي، بحثوا سبل تسريع مستقبل البيانات لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
كفاءات تدريبية
وفي كلمته أمام الملتقى، أشاد رالف بيكر، رئيس إدارة القدرات الإحصائية في الأمم المتحدة، عضو فريق عمل الكفاءات التدريبية وتنمية القدرات بشعبة الإحصاءات والبيانات الضخمة في الأمم المتحدة، بالجهود التي تصب في صالح المنصات الإقليمية من قبل القطاع الخاص، وقال بيكر: «بالنظر إلى قطاع البيانات حول العالم، نرى أن هناك خيارات عديدة وتحديات جديدة ناتجة عن مفهوم الإحصاء التقليدي، والتي يمكن التغلب عليها من خلال تطبيق أفكار مبدعة وتوجهات مبتكرة تسهم في تحقيق مكانة أفضل للدول».
وأشاد بيكر بالجهود التي بذلتها دولة الإمارات من خلال استضافتها المنصة الإقليمية للبيانات الضخمة للأمم المتحدة، ودورها الفعال في تقديم البيانات والخدمات لمستخدمي المنصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد أحمد محمود فكري، مدير عام مركز الإحصاء – أبوظبي، أهمية المشاركة في الاجتماعات الدولية والمؤتمرات والندوات العلمية التي تصب في جوهر أعمال المراكز الإحصائية الوطنية، وقال: «لهذه الاجتماعات دور كبير في الاطلاع على أحدث ما توصلت إليه المعايير الإحصائية الدولية، وهي تتيح لوفود الدول المشاركة فرص اللقاء والتواصل مع الخبراء والمختصين، والاستفادة من التجارب والممارسات الناجحة وتبادل الخبرات والمعرفة، إضافة إلى الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في مجالات تطوير القدرات الإحصائية وعلوم البيانات، وذلك في ظل تنامي التوجه العالمي واهتمام الدول والحكومات بالاستثمار في البيانات والإحصاءات؛ لما لها من تأثير واضح على دعم سياسات التطوير وتعزيز مبادرات التنمية المستدامة».
نُضج تجربة البيانات
وحول أهمية هذه الاجتماعات قال يونس آل ناصر، مساعد المدير العام لدبي الرقمية، المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي: «وفرت اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة وما رافقها من فعاليات واجتماعات مساحة لنا ولقادة البيانات والإحصاء والمدن حول العالم للاطلاع على نُضج تجربة البيانات، والتعرّف على نقاط القوة في توظيفها، وفرص التطوير بما يتناسب والأهمية الاستراتيجية المتنامية لها بوصفها دعامة لاتخاذ القرار والتخطيط، وفي الوقت ذاته يثلج الصدر ما لمسناه من تقدّم تجربتنا في الإمارات بمجال توظيف البيانات في المجتمع والعمل الحكومي مقارنة مع صدارة دول العالم في المجال. وكانت فرصة لنا، نحن وفد دولة الإمارات، أيضاً للاطلاع على أحدث ما توصل له العلم وتُطبقه الحكومات في المجال، إضافة إلى عرض تجاربنا أمام صنّاع القرار العالميين، وكذلك كنّا جزءاً من الحوار الدولي الذي سيسهم في شكل توظيف البيانات عالمياً».
وقال الشيخ محمد بن حميد القاسمي، رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية بالشارقة: «نسعى في دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية بالشارقة لتوفير بيانات إحصائية دقيقة بمعايير عالمية يعتمد عليها صنّاع القرار في اتخاذ القرارات التي تخدم رفاهية وسعادة مجتمع الإمارة، ومن هنا تتجلى أهمية مشاركة الدائرة في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية المختصّة بتطوير العمل الإحصائي وعلوم البيانات، بهدف دعم منظومة العمل الإحصائي في الدولة، ومتابعة أحدث التوصيات العالمية من خلال ورش العمل والجلسات الجانبية التي تعرض فيها الدول المشاركة تجاربها الناجحة، ما يمكّن من تطبيق أفضل الممارسات في هذا القطاع الحيوي والاستفادة من المنهجيات التي تدعم برامج التنمية الشاملة المستدامة لمواطني الإمارة والمقيمين فيها».
اجتماعات ثنائية
في سياق متصل، عقد وفد دولة الإمارات على هامش مشاركته في اجتماعات اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة في نيويورك العديد من الاجتماعات الثنائية، حيث التقى حيدر فريحات، مدير شعبة الإحصاء في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، لمناقشة تعزيز التعاون مع «الإسكوا» في مجال العمل الإحصائي وعلوم البيانات.
والتقى وفد الدولة مسؤولين في صندوق النقد الدولي، في اجتماع لمناقشة سبل احتساب بعض البيانات الخاصة بالاقتصاد والبيئة، والحسابات القومية، ومعايير تحليل صندوق النقد الدولي للبيانات الخاصة بدولة الإمارات.
كما التقى وفد الإمارات مسؤولين من الاتحاد الدولي للاتصالات، ضمَّ إسبيرانزا ماغبانتاي، كبيرة الإحصائيين في الاتحاد، وأورسولا وينهوفن، ممثلة الاتحاد الدولي للاتصالات لدى الأمم المتحدة، في نيويورك، حيث تبادل الطرفان توسيع أطر التعاون بين الجهات الإحصائية الرسمية في الدولة، والاتحاد الدولي للاتصالات.
وشملت اللقاءات اجتماعات ثنائية مع كل من وكالة الإحصاء في جمهورية أوزبكستان، ومع مدير مكتب تخطيط السياسات الإحصائية في وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات في اليابان، حيث دار الحديث حول مشاريع البيانات والجهود الإحصائية المبذولة وسبل التعاون المشترك.
الجدير بالذكر أن اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة التي تأسست في عام 1947، تعد أعلى مرجع إحصائي دولي، وتهدف إلى تطوير وتوحيد المعايير الإحصائية الدولية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال الإحصاءات، وتضم اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة ممثلين عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من كبار الخبراء الإحصائيين، والمختصين بعلوم البيانات، إضافة إلى عدد من الجهات الدولية والإقليمية والمنظمات ذات الصلة بالبيانات،
وتبحث اللجنة في اجتماعاتها السنوية كل القضايا المتعلقة بتطوير نظام الإحصاءات الرسمية العالمي، وتصدر التوجيهات لتحسين وتطوير العمل الإحصائي، إضافة إلى اعتماد المنهجيات والأدلة والمعايير والتصنيفات الإحصائية الدولية الجديدة.