متابعة: نازك عيسى
لم تكن الأنظمة الاقتصادية والصحية وحدها عرضة للفوضى التي نشرتها جائحة “كوفيد-19”. وفقاً لبعض الدراسات الأولية، يبدو أنّ فيروسات أخرى سقطت ضحية الجائحة. إلى حدّ الانقراض ربما.
ويبدو أنّ الجائحة قد نشرت الفوضى بين فيروسات الإنفلونزا الموسمية. وسط الإغلاقات والقيود على السفر والتباعد الاجتماعي، ألغي موسم إنفلونزا 2020-21 بالكامل. ولم يكن ذلك يعني انخفاضاً عالمياً غير مسبوق في عدد المرضى بالإنفلونزا وحسب، بل أيضاً انهياراً درامياً في التنوع الجيني لسلالات الإنفلونزا المنتشرة.
والأكثر بروزاً في هذا الإطار أنّ سلالة كاملة، واحدة من أربع مجموعات إنفلونزا مستهدفة باللقاحات الموسمية، اختفت تماماً ويبدو أنها انقرضت.
ولاحظ باحثون غياب السلالة السنة الماضية بينما كانت الإنفلونزا تكافح للتعافي من الضربة القاسية للجائحة. لكن الآن، عادت الإنفلونزا مع تهديد بنشر موسم بغيض في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. ومع ذلك، لا تزال سلالة بي/ياماغاتا مفقودة، وفقاً لدراسة صادرة الأسبوع الماضي في مجلة “يورو سورفَينس”. لم يتم اكتشاف هذه السلالة منذ أبريل (نيسان) 2020. والسؤال أيضاً عما إذا كانت قد انقرضت يبقى مفتوحاً.
ماذا يعني غياب بي/ياماغاتا بالنسبة إلى مستقبل مواسم الإنفلونزا ولقاحاتها مثار تكهن هو الآخر. تذكّر مول قراءها بأنه خلال السنوات الأخيرة، انتشرت أربعة أنواع رئيسية من الإنفلونزا الموسمية بين البشر. نوعان من فئة “أ” وهما فرعان لفيروسات “أتش 1 أن 1″ و”أتش 3 أن 2”. والنوعان الآخران من فئة “ب” وهما فرعان لسلالتي “فيكتوريا” و”ياماغاتا”.
يعني وجود عدد أقل من فيروسات الإنفلونزا أنّه قد يكون من الأسهل مطابقة اللقاحات المستقبلية للفيروسات المنتشرة، ما يجعل الجرعات الموسمية أكثر فاعلية. لكن عودة ظهور مفاجئة لسلالة بي/ياماغاتا قد تصبح خطيرة مع فقدان الناس لمناعتهم.
تعود مول إلى دراسة “يورو سيرفَينس” التي أشارت إلى أنّ قاعدة البيانات الدولية للتسلسل الجيني لفيروسات الإنفلونزا السنوية التي تحصل عادة على آلاف المتواليات السنوية لم تتلقَ أي متوالية لـ”بي/ياماغاتا” بعد مارس 2020. تحتوي بيانات مراقبة “فلو نت” التابعة لمنظمة الصحة العالمية على عدد صغير من التقارير عن السلالة المفقودة: 43 سنة 2021، معظمها من الصين، وثماني حالات متفرقة من أربعة بلدان سنة 2022. بالمقارنة، كان هناك أكثر من 51 ألف اكتشاف لهذه السلالة سنة 2018.
يستنتج معدو الدراسة أن هذا الرقم الصغير للحالات المذكورة قد يكون ببساطة بصمات لـ بي/ياماغاتا من لقاحات تحمل فيروسات إنفلونزا مخففة، عوضاً عن أنّ تكون فيروسات منتشرة. أو يمكن أن تكون تلوثاً وراثياً من لقاحات فيروس معطل. دعا الباحثون مختبرات مراقبة الإنفلونزا إلى زيادة الجهود لاكتشاف أي حالات لسلالة ياماغاتا لتحديد ما إذا كانت قد اختفت أم محدودة الانتشار. واقترحوا أيضاً على منظمة الصحة العالمية تحديد المعيار الذي يحدد متى يمكن إعلان انقراض سلالة فيروسية والتداعيات المترتبة على ذلك.