كان نزول هذه السّورة العظيمة على النبيّ الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- في عام الحزن، يوم فقد عمّه أبا طالب وزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فكانت هذه السّورة ممّا أزال الهمّ والحُزن عن قلب النبيّ الكريم؛ لذلك يرى عددٌ من علماء المسلمين استحباب قراءة هذه السّورة العظيمة للمهموم والحزين؛ لأنّها تحمل كثيرًا من أسرار الفَرَج بعد الشِّدة، واليُسر بعد العُسر.
و دلّ أيضًا على فضل سورة يوسف أنّ عددًا من الصّحابة -رضي الله عنهم- كانوا يُحبّون قراءة سورة يوسف، خاصّةً في صلاة الفجر، وعلى مقدّمتهم عمر وعثمان رضي الله عنهما، فعن الفرافصة قال: (ما أخَذتُ سورةَ يوسفَ إلَّا مِن قراءةِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ إيَّاها في الصُّبحِ، مِن كثرةِ ما كانَ يُردِّدُها)، وقال علقمة بن وقاص رضي الله عنه: (كان عُمرُ بنُ الخطَّابِ -رضي اللهُ عنه- يَقرَأُ في العتمةِ سورةَ يوسفَ وأنا في آخرِ الصّفوفِ، حتّى إذا جاء ذِكرُ يوسفَ، سمِعتُ نشيجًا).
قضاء الحاجات بالسرّ والكِتمان، وخاصّة الأخبار التي رُبّما تضرّ الإنسان؛ حيث أمر سيّدُنا يعقوب سيّدَنا يوسف -عليهما السّلام- بكتم الرُّؤيا التي رأى فيها سجود الشّمس والقمر والكواكب له؛ حتّى لا يكيد له إخوته كيدًا يضرُّه.
الثّبات على الحقّ ومُجابَهة الفِتن؛ فسيّدنا يوسف -عليه السّلام- بقي ثابتًا على دينه ودعوته ومنهجه أمام إغراءات امرأة العزيز وفِتَن السُّلطان، حتّى إنّه تحمّل في سبيل ذلك آلام السّجن، وقد كانت عاقبة ثباته على الحقّ أن مكّن الله له في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء.
حقيقة الغيرة بين الإخوة التي قد تؤدّي إلى الضُّر، وأحيانًا محاولة القتل كما فعل إخوة يوسف؛ حيث قالوا: (اقتلوا يوسف).
الفرَج بعد الشِّدّة واليُسر بعد العُسر سُنّة إلهيّة للأنبياء والصّالحين؛ فقد صبر يعقوب -عليه السّلام- على بُعد ابنه وفقدانه، وكانت عاقبة الصّبر الجزاء الحسَن في الدّنيا؛ حينما جمع الله شمل العائلة من جديد مع ما ينتظرها من الجزاء الحسَن في الآخرة.
خطورة الخُلوة المُحرَّمة بالمرأة؛ فهي من خطوات الشّيطان ، قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ).
تعبير الرُّؤيا بمثابة الفتوى؛ وذلك لِما ورد في السّورة في قوله تعالى: (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ)، ولذلك قال العلماء لا يجوز لِمن لا يعرف في تعبير الرُّؤى أن يتكلّم فيما لا يعلم.
السّعي إلى اتّخاذ الأسباب الجائزة للنّجاة من المصائب؛ حيث قال يوسف عليه السّلام: (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ)؛ حتّى يذكر من خرجَ من السّجن القصّة للملك، ويُجري الملك تحقيقًا في الموضوع، فيكون هذا هو سبب خروج سيّدنا يوسف من السّجن بريئًا.
جواز طلب التّمكين من المنصب؛ إذا كان هذا المنصب يخدم شرع الله ويُبيَّن قدرات يوسف -عليه السّلام- للملك دون أن يضُرّ نفسه، على أن تكون نيّته خالصةً لله، وقد ورد هذا في قوله تعالى:(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)، أمّا من طلب المنصب لنفسه، فيوكِله الله -جلّ جلاله- إلى نفسه ولا يُعينه، فيكون المنصب له فِتنةً.