بقلم رئيس التحرير: حسام حسين لبش
يكفي استذكار أن الحكومة البريطانية وبتوجيه من رئيسها، كانت أول جهة في العالم تقترح تعويم وباء كوفيد 19 لدى الإعلان في الشهر الأول لانتشاره عن ضرورة تطبيق “مناعة القطيع” لنعرف أن بريطانيا، الرسمية قبل الطبية، مسؤولة بشكل مباشر ورئيسي، عن انتشار الوباء على هذا النحو.
ونستذكر تماما أن الحكومة البريطانية كانت أول منظومة حاكمة تتلقى الانتقادات من شعبها ونظامها الطبي بسبب التراخي في مكافحة الوباء في بداياته، وهذا إن قادنا إلى نتيجة، إنما يقودنا إلى أن لندن ليست مسؤولة عن قرابة 4 ملايين بريطاني مصاب بالفيروس وحسب، بل وعن عشرات الملايين من الإصابات حول العالم، ذلك من خلال التواصل الذي لم ينقطع بين بلد عوّمت حكومته المشكلة الوبائية وبين دول أخرى بقيت مخدوعة بإمبراطورية غابرة ما زالت تردد شعار العصور الوسطى عن أنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
إزاء ذلك، وبدلا من أن تخطو بريطانيا وعبر إعلامها المسيّر، خطوات نحو تصحيح المسار، والاعتراف بالأخطاء التي قد تحولها إلى ذات فضيلة، نراها تهاجم دبي وتتهمها بما ليس فيها.
إن القارئ للحال في بريطانيا ومنذ عشرين عاما، يلحظ أن البريطانيين يعيشون قناعة مؤلمة تفيد بأن دبي هي المدينة العالمية المقبلة التي ستزيح لندن عن عرش الاقتصاد والحياة والمستقبل. وعلى ذلك فإن كل ضربة يتعرض لها العالم، اقتصاديا أو صحيا، نرى صحف بريطانيا وشاشاتها، تترك الحقيقة وتمسك بدبي لتصورها أمام الرأي العام العالمي على أنها مسؤولة.
بالطبع فإن اتهام دبي من قبل لندن لا يضر دبي بشيء، لا بل يمكن اعتبار ذلك اعترافا بقيمة دبي العالمية، إذ إن من يوجه أصابع الاتهام ليس مدينة صغيرة، بل هي لندن، ولكن في الواقع، يحق لدبي اليوم وقبل أي ساعة مقبلة، أن تقول للعالم أجمع ما عليه فعله أو التيقن منه حيال لندن التي عجزت عن البقاء في الاتحاد الأوروبي، وبالكاد نجت من انفصال اسكتلندا عنها، تلك المشاكل التي دأب الإعلام البريطاني على تصويرها إنجازات، ونحن في عصر فقد فيه المهزومون القدرة على تحويل الهزيمة إلى انتصار بموجب خطاب.
دبي كافحت وما زالت تساعد العالم في مواجهة الوباء، والسنوات المقبلة ستشهد على من كان ومن لم يكن، ومن سيكون ومن لن يكون.