تزايدت المخاوف في الآونة الأخيرة من احتمال احتواء الأسماك على مستويات مضرة من الملوثات والمعادن، ولا سيما مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور.
وهذه المركبات الكيميائية الصناعية كانت تُستخدم بكميات هائلة حول العالم قبل حظر إنتاجها.ولا تزال آثارها باقية في التربة والمياه. وربطت دراسات بين مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور وبين طائفة من الآثار السلبية على مختلف أجهزة وأعضاء الجسم، بدءا من الجهاز المناعي ووصولاً إلى الدماغ.
وعثر على آثار مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في منتجات الألبان ومياه الشرب وغيرها. لكن أعلى نسب من هذه المركبات توجد في الغالب في الأسماك.
أثيرت مخاوف كبيرة حول احتمالات احتواء الأسماك على مستويات مضرة من الملوثات والمعادن
لكن جوناثان نابيير، المدير العلمي بمركز أبحاث روثامستد في هيرتفوردشير بإنجلترا.يقترح حلاً غير متوقع للحد من استهلاك مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور من الأسماك.
ويقول نابيير: “مشكلة تراكم المركبات السامة قد تكون أكثر انتشاراً بين الأنواع التي يجري اصطيادها من المصائد الطبيعية البرية للاستهلاك البشري”. وذلك لأن العناصر التي تتغذى عليها الأسماك المستزرعة تنظف أولاً لإزالة المركبات السامة منها. ولهذا كثيرا ما تكون الأسماك المستزرعة أكثر أماناً من الأسماك التي تجمع من المصائد الطبيعية.
غير أن الاستزراع المائي له تبعات سلبية أيضاً على البيئة. مثل تلويث المحيطات بالمخلفات. وقد تصبح مزارع الأسماك بؤرة للأمراض التي قد تتسرب إلى المسطحات المائية الطبيعية.
وتوصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا الحوامل والمرضعات بالحد من استهلاك أنواع الأسماك التي يرجح أنها تحتوي على ملوثات. مثل مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور ودايوكسين، بحد أقصى مرتين أسبوعيا. وتتضمن هذه الأنواع الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين. وبعض الأسماك غير الدهنية كسرطان البحر والقاروص. وتقدر الحصة الواحدة بنحو 140 غرام.
وأثيرت مخاوف أيضاً حول احتواء الأسماك على الزئبق. وهو سم عصبي قد يخترق المشيمة ويؤثر على نمو الطفل. وربطت دراسات عديدة بين استهلاك الزئبق وبين السرطان ومرض السكري وأمراض القلب. وبالرغم من وجود الزئبق في أطعمة أخرى. مثل الخضروات. فقد أشارت دراسة إلى أن الأسماك والمأكولات البحرية. هي المصدر الرئيسي لنحو 78 في المئة من استهلاك المشاركين للزئبق.
وأوصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الحوامل بالحد من استهلاك بعض الأنواع من الأسماك. مثل التونا والهاليبوت. إلى حصة واحدة أسبوعياً .
لكن هذه المخاوف بشأن تراكم المعادن الثقيلة في الأسماك يصفها نابيير بأنها مبالغ فيها. ويقول إن تراكم المعادن قد يكون مضراً في الأنواع التي تعيش عمرا أطول نسبيا، مثل سمكة السيف التي قد تعيش من 15 إلى 20 عاما. وقد يصل تركيز الزئبق في جسمها إلى 0.995 جزء في المليون. في حين أن تركيز الزئبق في أجسام السلمون. الذي يعيش ما يتراوح بين أربعة وخمسة أعوام. قد يبلغ نحو 0.014 جزء في المليون.
وذكرت وكالة حماية البيئة الأمريكية أن الحد الأقصى لتركيز الزئبق المسموح للحوامل بتناوله في المرة الواحدة أسبوعياً. 0.46 جزء في المليون.
غير أن هذه المشكلة من المتوقع أن تتفاقم بعد أن أشارت أدلة إلى أن مستويات الزئبق قد ترتفع في المحيطات مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. لأن ذوبان التربة دائمة التجمد في المنطقة القطبية الشمالية يطلق الزئبق الذي كان محتجزاً داخلها في الممرات المائية.
ويقول نابيير إن الزئبق يشكل خطراً ضئيلاً على الصحة. لا يقارن بالفوائد التي يجنيها الجسم من تناول السمك. ولا سيما الأوميغا 3.
تنصح الحوامل بعدم تجاوز حصتين أسبوعيا من الأسماك الدهنية. مثل سمك الإسبراط (الرنجة الصغيرة). لاحتوائها على نسبة عالية نسبياً من مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور