متابعة- بتول ضوا
في ظل الاستعدادات الجارية لأعمال ترميم كبرى في متحف اللوفر، برزت فكرة غير متوقعة أثارت حماس عشاق الفن والتاريخ على حد سواء: نقل لوحة الموناليزا الشهيرة مؤقتًا إلى قصر فونتينبلو، المكان الذي احتضنها لأول مرة بعد أن اقتناها الملك فرانسوا الأول في القرن السادس عشر.
ما بدأ كمزحة أطلقها النائب الفرنسي فريدريك فالتو، تحول بسرعة إلى مقترح جاد، مدعومًا بعريضة شعبية حصدت مئات التوقيعات في أيام قليلة. الفكرة تهدف إلى إعادة تسليط الضوء على قصر فونتينبلو كوجهة ثقافية رائدة، وإحياء تاريخه الفني العريق.
عمدة المدينة، جوليان جوندار، كان من أبرز المؤيدين لهذه الفكرة، حيث اقترح أن تكون الموناليزا ضيفة مؤقتة في القصر الذي شهد بداية رحلتها في فرنسا. “بدلاً من إرسالها إلى إيطاليا، لماذا لا تعود إلى فونتينبلو؟ ستكون عودة إلى نقطة البداية”، قال جوندار.
ومن بين المتحمسين للفكرة، الشاب ماكسيم بايداكوف، طالب دراسات عليا في الحقوق يبلغ من العمر 22 عامًا، والذي أطلق عريضة على الإنترنت تحت عنوان “نعم لنقل الموناليزا إلى قصر فونتينبلو خلال أعمال الترميم في اللوفر”. وفي غضون أيام، جمعت العريضة أكثر من 300 توقيع، مما يعكس اهتمامًا شعبيًا واسعًا بالفكرة.
بايداكوف، الذي نشأ في فونتينبلو، يرى في هذه المبادرة فرصة لتسليط الضوء على المدينة ومنطقة سين ومارن الجنوبية، فضلاً عن توفير تجربة فريدة للزوار للاستمتاع باللوحة بعيدًا عن الزحام المعتاد في اللوفر. “حتى لو بدأت الفكرة كمزحة، فإنها تستحق المحاولة”، يقول بايداكوف.
من الناحية التاريخية، فإن الفكرة ليست بعيدة عن الواقع. فقد بقيت الموناليزا في قصر فونتينبلو لما يقرب من قرن، منذ عام 1530، قبل أن يتم نقلها إلى باريس في عهد الملك لويس الرابع عشر. لذا، فإن عودتها المؤقتة إلى القصر ستكون بمثابة إحياء لتاريخها الفني والثقافي.
غير أن الموقف الرسمي لا يزال متشددًا. إدارة اللوفر تؤكد أن الموناليزا لن تغادر المتحف، سواء قبل أو خلال أعمال الترميم. “بمجرد الانتهاء من القاعة الجديدة، سيتم نقل اللوحة إليها مباشرة”، وفقًا لتصريحات رسمية.
رغم ذلك، يظل الحالمون متمسكين بالفكرة، معتبرين أن فونتينبلو هو المكان الأمثل للموناليزا، ولو لفترة محدودة. كما كتب أحد الموقعين على العريضة: “فونتينبلو هو المكان الذي بدأت فيه رحلة الموناليزا في فرنسا، ومن المنطقي أن تعود إليه، ولو لبعض الوقت”.
في النهاية، سواء تحول هذا الحلم إلى واقع أم لا، فإن الفكرة نجحت بالفعل في إثارة نقاش ثقافي واسع، وإعادة تسليط الضوء على قصر فونتينبلو كرمز للفن والتاريخ في فرنسا.