متابعة بتول ضوا
لطالما أثارت الثقوب السوداء فضول العلماء وعامة الناس على حد سواء. هذه الأجرام السماوية الغامضة ذات الجاذبية الهائلة التي لا يُمكن حتى للضوء الإفلات منها، تُخبئ أسرارًا كونية لا تُصدق. لكن ماذا سيحدث لو سقط شخص ما في ثقب أسود؟ هل سيتمزق إلى أشلاء؟ هل سينتقل إلى عالم آخر؟ هذا ما سنحاول استكشافه في هذا المقال.
ما هو الثقب الأسود؟
قبل الخوض في تفاصيل السقوط في ثقب أسود، من المهم فهم ماهيته. الثقب الأسود هو منطقة في الزمكان ذات جاذبية قوية للغاية لدرجة أنه لا يُمكن لأي شيء، ولا حتى الجسيمات أو الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الضوء، الإفلات منها. تُتشكل الثقوب السوداء عندما تنهار النجوم الضخمة في نهاية حياتها، مُخلفة وراءها منطقة ذات كثافة لانهائية تُعرف بالتفرد.
سيناريوهات السقوط في ثقب أسود:
هناك سيناريوهان رئيسيان لما قد يحدث لشخص يسقط في ثقب أسود، اعتمادًا على حجم الثقب الأسود:
الثقوب السوداء الصغيرة (النجمية): في هذه الحالة، ستكون قوى المد والجزر هائلة للغاية. قوى المد والجزر هي الاختلاف في قوة الجاذبية بين أجزاء الجسم المختلفة. فإذا سقط الشخص بقدميه أولاً، ستكون قوة الجاذبية على قدميه أكبر بكثير من رأس، مما سيؤدي إلى تمدد الجسم بشكل كبير ليُصبح أشبه بـ “المعكرونة” في عملية تُعرف بـ “التبخير” (Spaghettification). هذه العملية ستكون سريعة ومؤلمة للغاية.
الثقوب السوداء فائقة الضخامة: هذه الثقوب توجد في مراكز المجرات، وهي أكبر بكثير من الثقوب النجمية. في هذه الحالة، قد لا يشعر الشخص بقوى المد والجزر بشكل كبير في البداية، حيث سيكون الاختلاف في قوة الجاذبية بين أجزاء الجسم أقل وضوحًا. قد يتمكن الشخص من عبور أفق الحدث (نقطة اللاعودة) دون أن يشعر بأي شيء غير عادي.
ما وراء أفق الحدث:
ما يحدث بالضبط وراء أفق الحدث لا يزال لغزًا كبيرًا. تُشير بعض النظريات إلى احتمالية وجود:
التفرد: وهي النقطة المركزية في الثقب الأسود حيث تُصبح الكثافة لانهائية. قوانين الفيزياء كما نعرفها تتوقف عن العمل عند هذه النقطة.
الثقوب الدودية: وهي ممرات افتراضية تربط بين نقطتين متباعدتين في الزمكان، أو حتى بين كونين مختلفين. يُعتقد أن بعض الثقوب السوداء قد تكون بوابات لهذه الثقوب الدودية.
الزمكان المنحني: تُشير نظرية النسبية العامة لأينشتاين إلى أن الجاذبية هي انحناء في الزمكان. داخل الثقب الأسود، يكون هذا الانحناء شديدًا للغاية، مما قد يؤدي إلى تشوهات زمنية ومكانية غريبة.
الرؤية من الخارج:
من منظور مراقب خارجي، لن يرى الشخص يسقط في الثقب الأسود. بدلاً من ذلك، سيُلاحظ تباطؤ حركة الشخص تدريجيًا كلما اقترب من أفق الحدث، حتى يتجمد تمامًا عند هذه النقطة. يُعزى ذلك إلى تأثير تمدد الزمن الناتج عن الجاذبية الهائلة للثقب الأسود