متابعة-جودت نصري
أن تكون أمًا وحيدة لطفل أو أكثر؛ بسبب غياب والدك عن المنزل لأسباب السفر أو الوفاة أو الطلاق، يجعلك تمر بمشاعر كثيرة، وتعيش لحظات طويلة من الخوف والوحدة والإحباط والاكتئاب والتوتر والغضب. إذا لم يتم التحكم في هذه المشاعر بشكل جيد، فسوف تؤثر على كل شيء، بما في ذلك قدرتك. واهتمامك بتلبية احتياجات أطفالك.. ولهذا يجب أن تتعلمي خطوات ذكية لكيفية تعامل الأم العزباء مع أطفالها، والمسؤولية الكبرى هي: لعب دور الأم والأب في نفس الوقت، وأخذ دور الأم العزباء في نفس الوقت. خطوات إيجابية متوازنة مع الاهتمام بهم نفسياً، ومادياً، وأكاديمياً، وحياتياً أيضاً.
رحلة التربية.. تبدأ بخطوة
في المراحل الأولى من رحلة تربية الطفل في ظل غياب الأب، تقع على عاتق الأم مسؤولية أشبه بإدارة التحديات الخاصة التي تواجهها كل أم وحيدة، تسعى لتربية طفل سعيد وصحيح نفسياً وجسدياً.. وأولى خطواتك سيدتي الأم:
الاهتمام بنفسك، وأن تكوني إيجابية، ولا تحمّلي نفسك فوق طاقتها، ولا تعملي أوقاتاً طويلة؛ حتى لا تتسببي في إجهاد زائد، وحاولي الاستمتاع بالحياة، واطلبي الدعم عندما تحتاجين إليه.
ولتخفيف التوتر داخل أسرتك؛ أظهري حبك لأطفالك، وتذكري مدحهم، وامنحيهم حنانك ودعمك غير المشروطيْن، وخصصي وقتاً كل يوم للعب أو القراءة أو الجلوس ببساطة معهم.
تمسكي بروتين يومي ثابت، يتضمن جدولاً منظماً لأوقات الوجبات ومواعيد النوم، ولأوقات الأنشطة والوقت الذي ستلعبين معهم فيه، ما يُشعر طفلك ببعض الأمان، وما الذي يجب توقعه خلال اليوم.
ضعي الحدود بالمنزل، واشرحي قواعده لطفلك؛ مثل التحدث باحترام، وعدم الصراخ، والانتهاء من المهام في وقتها، وتحديد وقت الأجهزة اللوحية، واحترام الكبير، وعدم التعدي على الضعيف.
توفير مكان مناسب لرعاية ابنك أثناء غيابك، كالحضانات أو المدارس، أو مكان مؤهل يستطيع ابنك قضاء الوقت فيه وأنت مطمئنة، وكوني حذرة من مطالبة صديقاتك بالاعتناء بطفلك، فهذه مسؤوليتك أنت.
التأثر بفقدان الأب وفقاً لسن الطفل ونوعه
الأب في المرحلة الأولى من عمر الطفل، يعتبر كالبطل الحقيقي في عينيه، فهو الرجل الخارق والأفضل دائماً.. معه يشعر الطفل بالقوة التي يستمدها منه.. ويستند عليه.. بعكس حالة غيابه.. والذي يصبح معها الطفل عدوانياً وغير اجتماعي، ويميل إلى الفظاظة عند تعامله مع الآخرين، وهذا نتاج غياب القوة.
بينما غياب الأب في مرحلة المراهقة وما بعدها، فنجده أقل تأثيراً لدى البعض.. وذلك نظراً لانشغال الابن المراهق بحياته الجديدة.. واهتمامه بهواياته وتنميتها.. ومقابلة أصدقائه ومحاولاته كسب رضاهم.. ولكن بعض المراهقين يختلفون.. بوفاة الأب؛ فيصبح لديهم مخاطر أعلى للاكتئاب وانخفاض احترام الذات، وعزلة اجتماعية وشعور بالحزن والوحدة واليأس والنفور من الآخرين.
أعراض وحلول لفقدان وجود الأب
من الأعراض الظاهرة لفقدان الأب: تدهور وضع الطفل الذهني.. فنجد البعض يصاب بالتأتأة، أو كثرة التبول في الليل، وتتولد لديه رغبة في الموت.
كما يشعر بأن له ذنباً وسبباً في الوفاة -أو حتى في غيابه بصفة عامة- لأنه غير ناضج، ليستوعب فكرة الموت، ويبدأ في إلقاء اللوم على نفسه.
وهناك بعض الحلول؛ كإيجاد أب بديل كالخال والعم، وإشعار الطفل أنه بمكانة الأب، وأنه بإمكانه الاستناد عليه.. وهذا الشيء قد يساعد على تخطي الصعاب.
التغيرات النفسية
الشعور بعدم الأمان.
الانطواء والوحدة.
عدم وجود طمأنينة أو الثقة بالنفس.
صعوبة في أداء الواجبات.
صعوبة في النجاح.
صعوبة في إثبات الذات.
الانحراف عن الطريق السوي.
النسيان وعدم التركيز.
النمو يتأثر وقد يحصل نوعٌ من الاضطرابات.
اختلاف ردة فعل غياب الأب
الذكور: العنف.. التنمر.
الأنثى: العزلة.. الإحساس بعدم الأمان.
ظهور سلوكيات تتمثل بالانطواء.
للأم الوحيدة: خطوات ذكية للتعامل مع أطفالك
لا تشعري بالذنب ولا تلومي نفسك، وتحكمي في غضبك، فقد يكون الصراخ على الطفل بلا سبب أحياناً، وبدلاً من ذلك تعاملي بنضج، وتحكمي في أعصابك.. ولا تدللي طفلك لتعويضه عن غياب والده.
لا تشعري بالتردد في تأديب طفلك معتقدة أنه مرّ بما يكفي.. فالتعامل مع قضايا السلوك عند حدوثها يجنب المشاكل لاحقاً.. هيا تحملي المسؤولية، وامنحي طفلك مستوى من المسؤولية مناسباً لعمره.
اتركي طفلك يعيش طفولته، ولا تتوقعي منه أن يحلّ محل والده ويصبح رجل المنزل مبكراً.. ولا تنسي أن تعتني بنفسك؛ مارسي الرياضة وحاولي تضمينها في روتينك اليومي، وتناولي طعاماً صحياً، ونامي مدة كافية، ورتبي أنشطة تستمتعين بها بمفردك أو مع الأصدقاء.
بادري بالاعتماد على الآخرين، انضمي إلى مجموعة الأمهات في عمارتك أو شارعك؛ لتدعمن بعضكن بعضاً في العمل كمرافقات لأطفالكن بالتناوب، واحتفظي بروح الدعابة عند التعامل مع التحديات اليومية.
كوني إيجابية، ولا بأس أن تكوني صريحة مع طفلك في حال كنتِ تمريّن ببعض الصعوبات، لكن أكدي له أن الأمور ستتحسن.. إذا كنتِ أماً وحيدة لطفل أو أكثر؛ فهذا لن يؤثر عليه كثيراً في حال كنتِ تقضين وقتاً جيداً وممتعاً معه.
إضافة إلى وجود عائلتك الكبيرة حوله، وهذا يكفي كي ينشأ الطفل سعيداً ومُعافى.. والشيء الأكثر أهمية هو السماح لطفلك بمعرفة أنكِ تحبينه، وتريدين له الأفضل، وأنك ستكونين موجودة من أجله دائماً.. ما يبثّ بداخله شعوراً بالأمان وحب ذاته والثقة في القادم.