متابعة-جودت نصري

يعد التعليم خيطًا مهمًا في النسيج المعقد لنمو الطفل، لأنه لا يشكل براعتهم الأكاديمية فحسب، بل يعزز نموهم أيضًا. تبرز الموسيقى باعتبارها جانبًا قويًا ومثريًا بين العديد من الموضوعات والأنشطة التي تساهم في التعليم الشامل. وإلى جانب السعادة التي يجلبها تعليم الموسيقى للأطفال، فإنها توفر عددا كبيرا من الفوائد المعرفية والعاطفية والاجتماعية التي ستستمر مدى الحياة، كما يؤكد خبراء الموسيقى والمتخصصون.

الفوائد التي توفرها الموسيقى لنمو الطفل
تعزيز نمو الدماغ

لقد ثبت أن تعليم الموسيقى بانتظام له تأثير إيجابي على التطور المعرفي في الدراسات. إن تعلم العزف على آلة موسيقية أو تعليم المفاهيم الموسيقية يحفز أجزاءً عديدة من الدماغ، ما يؤدي إلى تطوير الروابط العصبية التي تساعد في الذاكرة والانتباه وقدرات حل المشكلات. تعمل سيمفونية النوتة على إشراك الدماغ في رقصة متناغمة، ما يحسن قدرة الطفل على استيعاب المفاهيم المعقدة في مواضيع أخرى.

تنمية الذكاء العاطفي والإبداع
الموسيقى هي لغة عالمية لا تقتصر على التواصل المنطوق. لذلك فإن تعليمها للأطفال لا يسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم فحسب، بل يعزز الذكاء العاطفي أيضاً. حيث يتعلم الأطفال التعبير عن المشاعر وتفسيرها من خلال الموسيقى، ما يعزز التعاطف وزيادة الوعي بمشاعرهم ومشاعر الآخرين. علاوة على ذلك، فإن العملية الإبداعية المتأصلة في تأليف الموسيقى تعزز التفكير الإبداعي، وتنمي عقلية تتجاوز المجال الموسيقي.

تنمي الانضباط والمهارات الحياتية القابلة للتحويل
يتطلب تعلم العزف على آلة موسيقية أو المشاركة في الأنشطة الموسيقية الالتزام والممارسة والانضباط. حيث يغرس تعليم الموسيقى لدى الأطفال الشعور بالروتين والتفاني، ويضع الأساس لأخلاقيات العمل القوية وقدرات إدارة الوقت. كما تعكس الأنماط الإيقاعية للموسيقى دورات الحياة، وتعلم الصغار قيمة المثابرة والإنجاز الذي يأتي من العمل المستمر.

رفع مهارات التعاون والتواصل

سواء تم عزف المقطوعة الموسيقية في فرقة، أو غنائها في جوقة، أو المشاركة في أنشطة جماعية، لها هدف اجتماعي. فإن تعليم الموسيقى للأطفال يعزز المهارات الاجتماعية الهامة مثل العمل الجماعي والتعاون والتواصل الفعال. حيث يتعلم الأطفال الاستماع والاستجابة والتكيف من خلال التجارب الموسيقية التعاونية، التي تبني إحساساً بالانتماء للمجتمع والإنجاز المشترك. وتتجاوز هذه القدرات الفصول الدراسية للموسيقى وهي مفيدة في مجموعة متنوعة من البيئات الاجتماعية والمهنية.

تدعم النجاح الأكاديمي وتحسين الذكاء الرياضي
العلاقة بين الموسيقى والرياضيات راسخة، وأكيدة، حيث تعمل الأنماط والنسب والإيقاعات المتأصلة في الموسيقى كجسر بين المجالين. كما يعمل التعليم الموسيقي عموماً على تحسين القدرة الحسابية لدى الأطفال، ما يمهد الطريق للإنجاز الدراسي في مجالات مثل حل المشكلات والتفكير المنطقي.

تعرف على الثقافات الأخرى
يتم تعريف الأطفال بنسيج متنوع من الثقافات والتقاليد والخلفيات التاريخية من خلال الموسيقى. إن تعليم الطفل حول العديد من الأشكال والأنواع الموسيقية يخلق احتراماً للتنوع الثقافي، ويوسع منظوره ويخلق شعوراً بالوعي العالمي. يبني تعلم الموسيقا إطاراً للتسامح والاحترام ومعرفة الترابط العالمي.

فوائد العزف على الآلات الوترية

عندما يبدأ الطفل بتعلم العزف على آلة العود أو الأورغ تتولد لديه الدافعية للاستمرار والمثابرة على تحقيق الهدف من العزف سواء كان للاحتراف أو التسلية، وبالنسبة لصغار السن والمراهقين؛ فقد يولد تعلم العزف على آلة العود دافعية تجاه نيل الإعجاب والثناء من قبل الآخرين، كما يحقق هذا التعلم أيضاً دافعية المنافسة بين صغار السن لتحقيق أفضل مستوى في العزف.

فوائد العزف على آلة الكمان

من المعروف أن تعلم العزف على الكمان يعمل على تحسين الذاكرة، وتحفيز المسارات العصبية للطفل؛ فيصبح قادراً بشكل أكبر على الاحتفاظ بالمعلومات وترتيبها في ذاكرته، وبالتالي يساعد ذلك في تقديم أداء أفضل في العمل أو الدراسة، كما كشفت إحدى الدراسات في معهد جامعة McMaster للموسيقى أن تعلم العزف على الكمان والآلات الموسيقية يعمل على شد الانتباه والتركيز حتى لو كان ذلك لمدة عام واحد فقط من التعلم والممارسة.

فوائد العزف على آلة البيانو

أظهرت دراسة جديدة نشرت مؤخراً، من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، أن أداء الطلاب الذين يلعبون الموسيقى في اختبارات اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم أفضل من الطلاب غير الموسيقيين، حيث يوفر العزف على البيانو تحديداً مزايا جسدية وفسيولوجية مختلفة كتحسين البراعة والتنسيق بين اليد والعين. كما ثبت أن موسيقاه تقلل من معدلات ضربات القلب والجهاز التنفسي، تخفض من ضغط الدم -وبالتالي مضاعفات القلب- وتزيد من الاستجابة المناعية. فسيولوجيًا يؤدي ذلك أيضاً إلى تخفيف القلق والتوتر.
كما يحصل طلاب البيانو على الكثير من ردود الفعل الإيجابية فيؤدي إلى أن الطالب يتقبل الملاحظات أكثر وبطريقة إيجابية. هذه القدرة على الاستجابة للنقد والتعلم منه مفيدة جداً في الحياة اليومية، للأطفال في المدرسة والكبار في عملهم وعلاقاتهم.

فوائد العزف على آلات النفخ الموسيقية

اللعب على آلة النفخ لعدة ساعات في الأسبوع يجبرك على أن تكون أكثر وعياً بكل جانب من جوانب التنفس من الاستنشاق المريح والمفتوح إلى الزفير المتحكم والدقيق، يمكن لكل من آلات النحاس والنجارة الخشبية أن تمنح رئتي الطفل تمريناً تنفسياً رائعاً!
حيث تتطلب الآلات النحاسية المنخفضة والقصب المنخفض حجمًا هائلاً من الهواء بضغوط منخفضة نسبياً، مما يعني أن الطفل يتدرب كثيراً على أخذ نفس كبير وعميق باستخدام 100% (أو قريبة منه) من سعة رئتيه.
حتى الأطفال الذين يعانون من الربو يمكنهم الاستمتاع ببعض الفوائد الصحية من العزف على آلات النفخ فهناك بعض الأدلة على أن العزف على آلات النفخ يمكن أن يخفف أو يقضي في الغالب على بعض مشاكل التنفس لأولئك الذين يعانون من الربو.