متابعة بتول ضوا.
في العصور القديمة، كانت عملية تحنيط الموتى تحظى بشعبية كبيرة على نطاق واسع. وخاصةً في مصر القديمة الذي لجأ شعبا إلى استخدام الضمادات وبعض المواد الطبيعية لتحنيط قدماء المصريين وفراعنتهم.
ومصر ليست الوحيدة التي اعتمد التحنيط لحفظ الموتى، بل هناك العديد من الشعوب والقبائل حول العالم انتهجوا منهج التحنيط.
ورغم أن الهدف كان واحداً وهو الحفاظ على جسم المتوفى بحالة طبيعية إيماناً منهم بأن الروح ستعود إلى الجسد في العالم الآخر، فإن طرق التحنيط اختلفت من بلد لآخر ومن قبيلة لآخرى.
كان من بينها مومياوات تم اكتشافها في الفلبين عرفت باسم مومياوات النار. ويعود هذا الاسم إلى طريقة الحفظ المستخدمة، والتي تميزها عن أنواع المومياوات الأخرى.
اكتشفت تلك المومياوات في بداية القرن العشرين، في كهوف تقع في الفلبين. ونظراً لخصوصيتها وتميزها والعادات القبلية الحصرية التي تجسدها، فقد تعرض عدد كبير منها للسرقة حتى اختارت الحكومة الفلبينية إخفائها والحفاظ على مكان وجودها سراً.
تعود طريقة التحنيط المميزة هذه لقبيلة إيبالوا التي تقطن في منطقة كابايان في الجبال النائية بشمال الفلبين.
عُرفت القبيلة بعاداتها الغريبة في التعامل مع جثث المتوفين ويتم بعد ذلك وضع الجثث المحنطة بطريقة معينة على جبل تمباك. يعود تاريخها إلى عام 1200 ميلادي، وهناك العديد من الجثث الموجودة على الجبل.
عملية التحنيط
ما يميز مومياوات النار هو طريقة صنع المومياوات، والتي تختلف عن الطريقة التقليدية التي يتم بها تحويل المومياوات إلى ضمادات.
وللاستعداد لذلك يجب على المحتضر شرب الماء المملح حتى يجفف الجسم من الداخل. بعد الموت، تستغرق هذه العملية وقتًا طويلاً، يصل إلى عدة أشهر لإكمال المهمة.
بعد غسل الجسم، يوضع الجسم في وضعية الجلوس فوق مصدر للحرارة. ويتعرض للدخان أو النار الفعلي، مما يؤدي إلى استنزاف جميع سوائل الجسم ببطء، حتى لا يتبقى سوى العظام وطبقة من الجلد.
عندما يجف الجسم تماماً من الخارج، تبدأ عملية التجفيف الداخلي، حيث يتم وضع دخان التبغ في فم الجسم لتجفيف الأعضاء الداخلية.
ثم يتم وضع المومياء في تابوت خشبي، وإحاطته بالأعشاب للحفاظ عليها، وتم وضع التابوت بعناية في كهف منعزل.
ومثل العديد من المقابر القديمة، تحتوي هذه الأماكن على أساطير وخرافات.
حيث أن هناك أسطورة منتشرة بين الناس مفادها أن الكوارث مثل الجفاف والزلازل والمجاعة في الفلبين كانت بسبب الحرائق في مواقع المومياوات، وخاصة احتلال وتدنيس نعش الزعيم “آبو آنو”. “.
ولعل من أكثر الأشياء الملفتة للنظر في مومياء كابايان النارية هو بقاءها في بيئتها الأصلية، على عكس العديد من الاكتشافات القديمة.