باعتبارها منارة أمل ومصدر إلهام لجيل الشباب الفلسطيني، تستخدم النجمة الساطعة لينا مخّول مكانتها الدوليّة لتناوُل ومعالجة القضايا المهمّة -التي تَعني لها الكثير- ذات البعد الاجتماعي والسياسي بأسلوب فنيٍ مُبتكَر. وخير مثالٍ على ذلك أغنيتها المُنفردة الجديدة بعنوان “فش مصاري” التي تطرُق لينا من خلالها أبواب القلوب وتحتل منابر العقول كاشفة سخرية المشهد الإبداعي في فلسطين المحتلة.
تغوص أغنية “فش مصاري”، من تأليف وإنتاج لينا مخّول وناصر البشير، في محيط العلاقة التناقضيّة بين الفن والرأسماليّة. ويُعدُّ الإصدار دعوة صريحة لصحوة ضمير ووقفة تأمّل، بأسلوب مباشر ومعانٍ بليغة وإبداعٍ لا يخلو من الحِدّة حول تغذية الفن لقلوب وعقول لا تُّحصى، وعدم قدرته لدعم مُبدعيه.
“فش مصاري” غنيّة بروح التقاليد العربيّة الأصيلة – من الآلات الموسيقيّة الشرق أوسطيّة إلى الأصوات الإيقاعيّة الثقيلة التي تُحاكي أجواء أغاني طلعة العروس في الفلكلور الفلسطيني – عندما تأتي عائلة العريس لتأخذ العروس من منزل والديها. يتمثّل ذلك بأصوات قرع الطبول والنغمات الشعبيّة الحُرّة والموسيقى الحديثة التي تجمع بين عراقة التراث وثقافة العصرنة والمشهديّة العالية والمدى الواسع الذي يمتاز به صوت لينا التي تنتقل بسلاسة بين الهمسات الهادئة إلى الغناء الحماسي بصوتٍ عالٍ، يترافق مع موسيقى الراب التي تلاقي انتشاراً واسعاً وترحيباً كبيراً في أوساط الجماهير العربيّة. توجه مخّول عبر هذا الإصدار الإبداعي المليء بالإثارة والنابض بالحياة رسالة واضحة عن أهميّة الاستقلال المالي -وجعله في مُقدمة الأولويات- لأي مجتمع من المجتمعات، مناشدة وداعية جمهورها للنهوض في نهاية هذه الأغنية الحماسيّة الناريّة.
عاقدة العزم على شق طريقها بأسوبها الخاص دون التقيّد بالسبل النمطيّة، استقلّت لينا عن مدير أعمالها لتتمتّع بالحريّة الإبداعيّة الكاملة، وخدمَتْها هذه الخطوة الجريئة خير خدمة، إذ حقّقت الأغنيتان السابقتان “للأبد” و”3 سنين” مجتمعتان أكثر من 3 ملاين عملية تحميل.
تستغل النجمة العربية الفلسطينيّة -متعدّدة المواهب (مغنية وكاتبة ومنتجة ومخرجة..)- الشغوفة بوطنها، تجارب نشأتها في بيئة مليئة بالمصاعب لإثراء موسيقاها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أغنية “شوي شوي” – التي تعتبر أحد أهم أعمالها حتى الآن – تسلّط الضوء على عمليّة غسيل الدماغ المستخدمة ضد الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال. وتفتخر مخّول بدعم المرأة العربية عبر البوم غنائي تحت اسم #يوم#yom ، المؤلّف من 10 أغانٍ والذي يُعبّر عن حكاية إصرار فتاة موهوبة على إبقاء رأسها مرفوعاً وصوتها مسموعاً رغم كل الصعوبات والتحديات المحيطة بها.
ويكفي مخّول فخراً كونها رمزاً لجيل الشباب العربي المُبدع، في حين حازت أعمالها على دعم نجم هوليوود الممثل والنجم العالمي ويل سميث (Will Smith) الحائز على جائزة أوسكار، وتألّقت عالميّاً بمشاركتها مع فرقة كوين (Queen) البريطانيّة، أيقونة وأسطورة موسيقى الروك؛ إلا أن هذه الفنانة الرائدة تُحدث تأثيراً حقيقيّاً وصدى إيجابيّاً في وطنها. كما أنها تحرص على الترويج للمبدعين المحليين من خلال الإصرار على تصوير مقاطع الفيديو الموسيقيّة الخاصّة بها في فلسطين بطاقم فلسطيني كامل؛ وهي تدفع عجلة تطوّر المشهد الموسيقي الفلسطيني ليصبح صناعة مستقلّة بشكل فعلي.
تعتبر الأغنية المنفردة الجديدة “فش مصاري” دعوة جماعيّة للفنانين في فلسطين للصعود إلى مستويات أعلى من الاستقلاليّة، كما تُعدّ بمثابة جسر ثقافي آخر، حيث تمنح شعوب العالم نظرة حيويّة حول الحياة داخل فلسطين المحتلّة.