متابعة- يوسف اسماعيل
عندما يتعلق الأمر بالمافيا والجريمة المنظمة، فإن اسم ندرانجيتا يبرز كواحدة من أقوى العصابات في إيطاليا وربما في العالم. تعود أصول كلمة “ندرانجيتا” إلى اللغة اليونانية وتعني “الرجل الجميل” أو “الشجاع”. ولكن وراء هذا الاسم الجذاب يكمن واقع مظلم يشتهر بهذه العصابة القوية والغامضة.
تعمل ندرانجيتا في خمس قارات مختلفة، وقد وصلت ثروتها إلى حوالي 61 مليار دولار، وتعتبر مبيعات الكوكايين هي المصدر الرئيسي لهذه الثروة الهائلة. إضافة إلى ذلك، تشتهر العصابة أيضًا بأنشطتها في عمليات غسيل الأموال وعمليات الخطف والمساومات. وفقًا للحكومة الإيطالية، يُعتقد أن حوالي 21 ألف شخص ينتمون إلى ندرانجيتا داخل إيطاليا، بالإضافة إلى نطاق انتشارها العالمي.
لفترة طويلة، لم تُعطَ ندرانجيتا الاهتمام الكافي كمنظمة إجرامية، وتم اعتبارها عصابة صغيرة محصورة في منطقة جبال كالابريا ومدينة سان لوكا. ولكن مع مرور الوقت، نمت قوتها وتمددت أذرعها في جميع أنحاء العالم. وقد حققت ذلك بفضل عمليات القمار والمناقصات العامة وخاصة تجارة المخدرات، حيث وصلت هذه التجارة إلى ميناء جويا تاورو في كالابريا قادمة بشكل رئيسي من أمريكا اللاتينية.
والآن، تعتزم السلطات الإيطالية محاكمة وإدانة أعضاء عصابة ندرانجيتا، وكذلك الجنود والسياسيين ورجال الأعمال الذين ساهموا في توسيع نفوذ هذه المنظمة الإجرامية. بين المتهمين المعروفين، يوجد جيانكارلو بيتيلي، المحامي والبرلماني السابق عن حزب فورزا إيطاليا الذي يتزعمه سيلفيو برلسكوني، وماريو لو ريجيو، رجل الأعمال والعمدة السابق لنيكوتيرا، وسالفاتور ريزو.
وبحسب التقارير، فإن حوالي 355 شخصًا من رجال العصابات والسياسيين ورجال الأعمال سيمثلون أمام المحكم في محكمة فيبو فالنتيا، وسيُواجَهون تهم الانتماء إلى ندرانجيتا أو التعاون معها. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم محاكمة 88 شخصًا آخر في وقت لاحق.
تشير التقارير إلى أن جميع هؤلاء الأشخاص تم اعتقالهم أو توجيه التهم إليهم في إطار عملية “Rinascita-Scott” التي تم إطلاقها بواسطة المدعي العام في كاتانزارو، نيكولا جراتيري. ووصلت هذه العملية إلى ذروتها في عام 2019، حيث تم استهداف عشائر ندرانجيتا في إيطاليا وألمانيا وبلغاريا وسويسرا.
إن محاكمة أعضاء ندرانجيتا والمتورطين معها تعد خطوة هامة في مكافحة الجريمة المنظمة ومافيا العصر الحديث. إن القضاء على العصابات وتقديم أفرادها للعدالة يعزز سلامة المجتمعات ويعطي رسالة قوية بأن القانون فوق الجريمة.
على الرغم من قوة وانتشار ندرانجيتا، فإن الجهود المستمرة لمكافحة الجريمة وتعاون السلطات الدولية تشكل تحدًا لهذه العصابة. يجب أن تعمل الدول والمنظمات الدولية سويًا لمكافحة الجريمة المنظمة وتبادل المعلومات والموارد لمواجهة هذا التهديد.
في النهاية، فإن محاكمة أعضاء ندرانجيتا ومتابعتهم قضائيًا ستساهم في تقوية سيادة القانون وتحقيق العدالة. إن مكافحة الجريمة المنظمة تستلزم جهودًا مستمرة وتعاونًا دوليًا قويًا لتحقيق نجاح حقيقي في إبعاد تلك المافيا عن المجتمعات وتأمين مستقبلٍ أفضل للجميع.