متابعة- يوسف اسماعيل
عندما نسمع عن جرائم القتل، يتبادر إلى أذهاننا صور غريبة ومريبة لأشخاص غريبي الأطوار ينفذون جرائمهم بدقة فائقة، محاولين إخفاء أدلة الجريمة ومشاهدة الأمور تكشف بصورة غير متوقعة. ومن بين تلك الجرائم الغريبة والمروعة في التاريخ كانت هناك قصة مثيرة للدهشة تتعلق بممرضة تدعى “كريستيان غيلبرت”.
كريستيان غيلبرت كانت ممرضة مثالية تعمل في مركز طبي ثورثا مبتون في عام 1989. وكانت في سن السابعة والثلاثين وأم لطفلين، وكان الجميع يحبها ويثقون بها. إلا أنه بدأت تثير العديد من التساؤلات حولها بسبب عدد حالات الوفاة الغير معتادة التي وقعت خلال وجودها في العمل. فقد وقعت حوالي 31 حالة وفاة في العنبر الذي كانت تعمل فيه خلال الفترة من عام 1990 إلى 1991، وكانت نسبة الوفيات في هذا العنبر ثلاثة أضعاف الوفيات في العنابر الأخرى. وهذا الأمر جعل زملاءها يطلقون عليها لقب “ملكة الموت”، على الرغم من أنهم كانوا يعتبرون ذلك مزحة في البداية.
كانت كريستيان غيلبرت قادرة على قتل أكثر من خمسين مريضاً، وكانت تقتلهم بحقنهم بجرعات مخدرة توقف نبضات قلوبهم فورًا. ولكن ما كشف عنها في النهاية هو شك رئيستها في العمل بها، حيث اكتشفت نقص المخدرات في العنبر الذي تعمل فيه. وأبلغت الأمر إلى المدير والشرطة، وعثروا فعلاً على العديد من الأدلة التي تشير إلى أنها قتلت مرضاها.
كانت هناك أسباب غريبة تدفع كريستيان للقتل، والتي تعكس شخصيتها المريضة والنرجسية. ووفقاً لتقارير الأطباء النفسيين، كانت تحب أن تكون محط اهتمام الجميع وتلفت الأنظار إليها. وكانت هناك أسباب أخرى لقتل المرضى، مثل علاقتها بحارس الأمن في المشفى، حيث كان يستدعى لمساعدتها في نقل الجثث عند وقوع حالات الوفاة. وكانت تقوم بذلك أحيانًا لرؤية حبيبها. ومن ثم تركته وتوجهت لعلاقة مع شخص آخر. وأحيانًا كانت مواعيد مناوبتها تتعارض مع مواعيد لقاءها مع حبيبها، فقتلت مرضاها لتتمكن من التغيب بحجة التعب النفسي الذي تعانيه.
تمت إدانة كريستيان غيلبرت بثلاث جرائم قتل من الدرجة الأولى، وجريمتي قتل من الدرجة الثانية، ومحاولة قتل مريض آخر. وصدر الحكم عليها بالسجن مدى الحياة أربع مرات متتالية. وعندما دخلت السجن، فوجئ الجميع بارتباطها العاطفي بسجين من بين أشرس المجرمين المعروفين هناك. لم يصدق الجميع ما رآه، وأكد هذا الارتباط على أن كريستيان غيلبرت فعلاً مريضة نفسية، وأن حبها للظهور وجذب الانتباه لن ينتهي أبدًا.
تلك القصة المرعبة تعكس جانبًا مظلمًا من البشرية، حيث يمكن لأشخاص يبدون عاديين أن يكونوا أبطالًا في قصص جرائم القتل. وإذا كانت كريستيان غيلبرت لم تتورط في تلك الشبكة المظلمة من الجرائم، ربما كانت ستستمر في كونها ممرضة محترفة ومحبوبة، لكنها اختارت الطريق الأخطر والأكثر شرًا، وراحت تنقل الأرواح بدلاً من إنقاذها.