متابعة- يوسف اسماعيل
لسنوات طويلة، كانت المدينة الصغيرة أنغارسك في قلب سيبيريا تشهد سلسلة غامضة من جرائم القتل المروعة التي استهدفت النساء. ولم يكن هناك أي دليل يشير إلى الجاني وراء هذه الجرائم المروعة، حتى كشف البرنامج الفرنسي الوثائقي “مستذئب أنغارسك” حقيقة صادمة.
في الفترة من 1992 إلى 2010، ارتكب ميخائيل بوبكوف، البالغ من العمر 54 عاماً، ما يقرب من ثمانين جريمة قتل، استهدف فيها النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و45 عاماً. كانت جميع الضحايا يتم فقدهن في ظروف غامضة بعد سهراتهن، حيث كانن يبحثن عن سائق خاص لنقلهن إلى وجهتهن. ومن بين الضحايا كانت أوكسانا، الشقيقة التي فقدت حياتها صيف 1998، وتاركة وراءها فتاة صغيرة.
تروي آنا، شقيقة أوكسانا، بحزن وحسرة تفاصيل مأساة شقيقتها. بوبكوف قام باغتصاب وقتل كلتا الشابتين بوحشية، باستخدام فأسه المميتة. ومع ذلك، اعتبرت الشرطة في ذلك الوقت تلك الجريمة حادثة عرضية وليست جزءاً من سلسلة جرائم قاتل متسلسل.
كان استنتاج الشرطة في تلك الفترة مفهوماً، نظراً للفوضى التي عمت البلاد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث انتشرت الجريمة والعصابات والمافيا. وكان من الصعب تصور وجود قاتل متسلسل خلف تلك الجرائم، وأكثر صدمة كانت التورط المحتمل لشرطي.
لم يكن هناك أي مؤشر يشير إلى بوبكوف كمشتبه به في تلك الفترة. كان رجلاً شرطيًا عادياً ولم يكن لديه أي سجل إجرامي. ولكنه استغل ثقة زملائه في الشرطة ونجاحه في التحايل على الأدلة. قام بارتكاب جرائمه بشكل منتظم، حيث كان يرتكب جريمتي قتل تقريباً في كل شهر.
استمر بوبكوف في ارتكاب جرائمه دون أن يتم القبض عليه لسنوات. ولكن في عام 2010، وبفضل جهود فريق تحقيق جديد تم تشكيله، تم اكتشاف أدلة تربط بوبكوف بسلسلة جرائم القتل. تم العثور على آثار الحمض النووي (DNA) الخاصة به على أحد الضحايا، مما أدى إلى اعتقاله.
خلال التحقيق، اعترف بوبكوف بارتكاب الجرائم وقدم تفاصيل مروعة عن أعماله. اعترف أيضاً بأنه استغل وظيفته كشرطي لتجنب الاشتباه وتهرب من العقاب. وفي يوليو 2011، أُدين بوبكوف بتهمة القتل وتم إدانته بالسجن مدى الحياة.
مستذئب أنغارسك أصبحت قصة مروعة تشد الانتباه العام، حيث كان الجميع مندهشين من تورط شرطي في جرائم قتل متسلسلة. القصة ألهمت بعض الأفلام والكتب والأعمال الفنية التي استندت إلى هذه الحادثة المأساوية.
تعتبر حادثة مستذئب أنغارسك من أكبر قضايا الجرائم المروعة في روسيا، وأظهرت ضرورة تعزيز نظام العدالة الجنائية وتحسين إجراءات التحقيق والتحقق من خلفيات رجال الشرطة والموظفين العاملين في مواقع سلطة.
منذ ذلك الحين، تم اتخاذ إجراءات لتعزيز الأمان والسلامة في المجتمعات، وتدريب رجال الشرطة على التعامل مع حالات الجرائم المروعة وتحقيقها بشكل أفضل. وتحذيراً من تكرار مثل هذه الحوادث المروعة، يتعين على الأفراد أيضاً توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم وأحبائهم.