متابعة-جودت نصري
ربما لاحظت بأنك عندما تمر بأي ضغط نفسي أو توتر ذهني، فإن أول جهاز قد يتأثر هو الجهاز الهضمي. مثلاً عند تقديم محاضرة للمرة الأولى أمام عدد كبير من الحاضرين قد تعاني من عسر هضم وتلبك في الأمعاء، وهذا الشي متوقع؛ لأن هناك اتصالاً قوياً جداً بين الدماغ والأمعاء.
%90 من هرمون السعادة يصنع في الأمعاء
السيروتونين أو ما يسمى «هرمون السعادة» هو أحد النواقل العصبية المهمة للحفاظ على المزاج والصحة النفسية، والنوم، والتحكم في العواطف مثل الغضب والحزن والسلوك. وأي خلل في إنتاج هذا الهرمون سيؤدي إلى ظهور بعض المشاكل الصحية النفسية، مثل الاكتئاب ونوبات الهلع والرهاب بأنواعها. فأية مشاكل في مستوى الجهاز الهضمي ستؤثر في وظيفة الدماغ والصحة النفسية بشكل كبير.
بكتيريا الأمعاء تتحكم في عواطفنا
هل تعلم أن هناك التريليونات من الأحياء الدقيقة الحية المتعايشة داخل أجسادنا منذ الولادة؟ فهناك العديد من البكتيريا والفطريات والفيروسات الموجودة في أماكن عديدة بالجسم، مثل الفم والجلد، وموجودة بشكل كبير في الأمعاء، ولكن تعد هذه الأحياء الدقيقة نافعة وصديقة للإنسان، ولها دور جداً كبير في عمليات حيوية تحدث داخل الجسم، وبالتحديد على مستوى الدماغ، مثل تعزيز إنتاج السيروتونين.
كما تنتج هذه البكتيريا الصديقة عند تناولها للألياف الموجودة بالغذاء أنواعاً خاصة من الأحماض الدهنية، مثل Butyrate، التي بدورها تساعد على تكوين «الحاجز الدموي الدماغي» الذي يعد خط الدفاع، وبالتالي تمنع من دخول السموم ومسببات الأمراض إلى الدماغ، وتسمح في الوقت نفسه بمرور المغذيات المهمة التي تحافظ على صحته.
أهم النصائح لتعزيز العلاقة بين الدماغ والأمعاء:
1 تقليل استهلاك السكريات والحلويات:
السكريات بكافة أشكالها لها تأثير سلبي في صحة الأمعاء والبكتيريا الصديقة، فالإفراط في تناول السكريات يؤدي إلى عدم اتزان بكتيريا الأمعاء الصديقة، وعلى رفع الالتهابات على مستوى الأمعاء، وهذه كلها تؤثر في وظيفة الدماغ بحكم ارتباطها بالأمعاء، فمن المهم جداً تناول المأكولات التي تحتوي على السكريات والنشويات التي تكون بشكلها الطبيعي الموجودة بالفواكه مثل التوتيات والتفاح، فهذه خيارات صحية بديلة من الحلويات المعالجة التي تحافظ على صحة الأمعاء والدماغ.
2 تغذية البكتيريا الصديقة:
هناك بعض الأكلات الصحية التي تعد غذاء لبكتيريا الأمعاء النافعة، التي تحافظ على اتزان هذه البكتيريا الصديقة، مثل الألياف المتواجدة بكثرة بالخضار، فاحرص على أن تكون هناك حصة من الخضار في كل وجبة، وبالتحديد الألياف القابلة للذوبان في الماء، التي تكون متواجدة في بذور الشيا وبذور الكتان والعدس.
3 تناول الأغذية المخمرة:
تعد الأغذية المخمرة مصدراً غنياً بهذه البكتيريا الصديقة التي تسترجع توازنها وتفعل صحة الأمعاء وصحة اتصال الأمعاء بالدماغ. من هذه الأكلات مخمرات الخضار التي تمّ تخميرها بالماء والملح فقط، مثل مخمر الملفوف، أيضاً الزبادي والأجبان الطبيعية تحتوي على خمائر وبكتيريا نافعة.
إنتاج هرمون السعادة
يجب إضافة الأغذية العالية بالحمض الأميني Tryptophan، وهي المادة الأولية لعملية تصنيع هرمون السيروتونين «هرمون السعادة»، ومن هذه الأغذية البيض والديك الرومي والأجبان الطبيعية. كما يحتوي مكمل Probiotic على خمائر جاهزة تعزز أيضاً من صحة الأمعاء ووظائفها الحيوية.
زيادة النشاط اليومي
زيادة النشاط عن طريق المشي العادي من أهم العوامل التي تساعد على تعزيز توازن بكتيريا الأمعاء، وعلى تحفيز إنتاج الأحماض الدهنية التي تحافظ على صحة وحماية خلايا الدماغ، فاحرص على ممارسة عادة المشي بشكل يومي. ولحسن الحظ أجهزتنا الذكية قادرة على احتساب عدد الخطوات اليومية المنجزة خلال اليوم، فبالنسبة إلى الرجال 10 إلى 15 ألف خطوة مناسبة باليوم، وللنساء 8 آلاف خطوة كافية جداً.
المأكولات الغنية بالبوليفينولات
البوليفينول هو مركب عضوي نباتي يساهم بشكل كبير في تعزيز الوظيفة الإدراكية وأيضاً في صحة الأمعاء، ومن الأكلات الغنية بالبوليفينول: الكاكاو، والتوتيات، وزيت الزيتون، والشاي الأخضر، فاحرص قدر الإمكان على إضافة هذه الأغذية ضمن نظامك الغذائي.
عدم تناول المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية
لا شك في أن المضادات الحيوية لها دور مهم جداً في علاج بعض أنواع الأمراض البكتيرية، ولكن الإفراط في تناولها من دون استشارة الطبيب له نتائج سلبية على الصحة. فالمضادات الحيوية تقوم بقتل العدوى البكتيرية الضارة المسببة للمرض، أيضاً في الوقت نفسه تقوم بقتل البكتيريا النافعة؛ ما يؤثر سلباً في الصحة بشكل عام، وفي اتصال الأمعاء مع الدماغ بشكل خاص، لهذا السبب إذا كانت هناك ضرورة طبية لاستخدام المضادات الحيوية الموصوفة من قبل الطبيب، يفضل تناول الأكلات الغنية بالخمائر الطبيعية أو مكمل الـ Probiotic لاسترجاع توازن البكتيريا وصحة الأمعاء من جديد.
0أهم الأغذية لتعزيز صحة الدماغ
هناك بعض الأغذية التي لها خصائص فريدة أكثر من غيرها في تعزيز وظيفة الدماغ، كالتعلم والتركيز والذاكرة، مثل الأغذية الغنية بالأوميغا 3؛ لأن %30 من تركيبة الدماغ عبارة عن هذا الحمض الدهني الأساسي المهم، وهذا الحمض الدهني لا يستطيع جسم الإنسان تصنيعه؛ ما يعني أنك في حاجة إلى الحصول عليه عن طريق الغذاء. ومن الأغذية الغنية بالأوميغا 3 هي الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين والماكريل.
أما الغذاء المفيد لصحة الدماغ، فهو الكركم، فمادة «الكركمين» الموجودة فيه قادرة على عبور حاجز الدماغ الدموي والتعامل مع خلايا الدماغ بشكل مباشر عن طريق خفض الالتهابات وتقليل الأكسدة على مستوى الدماغ؛ ما يساعد على الوقاية من أمراض الدماغ المرتبطة بتقدم العمر مثل الزهايمر وتحسين الذاكرة والتعلم، كما أن له دور في إنتاج السيروتونين والميلاتونين للوقاية من الاكتئاب.
وأخيراً، يعد الدماغ عضواً دهنياً؛ لأن تركيبته تحتوي على نحو 60 % من الدهون، لهذا السبب من المهم جداً أن يكون النظام الغذائي غنياً بالدهون الطبيعية الصحية، مثل: زيت الزيتون، والمكسرات كاللوز وعين الجمل، فهي أنواع غنية بفيتامين؛ E ما يساعد على تعزيز صحة الدماغ، وتقليل تدهور خلاياه مع تقدم العمر.