مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، رعى وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي، حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي في دورته الـ12 والذي أقيم على مسرح قصر الثقافة في مدينة الحسين للشباب بالعاصمة الأردنية عمان ، وبتنظيم من الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة ونقابة الفنانين الأردنيين.
واستهل الحفل الذي قدمه الفنانان أمل الدباس والدكتور محمد واصف، بعرض توثيقي بصري لصور الفنانين الأردنيين بعضهم رحلوا عنا وما يزالون في الذاكرة بمصاحبة تعليق بصوت الفنان هشام الهنيدي يؤكد دور الفنانين الأردنيين في الحركة الابداعية، كما تم عرض فيديو قصير للأعمال المشاركة في المهرجان.
وألقى نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب ، كلمة النقابة الشريكة في المهرجان ،والتي جاء فيها من هنا ..من الأردن من أعالي قمم جبال عمان نحيي من نقابة الفنانين ألأردنيين وكل المسرحيين والفنانين ، نحيي الأشقاء المسرحيين العرب من محيا المملكة الأردنية الهاشمية نرحب ونحن نتفيأ بالرعاية الملكية السامية لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم إيقاد شعلة مهرجان المسرح العربي في الأردن وبدورته الثانية عشر بعد أن نظمت الدورة الرابعة عام 2012 في عمان، بالتعاون مع نقابة الفنانين و بمبادرة كريمة و دعم ورعاية من سمو حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي أسس الهيئة العربية للمسرح التي تعددت مشاريعها بما فيها مهرجان المسرح العربي وعلى كافة الأصعدة، في الشأن المسرحي مما أسهم بشكل فاعل في تنشيط الحراك المسرحي العربي”.
أمين عام الهيئة العربية للمسرح الأديب إسماعيل عبد الله قال في كلمته التي لاقت تفاعلاً ساطعاً من جمهور الحفل الذي ملأ جنبات قصر الثقافة: “نمشي إلى عتبات تايكي، نطمئنها أن المبدعات والمبدعين قد وصلوا عمّونك سالمين، يبتغون وجه المسرح ويرفعون، للإنسانية السلام والحرية، ويصلون، من أجل عدالة لا تهون، ومن أجل أوطان حرة، وإنسان مكلل بالحق والمحبة، من أجل حرب على الظلامة والجهالة بالنور وبالثقافة، بالمسرح، من أجل مقارعة البشاعة بالجمال، ومن أجل مصارعة البلادة بالدهشة، من أجل محو الصمت بحلو المعاني، ومحو الخوف بالأغاني، ومحو العجز بأجساد بليغة التعبير والكلام”.
عبد الله أظهر في جزء من كلمته حول تاريخ الأردن ومشهده الفني المسرحي وحواضره المشعة، درايةً مُحبةً عميقةَ المعرفةِ في الأردن، وعكس حسّاً عروبيّاً شفيفاً رهيفا: “ها هو المسرح على أرض عمان يجمعنا، شعباً لا شعوباً، قوماً لا أقواماً، في زمن التشرذم والشحناء والتناحر والتباعد، هنا في عمان الوفاق والاتفاق، يوحدنا الألم فينبثق الإبداع والأمل، أولسنا هنا في عمان على مقربة نبضة القلب من دمشق أبي خليل القباني؟ أو لسنا هنا في عمان على مقربة رفة الجفن من بغداد حقي الشبلي؟ أو لسنا هنا في عمان على مقربة شرارة الحب من فلسطين نصري الجوزي، أو لسنا هنا في عمان على مرمى قبلة من بيروت مارون النقاش، أو لسنا هنا في عمان التي ترخي جدائلها فوق الكتفين فتمسي في المغرب وتصبح في البحرين، يرتد الفجر يقبلها بين العنين، ويبارك الرب منازلها والأحبابا، عمان القلب العربي بامتياز وحق.. أولا يحق لنا أن نفرح ونعتز ونأمل ونحلم ونعمل ونبدع ونرسم رغم كل المحن ورداً يزين مداخلنا باباً بابا”.
إلى أن يقول: “ما زالت أصوات أزاميل الأنباط وفؤوسهم تعطي للزمن أمثولة الجمال في بترا، وما زالت صخور بصيرا ترفع قامات الأدوميين المدافعين عن الجمال، وما زال عجلون يصلي في محرابه للرب آمنا بعد أن بنى أسامة قلعته على قمة الربض وأمّنه صلاح الدين على صومعته التي بقيت محروسة في القلعة لتشرع التآخي والأمان على أرض الأردن، وما زالت عين غزال تتدفق بالمعاني، وسهول حوران تنجب كل يوم مبدعاً وتتغنى بأسمر اللون حوراني، وعرار يربط بعقال إربد شعر الحرية ويآخي بين الناس فلا عبد ولا أمة ولا إرقاء في أزياء أحرار، وما زال النشامى يرددون عن المسرح الوطن مع فتى غريسا حبيب الزيودي:
يا حاديَ العيسِ ذا شعبي وذا وطني ما ذاقتِ العينُ من أوجاعِه الوَسَنا
إنا فرشناه طْيباً غامراً وندىً وقد ملأناه زهراً عابقاً وسَنى”.
عبد الله رأى في كلمته المزخرفة حلل وعي والمزدانة عروشَ لُغةٍ بكر أن المسرح العربي يحتاج في الظروف الراهنة أكثر من أي وقت آخر إلى العمل وإلى السلام بين بناته وأبنائه، ويحتاج إلى “أن يقضي فرسانه الوقت في خلقه وليس في خنقه، مسرحنا اليوم بحاجة أكثر إلى العلم، البحث، التحقيق، التوثيق، السجال المعرفي، يحتاج النأي عن تحويل التناقض إلى صراع، يحتاج النأي عن الصراعات الصغيرة التي تؤدي إلى تحجيمه وتتفيه دوره، بحاجة إلى قبول الآخر فكراً وإبداعاً ومغايرة، بحاجة إلى إقدام الشباب دون أن تحبطهم رغبات من شاخت قواهم الإبداعية، بحاجة إلى إقدام الشباب ونأيهم عن أن يتحولوا إلى عالة وطلاب رعوية المؤسسات التي تتحول في لحظات التغيير إلى الحاكم المتحكم.. المسرح صنو الحرية، والمسرح صنو الأخلاق بالمفهوم القادر على تنمية الحرية والثقافة في أوصال المجتمعات”.
عبد الله توّج كلمته بالإعلان عن تأسيس رابطة أهل المسرح بوصفها مبادرة جديدة من مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي كلّف الهيئة العربية للمسرح مباشرة العمل على المشروع خدمة للمسرحيين على امتداد الوطن العربي. يقول عبد الله حول هذا المشروع: “في هذا اليوم.. اليوم العربي للمسرح نعلن عن انتقال الحلم إلى حقيقة، والإرادة السامية إلى واقع، نعلن عن إطلاق “رابطة أهل المسرح” من خلال تأسيس أول مراحل عملها وأقسامها “صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين”، رابطة تتطور بتطور وعينا وجهدنا، لتكون عوناً لكل أهل المسرح المؤمنين به خلاصاً والمخلصين له، رابطة تهدف إلى المساهمة في حفظ كرامة المسرحيين خلاصة العصر والأوان”.
في كلمة يوم المسرح العربي التي ألقاها الفنان البحريني الشامل خليفة العريفي، تأمّل العريفي مآلات الكلمة والحوار في المسرح الحديث الذي يرى أن الكلمة تراجعت فيه، والحوار خبى بريقه لصالح لغة الجسد وتعبيرات الممثل وممكنات المخرج البصرية ورؤاه السينوغرافية، وختمها بدعوة واضحة مفتوحة إلى الذهاب نحو المستقبل:
“يا أيها المسرحيون العرب، إذا اردتم أن تطوروا المسرح العربي ليصير عالمياً، فلا تقفوا عند الأمس، لا تقفوا عند اليوم، بل إذهبوا إلى ما بعد الغد. لتطوروا المسرح العربي إذهبوا إلى ما بعد الغد”.
وفي ختام حفل الافتتاح قام مندوب راعي الحفل “د. عادل الطويسي” وامين عام الهيئة العربية للمسرح” إسماعيل عبدالله ،ونقيب الفنانين “حسين الخطيب” بتكريم الفنانين الأردنيين” “. باسم دلقموني وحابس حسين وحاتم السيد وخالد الطريفي وعبد الكامل خلايلة وعبدالكريم القواسمي والدكتورة مجد القصص ونادرة عمران ونبيل نجم ويوسف الجمل. هذا التكريم الذي رافقه لمسة رائعة عندما تقدم كل من على مسرح التكريم باتجاه الفنان” يوسف الجمل” شافاه الله .
مغناة السنابل. عمل فني فيه الإبداع والجمال والموسيقى والإيقاع، والرقص التعبيري بعنوان” مغناة السنابل” في دلالة على النماء والعطاء والفرح، حيث كتبه الشاعر” طارق شخاترة” ومن اخراج” محمد الضمور”،والحان المبدعة” د. ليندا حجازي” واداء الفنانين” ليندا حجازي، احمد رامي، يزن الصباغ” بمرافقة فرقة ” رف”. المغناة تعود الى البدايات،مع بدء الخليقة، مرورا بحقب زمنية مرت على الوطن العربي، حيث هناك معادل بصري على الخشبة لفرقة “رف”، وموسيقى والحان وتوزيع مبدع، حيث ترافق الحان “د.ليندا” التحولات الزمنية، بدءا من الصوت..ونقرات الدفوف، مرورا بنهضة فنية عربية في الأندلس، والغناء الصوفي الذي هو الأقرب لروح الفنان، وانتهاء بثيمة فلكلورية أردنية” فن السامر”، لينتشر هذا النور من الأردن على امتداد الوطن الكبير بثيمة” موطني”. ليلة تعانق فيها الإبداع الفني والتعبير “كلمة..وموسيقى .. وأداء” احتفاء بالضيوف العرب..وبما يليق بالمسرح..والمسرحيين.