تناولت افتتاحيات صحف الإمارات الصادرة اليوم عدداً من القضايا العربية والإقليمية والدولية في مقدمتها الأزمة الليبية ومشروع تركيا التوسعي إضافة إلى تطورات الأوضاع في سوريا وزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفاجئة إلى دمشق.
وتحت عنوان ” تركيا .. مشروع توسّعي فاشل ” كتبت صحيفة ” البيان ” ” فشل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحصول على أي دعم دولي لعمليته المرتقبة في ليبيا، وتبعثرت أحلام أنقرة بعد مواجهة الافتراضات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة التركية إزاء المنطقة العربية”.
كما قالت الصحيفة ” فقد اقتنعت جلّ الدول أن دعم خطة أردوغان سيزيد من تأجيج الفوضى والصراع في ليبيا، ويعطّل التوافق بين الأطراف الليبية، إذ أن أنقرة خسرت مصداقيتها في المنطقة بسبب رهانها على جماعة الإخوان الإرهابية التي يعتبرها الجميع تهديداً وجوديا، فبدلاً من اتباع سياسة احتلالية، يتعين على تركيا العمل تجاه اتفاق سلام يعيد الأمن والاستقرار لليبيا”.
في حين أضافت ” غني عن القول، إن «حكومة الوفاق» تحولت إلى بوابة للمخططات التركية الساعية إلى مد النفوذ في البلاد وتحقيق أحلام أردوغان، حيث يبدو واضحاً ارتهانها إلى الأجندات التركية لدرجة الإصرار على تسليم ليبيا إلى الأتراك في محاولة للحفاظ على السلطة، بعد تقهقر ميليشياتها في الميدان واقتراب الجيش الليبي من تحرير طرابلس، لكن تلاعب أنقرة بالمصطلحات في الاتفاق كشف نواياها الاستعمارية”.
بينما لفتت إلى أن سياسة تركيا تعتمد على التدخل في شؤون الدول الأخرى، من خلال توفير غطاء للإرهاب لمنع تطور أي موقف ليبي يؤدي إلى تحقيق الوحدة .. أطماع أردوغان التوسعية وأحلامه الاستعمارية لا تعترف بالحدود ولا بسيادة الدول، فأنقرة تمارس الوصايا الاحتلالية، لكنها تتناسى أن خطواتها باتت مفضوحة، فرفض المحيط الإقليمي لمخططها في ليبيا، جاء ليؤكد أن مشروع الامبراطورية العثمانية قد أفلس وانتهت صلاحيته.
وخلصت صحيفة ” البيان ” في ختام افتتاحيتها إلى أن تاريخ الاستعمار لا يعاد، وإذا أعيد فلن يكون إلا في شكل مهزلة.
من جهتها وتحت عنوان ” ليبيا في مواجهة الطغيان ” كتبت صحيفة ” الوطن ” 3 ساعات فقط كانت كفيلة بتحرير مدينة سرت الليبية وإعادتها إلى شرعية الإرادة الشعبية الرافضة لما يسمى “حكومة الوفاق” وأي احتلال تركي لليبيا، وهي خطوة يمكن البناء عليها كثيراً، إذ أن أصحاب الأرض دائماً أقوى في مواجهة المأجورين والمرتزقة الذين يقاتلون تبعاً لإرادة الواهمين باستعادة نفوذ ليس من حقهم وإحياء أوهام وأطماع تاريخية يرفضها العالم برمته.
وقالت الصحيفة ” لم يعد الحديث عن نوايا تركيا ومآربها مجدياً، فكل ما سبق التحذير منه بات يتم على أرض الواقع، وسوق المليشيات العابرة للحدود إلى ليبيا يتواصل مع الإعلان عن بدء وصول المئات من المسلحين العاملين تحت إمرة الرئيس التركي وخدمة لأطماعه”.
وأضافت ” النوايا التركية تتجاوز حدود ليبيا بكثير، فهي تريد تحويلها إلى قاعدة للإرهاب ومنطلق للتمدد وتعويض الخسائر التي كان يعول عليها أردوغان وحزبه الذي بات يعاني رفضاً متزايداً داخل تركيا ذاتها، ووضعاً اقتصادياً يتراجع بسرعة كبيرة جراء السياسة المرفوضة عالمياً وتحول أنقرة إلى نموذج للعاصمة التي تعادي كل شيء وتفضل التحالف مع الجماعات الإرهابية و” المتشددة ” و” الإخوانية ” التي تعتبرها أذرعاً متقدمة لخدمة مشاريعها التوسعية والتي وجدت اليوم بما يسمى ” حكومة الوفاق ” أداة تسهل لها العمل على تحقيق التوسع الذي يستهدف ثروات البحر الأبيض المتوسط ويشكل مصدر خطر للدول المجاورة لليبيا، علماً أنه لا يوجد بين البلدين ” تركيا وليبيا ” إلا تاريخ أسود قوامه محتل وغازٍ ودولة عانى شعبها الكثير منذ عقود طويلة وبقي ذلك التاريخ عنواناً للعلاقات التي يحاول أردوغان اليوم تجديدها رغم كل ما يمكن أن ينتج عنها.
ولفتت إلى أن الشعب الليبي واصطفافه خلف جيشه الوطني وإعلان أغلب القبائل تكاتفها مع القوى الوطنية الرافضة للاحتلال التركي يعكس الإرادة الحقيقية والطبيعية لكل شعب يرفض أن يكون رهناً لساسة فقدوا شرعيتهم ويريدون تطويع ليبيا بما يخدم أهدافهم بالسلطة وإن كانوا يحتمون بالمليشيات التي تسيطر بقوة الحديد والنار على العاصمة الأسيرة طرابلس، كذلك يبدو الموقف الدولي المندد بالاتفاقية ” المسخ ” بين أردوغان والسراج من جهة، وتصديق برلمان تركيا على إرسال قوات إلى ليبيا في مخالفة صريحة لقرارات الشرعية الدولية وخاصة مجلس الأمن حالة يمكن البناء عليها، مع استشعار الخطر الكبير لما يشكله التحرك التركي عبر البحر المتوسط باتجاه ليبيا، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتحرك باتجاه منع تهديد الاستقرار ووضع حد لكل محاولات تركيا بالتمدد على حساب حقوق شعوب وعبر انتهاك سيادات دول، لأنها في حالة جنون أرعن عبر اتباع نهج سياسي منفصل عن كل القواعد القانونية والقرارات الدولية المنظمة للعلاقات بين الدول أو الرافضة لفرض أي إملاءات على الشعوب.
واختتمت صحيفة ” الوطن ” افتتاحيتها بالقول ” تحرير سرت خطوة باتجاه إكمال تحرير طرابلس وتطهيرها من أعداء الحياة واستعادة مقومات الدولة ومنع سقوطها مجدداً في براثن الاحتلال العثماني”.
أما صحيفة ” الخليج ” فكتبت تحت عنوان ” بوتين في دمشق ” التأكيد، ليست زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفاجئة إلى دمشق للسياحة، وإن أخذت في بعض أوجهها طابعاً سياحياً؛ كالتجول في بعض شوارع دمشق؛ وزيارة المسجد الأموي الكبير؛ والاطّلاع على معالمه؛ وضريح النبي يحيى، والكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس؛ وهي من أقدم الكنائس في سوريا.
وقالت الصحيفة ” كان العنوان الرسمي للزيارة، هو تفقد الرئيس بوتين للقوات الروسية العاملة في سوريا، وتهنئتها بعيد الميلاد للطائفة الأرثوذكسية الشرقية الذي صادف يوم الثلاثاء الماضي؛ لكن البعد الحقيقي للزيارة غير ذلك تماماً؛ إذ إن بوتين وفور وصوله عقد اجتماعاً في مقر القيادة الروسية في دمشق، بحضور الرئيس السوري بشار الأسد، ووزيري دفاع البلدين وكبار القيادات العسكرية؛ حيث استمعا إلى شرح حول مسار العمليات العسكرية في شمال وشمال شرق سوريا، وتناول الاجتماع حسب المصادر السورية الرسمية «خطط القضاء على الإرهاب الذي يهدد أمن وسلامة المواطنين السوريين في إدلب، وتطورات الأوضاع في الشمال السوري، والإجراءات التي تقوم بها تركيا هناك».
وأضافت ” كان الرئيس الروسي مطمئناً إلى الإنجازات التي تحققت على الأرض، وفق الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الذي نقل عنه قوله : «يمكن القول بكل ثقة إنه تم اجتياز طريق هائل نحو إعادة ترسيخ الدولة السورية، ووحدة أراضيها» .. لكن الرئيس بوتين يعلم أن إعادة ترسيخ الدولة السورية، ووحدة أراضيها ما زال ناقصاً ويصطدم بعقبتين أساسيتين؛ هما: الوجود التركي في شمال سوريا، والوجود الأمريكي في شمال شرقها، خصوصاً في المناطق المحيطة بحقول النفط في الحسكة، وهذا بحد ذاته يعد تحدياً لكل من موسكو ودمشق.
وتابعت ” لذا، لا بد أن النقاش تناول هذا الأمر، وسبل مواجهته، ولا شك في أن القيادة العسكرية الروسية تمتلك رأياً آخر في ذلك؛ إذ إن المصادر الرسمية رأت أن أحد أهداف الزيارة كان البحث في سبل مواجهة الوجود التركي والأمريكي، واتخاذ قرار بهذا الشأن على أعلى مستوى؛ نظراً لأهميته، وإلا لو كان الأمر غير ذلك، فيمكن أن يقوم بالمهمة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أو وزير الدفاع الجنرال شويجو، وانتقال بوتين من دمشق إلى أنقرة؛ للاجتماع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ يؤشر إلى أن الوضع في إدلب يحتل اهتماماً خاصاً في الأجندة الروسية؛ لاستكمال عملية تحرير الأراضي السورية من الجماعات المسلحة والإرهابية.