متابعة – علي معلا:
تعتبر اللامبالاة بصورتها الإيجابية بأنها إتقان فن العيش الصحيح للوصول لحد النضج الإنساني المعتدل المطلوب لمواجهة الحياة بشكل سليم ومقابلة ضغوطاتها والتغلب عليها، وهي إرادة الإنسان وإصراره على العيش وترك كل ما قد يرهقه من إحباطات الآخرين وسلبيتهم، فلا شيء يؤثر به ولا يتأثر بشيء.
وتعني اللامبالاة الإيجابية التغلب على الحزن واليأس والخوف، أن تتجرد ولا تبالي تجاه الكسب والفقد والخسارة والحزن والمحاولات المستمرة التي تدعم الشعور الإنساني السلبي، وأن تمتلك فن اللامبالاة الإيجابية هذا بحد ذاته أمر صحي جداً.
فوائد اللامبالاة الإيجابية:
سيضعف قلقك وستدرك أنه لا فائدة من حمل الضغينة والكره تجاه تصرفات الآخرين التي لا تتماشى مع فهمك الخاص للعالم، وسيحررك التخلي عن تلك الأفكار، ويعينك على فهم اختلاف طبائع الناس، فلا تتوقع منهم أن يفكروا مثلما تفكر.
وبمجرد أن نتقن حرفة الاستغناء سنكون على طبيعتنا دون تصنع أو تكلّف، فنحن غالباً ما نقول أشياء لا نقصدها بقصد إرضاء الآخرين وكسب إعجابهم.
وتساعدنا أيضاً اللامبالاة على التعرف على العلاقات الحقيقية في حياتنا، والابتعاد عن العلاقات السطحية المرهقة، فمن يحبنا سيتمسك بنا ولو لاحظ عدم اهتمامنا أحياناً، وبالمقابل فالأشخاص المزيفون سيسقطون من حياتنا وهذه نعمة.
مع فن اللامبالاة ستتميز أفعالنا باحترام الذات والتعامل مع المواقف بنزاهة، كما أننا نصبح أكثر قدرة على التطور والنمو بظل الخبرات والتجارب الشخصية.
ويجعلنا الوصول لمرحلة اللامبالاة ندرك العيش بطمأنينة ونفس راضية، نعطي بلا مقابل نتقبل الصدمات ونتغلب عليها، نفهم الحياة بمنظور معتدل، وبمجرّد إدراك هذه المرحلة يعني فهم الحياة، فقط عش ولا تبال اعقلها وافعلها، فحين تدرك حقيقة الحياة وترضى ستتأكد أن كلّ ما تخشاه يحمل وراءه كل ما تحبّ فقط عندما ترضى.
وأخيراً كن متوحشاً عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي تحاول سلبك التركيز والحرية، وقل لا لكل شيء لا تريده، التفكير بهذه الطريقة سيؤسس لك أياماً أكثر إشراقاً وبسمة.
وسوف نستعرض في هذا المقال كيفية تعلّم فن اللامبالاة الإيجابية:
1. لا تبال بآراء الناس.
أول خطوة في طريق اللامبالاة هي عدم الاكتراث بآراء الآخرين وعدم تقييد تصرفاتك تبعاً لأهوائهم، لوّن حيّاتك كما تشاء وارقص على إيقاعك الخاص، ولا تأخذ في الاعتبار ما يعتقده عنك الآخرون، فهناك فئة كبيرة من الأشخاص المتمرسين بإصدار الأحكام ومراقبة الناس، لا تلتفت لكلامهم فحياتك من أجلك وليس لإرضائهم، وأنت وحدك من يعرف نفسك فدعها تعيش الحياة بسعادتها.
2. لا تبال بالمستقبل.
لم يعطنا الله علم الغيب لذا لا تفكر كثيراً فيما يخبئه لك المستقبل والأيام القادمة، وتذكر أن هذا النوع من القلق يهدر طاقتك ويعذب نفسك بلا فائدة، فعش أيامك بسلام وتسليم ورضا ولا تفكر كثيراً بأشياء خارجة عن إرادتك موضوعة بعلم الغيب وفي يد صاحب الأمر كلّه وميّسر كل الخير.
3. لا تبال بالفشل.
الطبيعة البشرية تقتضي أن يخطئ الإنسان ويمر بتجارب كثيرة، فلا تكن جلّاداً لذاتك طوال الوقت، وتعامل مع الفشل كمنحنى تعليمي وتجارب تستفيد منها دون أن تستسلم، ولا تنظر للحياة بعين الكمال حتى لا تصاب باليأس، وعندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، دعها تسير على ما يرام ولا تبالِ.
4. اسأل نفسك ما الذي أريده حقاً ونفّذ.
ابدأ لعبة التغيير واخرج من دائرة المسؤوليات والواجبات النموذجية، واسعَ لتخصيص وقت لفعل ما تحب، فالحياة تستحق العيش فقط إذا فعلت ما تحب، أما الواجبات قد تدخلك في دوامة الروتين القاتل.