متابعة-جودت نصري
يعد التوتر جزءاً طبيعياً من الحياة، وقد يكون ناتجاً عن عدة عوامل من البيئة المحيطة، أو بسبب إصابة جسدية. والمقصود بالتوتر هو رد فعل الجسم لأي تغير يتطلب اتخاذ قرار واستجابة، فيمكن أن يأتي من أي حدث أو فكرة تجعل الفرد يشعر بالإحباط، وهو رد فعل طبيعي من الجسم على التحدي أو الطلب في فترة قصيرة، ويمكن أن يكون إيجابياً، ولكن إذا استمر لفترات طويلة فهو يعتبر نوعاً من أنواع الألم النفسي، وقد يضر بالصحة.
متى يصنّف الشخص بأنه يعاني من التوتر المزمن؟
يصنف الشخص بأنه يعاني من التوتر المزمن إذا تراكمت لديه ضغوطات الحياة، ولم يسع لإيجاد الحلول المناسبة للتخلص منه، حيث تتطلب الاستجابة الفسيولوجية الكثير من طاقة الجسم، فيضعف جهاز المناعة، وهذا يجعل الفرد أكثر عرضة للأمراض الجسدية، فقد يعاني من أعراض مثل الصداع المستمر، اضطراب في الجهاز الهضمي، ومشاكل في الجلد والبشرة. أما إذا تعرض الشخص للتوتر المزمن لفترات بعيدة ولم يتخلص منه، فقد يتعرض لمشاكل صحية أكبر، مثل ارتفاع ضغط الدم المزمن، أمراض القلب، الإصابة بداء السكري ومضاعفاته، والإصابة بالاكتئاب أو القلق ونوبات الهلع وغيرها.
كيف يتفاعل الجسم مع التوتر المزمن، وما مدى تأثيره على الصحة؟
يتفاعل الجسم مع التوتر عن طريق إطلاق الهرمونات التي تجعل الدماغ أكثر يقظة وتتسبب في شد العضلات وزيادة النبض، ويتم إفراز هرمون التوتر (الكورتيزول) بكميات كبيرة في الجسم الذي يتسبب في ارتفاع إفراز هرمون الإنسولين، ما يشكل مقاومة الإنسولين، ومن هنا يبدأ تدهور الحالة الصحية.
وهناك عوامل مساعدة تزيد من فرصة الإصابة بالتوتر المزمن منها:
سوء التغذية، قلة النوم، قلة الحركة والرياضة، عدم تنظيم الوقت، تسويف المهام والعمل وعدم تحديد الأولويات، مخالطة الأشخاص السلبيين في أغلب الأوقات، وعدم تقدير الذات.
حلول تساعد على التحكم في التوتر
حتى نحمي أنفسنا من الإصابة بالتوتر المزمن، هناك عدة حلول تساعد على ضبط والتحكم في التوتر، ممكن أن نلخصها في 10 نقاط مهمة:
التغذية السليمة: حتى نتجنب الإصابة بمقاومة الإنسولين المرتبط بارتفاع هرمون الكورتيزول المسؤول عن الإصابة بالتوتر المزمن، من المهم أن نتوقف عن تناول السكريات، ونختار المصادر الصحية من الكربوهيدرات التي لا تؤثر على ارتفاع مستوى السكر في الدم، مثل تناول الخضروات الورقية الخضراء، الخضروات غير النشوية، وأن نتناول ما يغطي احتياجاتنا من البروتينات الصحية الطازجة، ونبتعد عن البروتينات المصنعة، أيضاً من المهم أن نركز على اختيار الدهون الصحية التي تغذي الجسم وتمده بالطاقة، ويحتاجها الدماغ، مثل زيت الزيتون، الأفوكادو، البذور والمكسرات، والسالمون وغيرها.. وألا ننسى شرب الماء والسوائل المناسبة التي تساعد الجسم على إتمام العمليات الحيوية وتمنع عنه الجفاف.
تحسين جودة النوم: فالنوم ينظف أنسجة وخلايا الدماغ من السموم المتراكمة خلال النهار، وينظم الهرمونات ويعيدها إلى وضعها الطبيعي، ويجدد الطاقة والنشاط، كما أنه يمنع إفراز هرمون التوتر (الكورتيزول). ومن المهم أن ينظم الشخص أوقات النوم ليلاً، ويبتعد عن السهر، ويتجنب تناول المشروبات المحتوية على كافيين مساءً، وأن يتعرض لأشعة الشمس لأنها تساعد الجسم على إفراز هرمون الميلاتونين ليلاً (المسؤول عن تحسين جودة النوم) والابتعاد عن تناول الطعام في وقت متأخر حتى لا يؤثر على جودة النوم، على الأقل قبل موعد النوم بـ 3 إلى 4 ساعات، ويفضل عدم تناول الوجبات عالية السكريات لأنها تسبب الجوع المستمر وقد تؤثر على جودة النوم.
ممارسة الرياضة: عند ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي وتمارين الإطالة والسباحة واليوغا وغيرها، يحسن من النفسية بشكل كبير ويساعد على الحد من الإصابة بالتوتر.
ممارسة تمارين التنفس العميق والاسترخاء: أثبتت الدراسات أن التنفس العميق والاسترخاء يعتبر من التمارين التي لها آثار إيجابية على تحسين النفسية، فهو يساعد الجسم على التخلص من التوتر المزمن.
الابتعاد عن متابعة الأخبار السيئة: لأنها تؤثر على الحالة النفسية بشكل سلبي، وتزيد من فرصة الإصابة بالتوتر المزمن.
مجالسة الأشخاص الإيجابيين الداعمين: لأن الإنسان بطبعه قد يتأثر بمن حوله ففرصة تواجدنا بالقرب من الشخصيات الإيجابية والداعمة لها أثر كبير في تحسين الحالة النفسية.
تخصيص وقت لممارسة الأنشطة السارة: وممارسة الهوايات كالأعمال اليدوية أو الزراعة أو غيرها. فالانشغال بالهوايات يجعل الشخص يتوقف عن التفكير بالتوتر والمشاكل المحيطة، ويركز على الذات ويخفف من القلق ويقلل من احتمالات الإصابة بالاكتئاب المرتبطة بالإجهاد
التأمل: يساعدنا على الشعور بالهدوء والسلام الداخلي، فله أثر كبير على التقليل من المشاعر السلبية التي تحفز التوتر والقلق تجاه الحاضر والمستقبل، فهو يساعد على رفع مستوى التخيل والإبداع، وزيادة الصبر والتسامح، وخفض معدل ضربات القلب أثناء فترة الراحة، وبالتالي يساهم في ضبط معدلات ضغط الدم ويحسن من جودة النوم.
العطاء المستمر والامتنان بنعم الله: علينا فعل الخير، فله أثر كبير في تحسين النفسية، وهو السبب الرئيسي للشعور بالسعادة والرضا أكثر عن الحياة.
أخيراً وليس أخراً: مراجعة المختصين وطلب الاستشارة حتى يتم التوجيه الصحيح.