متابعة-جودت نصري
يبدو أن الفيروسات القاتلة التي تهاجم البشر لا نهاية لها، فكلما تمَّ السيطرة على أحدها والقضاء عليه يبزغ نجم فيروس آخر أشد فتكاً وضراوة، فما إن تنفست البشرية الصعداء عقب السيطرة على فيروس كورونا وتحجيمه إلا وظهر فيروس ماربورغ والذي تخشى منظمة الصحة العالمية من تفشيه وتحوله إلى وباء عالمي، إثر إعلان السلطات الصحية في جمهورية تنزانيا الاتحادية وجمهورية غينيا الاستوائية عن رصد تفشيات للفيروس. فما هو فيروس ماربورغ، وما أعراضه، وكيف تحدث العدوى، وهل يمكن الوقاية منه؟
– كيف تم التعرف إلى ماربورغ لأول مرة؟
وفقاً لموقع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها cdc.gov، تمَّ التعرف إلى فيروس ماربورغ لأول مرة في عام 1967 عندما تمَّ إرسال شحنة من القرود الأفريقية الخضراء (Cercopithecus aethiops) المصابة من أوغندا إلى المختبرات في ماربورغ وفرانكفورت بألمانيا وبلغراد، في يوغوسلافيا آنذاك. توفي سبعة عمال في المختبر في غضون أسبوع تقريباً. منذ ذلك الحين، تمَّ الإبلاغ عن عشرات الفاشيات مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص. ووقع معظمها بالقرب من الكهوف، أو المناجم التي تنتشر فيها الخفافيش Rousettus bat، بما في ذلك واحد يقع في الخريف الماضي على طول الحدود الشرقية لأوغندا مع كينيا. من بين أربعة أفراد من الأسرة أصيبوا بالمرض، نجا واحد فقط.
ووفقاً لموقع washingtonpost.com، فقد قاد علماء مركز السيطرة على الأمراض CDC مشروعاً تجريبياً صغيراً في أعماق غابات أوغندا؛ لتتبع حركة الخفافيش التي تحمل فيروس ماربورغ القاتل، يجمع العلماء الخفافيش في كهف Python (يحتوي على حوالي 50000 خفاش في الكهف)، ويعلقون وحدات GPS على ظهور هذه الخفافيش لالتقاط تحركاتها لفهم كيفية انتشار فيروس ماربورغ إلى البشر بشكل أفضل.
– ما هو فيروس ماربوغ؟
مرض فيروس ماربورغ (MVD) هو حمى نزفية نادرة، ولكنها شديدة تصيب البشر والرئيسيات غير البشرية. يحدث MVD بسبب فيروس ماربورغ، وهو فيروس حيواني المنشأ ومتوارث، من عائلة الفيروسات الخيطية. الأنواع الستة من فيروس الإيبولا هي الأنواع الأخرى الوحيدة المعروفة من عائلة الفيروسات الخيطية. ولا يُعد ماربورغ بكتيريا أبداً. إلى ذلك قد يهمك معرفة الفرق بين البكتيريا والفيروس.
– كيف ينتقل الفيروس للبشر؟
حسب منظمة الصحة العالمية تنتج عدوى MVD البشرية عن التعرض المطول للمناجم أو الكهوف التي تسكنها مستعمرات خفافيش الفاكهة، وينتشر ماربورغ من خلال الانتقال من إنسان إلى آخر عن طريق الاتصال المباشر من خلال التلامس لجروح الجلد أو الأغشية المخاطية في العين أو الأنف أو الفم مع الدم أو سوائل الجسم مثل البول واللعاب والعرق والبراز والقيء وحليب الثدي والسائل الأمنيوسي والسائل الذكوري لشخص مريض بالفيروس، ويرتبط الانتقال كذلك عن طريق معدات الحقن الملوثة، أو من خلال إصابات وخز الإبرة، وقد ينتقل المرض خلال مراسم دفن متوفى مصاب بالمرض.
– ما هي أعراض مرض فيروس ماربورغ وكيف يتم التشخيص؟
فترة حضانة المرض تتراوح من 2 إلى 21 يوماً، على أن الأعراض تبلغ شدّتها في اليومين الثامن والتاسع، وقد يواجه المريض الوفاة من اليوم التاسع، فيما يستمر المريض في المعاناة حتى اليوم الـ 21.
فإذا ظهرت على الشخص أعراض مبكرة لـMVD وتعرّض محتمل لفيروس ماربورغ، فيجب عزل المريض وإخطار الطبيب الاختصاصي بعلم الفيروسات الفيروسات، واختصاصي الصحة العامة. يمكن بعد ذلك جمع عينات من المريض واختبارها لتأكيد الإصابة.
• في الأيام الأولى لظهور الأعراض (من اليوم الأول حتى الرابع)
يبدأ المرض الناجم عن فيروس ماربورغ فجأة، مع ارتفاع في درجة الحرارة وصداع شديد وتوعك شديد، ويشعر المريض كذلك بآلام العضلات، ومن الأعراض كذلك الإسهال المائي الحاد وآلام البطن والتشنجات والغثيان والقيء في اليوم الثالث، وقد يستمر الإسهال لمدة أسبوع.
• في اليوم الخامس وحتى السابع بعد ظهور الأعراض
ومع تفاقم المرض يصاب العديد من المرضى بمظاهر نزفية حادّة بين 5 و7 أيام، فيحدث قيء وبراز مصحوبان بالدم، ونزيف من الأنف واللثة والمنطقة التناسلية لدى النساء، ويمكن أن يحدث النزيف في مواقع بزل الوريد، (حيث يتم الوصول إلى الوريد لإعطاء السوائل أو الحصول على عينات الدم)، وذلك خلال المرحلة الشديدة من المرض. ويعاني المرضى كذلك من حمى شديدة.
• في اليوم الثامن والتاسع بعد ظهور الأعراض
في الحالات المميتة، تحدث الوفاة غالباً بين اليوم 8 و9 من المرض، بعد ظهور الأعراض، وعادة ما يسبقها فقدان شديد للدم، وفشل في أجهزة الجسم.
– هل من علاج لفيروس ماربورغ؟
لا يوجد علاج محدد لمرض فيروس ماربورغ، إلا أنه يمكن استخدام العلاج الداعم في المستشفى، والذي يشمل موازنة سوائل المريض والحفاظ على حالة الأكسجين وضغط الدم، واستبدال الدم المفقود وعوامل التخثر، وعلاج أي عدوى معقدة، إلا أنه مع توغل المرض يكون الأمر غير ذي جدوى، مما يجعل الوقاية من المرض أمراً بالغ الأهمية.
– ما هي طرق الوقاية من مرض ماربورغ؟
تعتبر خفافيش الروستوس مضيفاً طبيعياً لفيروس ماربورغ، ولذلك عند التواجد في منطقة يحتمل وجود فيروسات ماربورغ فيها؛ هناك عدد من الطرق للوقاية من المرض، وهي:
– تجنّب ملامسة الدم وسوائل الجسم (مثل البول والبراز واللعاب والعرق والقيء وحليب الثدي والسائل الأمنيوسي والسوائل التناسلية) للأشخاص المرضى.
– عدم ملامسة العناصر التي قد تكون لامست دم الشخص المصاب، أو سوائل الجسم (مثل الملابس والفراش والإبر والمعدات الطبية).
– تجنّب حضور الجنازات وممارسة طقوس الدفن التي تنطوي على لمس جسد شخص مات بسبب ماربورغ المشتبه به أو المؤكد.
– تجنّب ملامسة خفافيش الفاكهة والرئيسيات غير البشرية (مثل القرود والشمبانزي) والدم أو السوائل أو اللحوم النيئة المحضرة من هذه الحيوانات أو الحيوانات غير المعروفة.
– عدم الذهاب إلى المناطق المعروفة بأنها مأهولة بخفافيش الفاكهة (مثل المناجم أو الكهوف).
– يجب على الأشخاص ممن سافروا إلى مناطق معروف تفشي المرض فيها مراقبة صحتهم لمدة 21 يوماً، وطلب الرعاية الطبية فوراً إذا ظهرت عليهم الأعراض السابقة الذكر.
يُذكر أن التوصيات الخاصة باحتياطات الوقاية من عدوى فيروس ماربورغ (MVD)، ومكافحتها هي نفسها التوصيات الخاصة بمرض الإيبولا في أماكن الرعاية الصحية، وذلك حسب موقع منظمة الصحة العالمية، والتي أعلنت مؤخراً عن تفشي “فيروس ماربورغ”.. وتحذر: خطير وسريع العدوى.
