متابعة-جودت نصري
تلعب الألوان دوراً مؤثراً في حياتنا أكثر مما ندركه. حيث يمكن أن تؤثر على عقولنا وأجسادنا وسلوكنا ومزاجنا العام. وربما حتى على نظامنا الغذائي، بدءاً من الملابس التي نرتديها، إلى السيارة التي نقودها، إلى الألوان التي تحوط بنا في المنزل ومكان العمل. كما يلعب اللون دوراً مهماً في نقل المعلومات، وحتى التأثير على قراراتنا.
بعض الألوان أو الظلال يمكن أن يكون لها مجموعة واسعة من التأثيرات، فالألوان القريبة من الطيف الأحمر هي ألوان أكثر دفئاً، بما في ذلك الأحمر والبرتقالي والأصفر. تثير هذه الألوان الدافئة مشاعر تتراوح من مشاعر الدفء والراحة إلى مشاعر الغضب والعداء. بينما تشتهر الألوان الزرقاء مثل البنفسجي والأخضر بإثارة مشاعر الهدوء أو الحزن أو اللامبالاة.
ويتزايد الاهتمام بعلم نفس الألوان، ولا يزال هناك الكثير لنتعلمه كيف يمكن أن يؤثر ذلك على مزاجنا ومشترياتنا وأدائنا. فما مدى تأثير الألوان في حياتنا اليومية؟
تأثير الألوان على الأداء والإبداع
أظهرت الدراسات أن اللون يمكن أن يؤثر على أدائك، فقد تمَّ إجراء دراسة في ست تجارب باستخدام 71 طالباً جامعياً تمّ تقديم عدد منهم، وتلوين كل رقم باللون الأحمر أو الأخضر أو الأسود قبل إجراء اختبار مدته خمس دقائق. وتبين أنه من بين أولئك الذين تعرضوا للّون الأحمر، تسبب ذلك في الإضرار بأداء الاختبار.
وبحسب خبراء علم النفس، يمكن أن يساعد اللون الأخضر في تدفق العصائر الإبداعية. قارنها العلماء بالأبيض، والرمادي، والأحمر، والأزرق. والأخضر ساعد الأشخاص على أداء أفضل في الأنشطة القائمة على الكلمات والصورة.
تأثير الألوان على الذاكرة
يمكن أن تؤثر الألوان على ما تتذكرينه. إذا كان هناك الكثير من اللون الأحمر حولك، فمن المرجح أن تتذكري الكلمات السلبية. قد تصبح ردود أفعالك أسرع وأقوى عندما ترين الألوان الحمراء، لأن عقلك يراها علامة على الخطر. لهذا السبب يستعد جسدك للدفاع أو الهجوم. من ناحية أخرى، يميل اللون الأخضر إلى جعلك تتمسكين بالأمور الإيجابية. قد يساعدك ذلك في الحصول على نظرة أكثر سعادة لحياتك وحالة ذهنية أكثر صحة.
التأثير على العواطف والعلاقات
يبدو أن اللون الأخضر يجعل المشاعر الإيجابية أقوى والمشاعر السلبية أضعف. وقد يكون للأبيض والوردي تأثيرات متشابهة، لكن الباحثين ما زالوا يدرسون هذه التأثيرات. هذه الألوان يمكن أن تُسهِّل عليك التقاط تعبيرات الوجه السعيدة للآخرين. وفي ذات الوقت يبدو أن اللون الأحمر له تأثير معاكس، ويجعل المشاعر السلبية -مثل تلك المرتبطة بالفشل والخطر- أكثر حدّة.
أثر الأخضر على مستوى الطاقة في الجسم
قد تكونين أكثر سعادة وأقل تعباً بعد ممارسة الرياضة في محيط أخضر اللون. ومن المنطقي أن يشعر الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بالخارج، حيث يوجد المزيد من الخضار، بتحسن. ويميل وجود المزيد من المساحات الخضراء في المكان الذي تعيشين فيه إلى تعزيز صحتك العقلية.
التأثير على مستوى الأكل والشهية
يمكن أن يؤثر لون طبقك على مقدار ما تأكلينه. فكلما كان لون الطبق مختلفاً عن لون الطعام الموجود عليه، قل ما تقدمينه لنفسك.
يبدو أن الأطفال يأكلون أكثر إذا كانت هناك ألوان مختلفة في أطباقهم. قد تكون إحدى الطرق لمحاولة جعل طفلك يأكل المزيد من الفواكه والخضروات هو الخروج ببعض مجموعات الألوان الزاهية، غالباً ما تعني الألوان المختلفة تنوعاً أكبر من العناصر الغذائية، وهذا جيد لنمو الأجسام.
إعادة ضبط الساعة الداخلية
وجد العلماء أن الضوء الأزرق الساطع قد يساعد في إعادة ضبط إيقاع الساعة البيولوجية إذا خرج عن السيطرة. تشير الدراسات إلى أن اللون الأزرق له تأثير إيجابي كبير على الأنماط الجسدية والعقلية والسلوكية التي تمرين بها كل 24 ساعة.
استخدام الألوان كعلاج
إذا كنت تعانين من الصداع النصفي، فقد تجدين أنك تريدين تجنّب الضوء. يبدو أن الألوان المختلفة، أو “الأطوال الموجية” للضوء -الأزرق، والعنبر، والأحمر- تجعل الصداع النصفي أسوأ. كل هذا ما عدا اللون الأخضر، والذي يبدو أنه يساعد بالفعل.
وقد مارست الثقافات القديمة ما يسمى العلاج بالألوان، والذي يستخدم الألوان للشفاء. ومع ذلك، ورغم أن بعض علماء النفس ينظرون إلى العلاج بالألوان بشك، إلا أنه لا يزال يستخدم حتى اليوم في بعض الممارسات الشاملة. أظهرت الأبحاث أن “تأثير تغيير الحالة المزاجية” للّون قد يكون مؤقتاً فقط في كثير من الحالات.