متابعة: نازك عيسى
في بادرة إنسانية جديدة لشرطة دبي، تكفلت الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي، بأطفال نزيلة أرملة في سجن النساء بدبي، ليس لهم من يُعيلهم، وتكتمت والدتهم عن الإبلاغ عن وجودهم بمفردهم في المنزل دون رعاية، ولا كهرباء أو مياه، خشية أن تتسلمهم مؤسسات الرعاية وتفصل الطفل الأكبر عن أخويه، نظراً لبلوغه 15 عاماً.
وتفصيلياً، قال العميد مروان عبد الكريم جلفار، مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية بدبي، إن سجن النساء بدبي، استقبل نزيلة مازالت قضيتها منظورة أمام المحاكم، وبعد مرور أسابيع على إيداعها السجن، أفصحت عن وجود أطفالها الثلاثة وحدهم في شقتهم، دون مُعيل أو شخص بالغ لرعايتهم، من دون مياه أو كهرباء، نظراً لتعسرها ماديا في الآونة الأخيرة، وعدم استلامها مستحقاتها المتأخرة لتتمكن من سداد إيجار الشقة أو دفع فواتير الماء والكهرباء، معربة عن قلقها الكبير وخوفها عليهم من البقاء وحدهم هناك.
وأضاف العميد ” أخفت الأم عن الجميع وجود 3 أطفال في الشقة وحدهم، يبلغون من العمر على التوالي، 15 عاماً، 12 عاماً، و9 أعوام، أملاً منها أن تخرج خلال بضعة أيام من توقيفها، وتستأنف قضيتها المنظورة في المحاكم وهي في الخارج، وفي ذات الوقت، خشيت أن تُفصح عن وجودهم مَخافة أن تتسلمهم مؤسسات الرعاية، وتفصل الابن الأكبر عن أخويه، وهو ما دفعها للبقاء صامتة عدة أسابيع، معتمدة على الأصدقاء للاطمئنان عليهم بين الحين والآخر.”
وأكد العميد أنهم وبالتنسيق مع إدارة حماية حقوق الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، قرروا عدم التفريق بين الأطفال الثلاثة، تلبية لرغبة الأم، وكان الحل الأمثل أن تتسلمهم عائلة حاضنة إلى حين انتهاء محنة والدتهم.
وأضاف “تطوعت إحدى موظفات شرطة دبي باحتضان الأطفال ورعايتهم إلى حين خروج والدتهم من السجن، في حين تكفل قسم الرعاية الإنسانية في المؤسسات العقابية بصرف رواتب شهرية لهم، وسداد قيمة الإيجار المتأخر الفترة الماضية، وقيمة فواتير الكهرباء والمياه حتى انتهاء الأزمة.”
من جانبها، أكدت العقيد جميلة الزعابي، مدير سجن النساء بدبي، أنهم حريصون على استقبال النزيلات الجدد بترحاب، وطمأنتهن بأنهن أسرة واحدة، وأن هدف شرطة دبي هو مساعدتهن على تجاوز محنتهن عبر الالتحاق ببرامج تأهيلية وتعليمية وتدريبية وحرفية ورياضية وثقافية ودينية، سعياً لإصلاحهن ليتمكن من التصالح مع أنفسهن والتعايش مع الظروف المستجدة، والبدء من جديد مع المجتمع بعد انقضاء فترة الحكم.
وأضافت العقيد الزعابي “حين تسلمنا النزيلة “والدة الأطفال”، لم تُفصح بشيء إطلاقاً، وبعد فترة من شعورها بالأمان والطمأنينة، ولأن أسابيع انقضت على رؤيتها لأطفالها، ولم تعد تحتمل مشاعر القلق والخوف عليهم، أقرت بوجود أطفالها الثلاثة في شقتهم وحدهم، دون كهرباء ومياه، وأنها فقدت وظيفتها ولم تستلم مستحقاتها بعد، وعجزت عن سداد قيمة الإيجار أو فواتير الكهرباء والمياه، كما تراكمت عليها الديون، وأصبحت عاجزة وحدها عن إصلاح الوضع، ثم فوجئت بتوقيفها وترحيلها إلى سجن النساء، إلى حين الحكم في قضيتها، وكانت تواسي نفسها بأن أصدقاء في الخارج يطمئنون على أطفالها بين الحين والآخر، ويقدمون لهم المساعدة، لكن المدة طالت ومازالت لا تعلم مصيرها، فلم تعد تتمالك أعصابها، وقررت البوح بوجودهم وحدهم، وانهارت بالبكاء، راجية التواصل معهم والاطمئنان عليهم، وألا نفصلهم عن بعضهم البعض.”
وتابعت العقيد حديثها ” بالطبع سارعنا فوراً بالتواصل مع إدارة حماية حقوق الطفل في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، والذين تعاونوا بشدة وحرص لمصلحة الأطفال، واتفقنا على استلام عائلة حاضنة لهم بشكل قانوني، لرعايتهم والاهتمام بهم، إلى جانب سداد قسم الرعاية الإنسانية في المؤسسات العقابية لقيمة الإيجار المتأخر، وفواتير الكهرباء والمياه، وصرف رواتب شهرية لهم، وذلك إلى حين خروج والدتهم من السجن.”
وأكدت أن الأطفال الثلاثة يعيشون معا بخير وعافية، وهم على تواصل مع والدتهم بشكل دوري.
أما النزيلة فلم تتمالك دموعها التي انهمرت سعادة واطمئناناً وراحة، موجهة شكرها للعائلة التي احتضنت أطفالها ولشرطة دبي التي سعت على وجه السرعة لرعاية أطفالها وإنهاء معاناتهم.