متابعة-جودت نصري
تلعب القراءة الكثير من الأدوار الفعّالة في تحسين صحتنا العقلية والنفسية، فقد أجرى الباحثون العديد من الدراسات والأبحاث للتحقيق في تأثير تجارب القراءة، مع الإبلاغ عن أدلة على فوائد الصحة العقلية والاجتماعية الواعدة لها. فسواء كان الأشخاص يقرأون بمفردهم أو مع الآخرين؛ فإنهم يجدون الصلة والمعنى بين الصفحات، مما يمنح صحتهم العقلية دفعة على طول الطريق.
في السطور التالية، ستتعرفين على المزيد من فوائد القراءة وتأثيرها على زيادة الصحة العقلية للإنسان.
– القراءة لتعزيز التأمل الهادف
تجربة الانغماس أو الانخراط أثناء قراءة قصة “الاستيعاب السردي” هي أكثر من مجرد تجربة ممتعة بالفطرة، إذ يمكنها أيضاً تعزيز إحساسنا بالرفاهية. ويعتقد الباحثون أن نقل أنفسنا عقلياً بعيداً عن محيطنا المادي يمكن أن يوفر ملاذاً أو فرصة للتأمل الهادف.
ولا توفر القراءة هذه الفرص فحسب، بل تساعدنا أيضاً على فهم عوالمنا، ففي إحدى دراسات التصوير العصبي، كان لدى المشاركين الذين قرأوا المزيد من القصص الخيالية تنشيطاً أكبر لأجزاء من قشرة الفص الجبهي عند قراءة نص يحتوي على سياق اجتماعي، وقد يفسر هذا التنشيط الأكبر جزئياً العلاقة بين القراءة مدى الحياة والقدرة على فهم كيف يفكر الآخرون.
– القراءة علاج للاكتئاب
تستمر التأثيرات الصحية للقراءة لفترة طويلة بعد أن تتوقفي عن قراءة الكتاب، وأظهرت الأبحاث انخفاض أعراض الاكتئاب بعد شهور أو حتى سنوات لدى البالغين الذي يقرأون. والقراءة لا تساعد فقط على جعل الحياة أكثر جدارة بالعيش، ولكنها مرتبطة بالعيش في صحة أفضل. فقد وجدت إحدى الدراسات أن كبار السن الذين يقرأون الكتب بانتظام؛ لديهم انخفاض بنسبة 20 في المائة في معدل الوفيات مقارنة بأولئك الذين لم يقرأوا.
وتشير الأبحاث إلى أن تجارب القراءة المشتركة ساعدت على تخفيف أعراض الاكتئاب لمرضى الجراحة، وتقليل الأعراض المعرفية والعاطفية لدى مرضى الخرف، وتحسين الأداء الإدراكي والنفسي لدى مرضى الذهان.
– القراءة علاج للقلق والحزن
يستخدم الممارسون الصحيون الكتب والعلاجات الكتابية لدعم الصحة العقلية للمجموعات التي تواجه تحديات مختلفة، بما في ذلك القلق والاكتئاب والحزن.
وعلى الرغم من أنه يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة، إلا أن العلاج الكتابي يتضمن عادةً تجربة القراءة والتفكير ومناقشة الأدبيات المحددة مع معالج فردي أو في بيئة علاج جماعي، على الرغم من أن المعالج لا يشارك دائماً.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن المرضى قد يستفيدون من العلاج الكتابي المستخدم جنباً إلى جنب مع العلاج السلوكي المعرفي التقليدي أو استشارات الحزن.
– القراءة لتحسين المرونة العقلية
عندما تقرئين، فأنتِ مجبرة على العيش في عقل شخص آخر ورؤية الأشخاص والمفاهيم والمواقف من منظور خارج نطاقكِ الخاص، خاصة عند قراءة روايات الأدب الروائي والشعر، فلدى هذا النوع من الكتب تأثير خاص في تحدي العقل والانفتاح على تفسيرات جديدة للواقع.
وجدت إحدى الدراسات أن المفاهيم المعقدة الموجودة غالباً في الشعر تحفّز الدماغ، حيث تحسّن قدرة القارئ على التفكير خارج الصندوق، ويتيح ذلك تعزيز المرونة العقلية الصحية وحل المشاكل بطرق جديدة ومبتكرة، ويمكن أن يجعل التغييرات السلوكية وكسر العادات أسهل في تحقيقها.
– القراءة نوع من ممارسة اليقظة
اليقظة هي تقنية مستخدمة منذ فترة طويلة، وانتشرت مؤخراً في المجال الطبي لعلاج الأمراض العقلية وتحسين الحياة العامة، وتعني ممارسة اليقظة التخلي عن أية مخاوف أو ندم تتعلق بالمستقبل أو الماضي، والعيش بالكامل في الوقت الحالي. ويمارس العديد من الأشخاص اليقظة من خلال التأمل أو اليوجا، ولكن وُجد أن القراءة توفر نوعاً من اليقظة الذهنية السهلة للقارئ، حيث تسمح لكِ القراءة بفقدان نفسكِ بين صفحات قصة رائعة، أو الانغماس في تعلم معلومات جديدة حول شيء يثير اهتمامكِ بشدّة، وعندما تقرئين شيئاً تستمتعين به، يكون تركيزك على اللحظة الحالية، بعيداً عن الأفكار المقلقة. وبهذه الطريقة، يمكن أن تكون القراءة أداة رائعة لمكافحة القلق والاكتئاب.