متابعة-جودت نصري
رهاب السعادة أو “الشيروفوبيا” هي حالة يعاني منها بعض الأشخاص ويشعرون بنفور غير عقلاني من السعادة، ويأتي المصطلح من الكلمة اليونانية “شيرو”، والتي تعني “نبتهج”. وعندما يعاني شخص ما من رهاب الشيروفوبيا، فإنه غالباً ما يخشى المشاركة في الأنشطة التي قد يصفها الكثيرون بالممتعة أو السعيدة، وهذه الحالة لم يتم بحثها أو تعريفها على نطاق واسع، ولكن يستخدم الأطباء النفسيون المعايير الأكثر شيوعاً في الإصدار الجديد من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) لتشخيص حالات الصحة العقلية، وفي الوقت الحالي لا يُدرج رهاب السعادة على أنه اضطراب عقلي أو نفسي.
أعراض رهاب السعادة
يصنف بعض الخبراء رهاب السعادة “الشيروفوبيا” كشكل من أشكال اضطراب القلق، والقلق هو شعور غير منطقي أو متصاعد بالخوف المرتبط بالتهديد المتصور، وفي حالة الشيروفوبيا، يرتبط القلق بالمشاركة في الأنشطة التي يُعتقد أنها تجعل الشخص سعيداً.
والشخص المصاب برهاب الشيروفوبيا ليس بالضرورة شخصاً حزيناً، بل هو شخص يتجنّب الأنشطة التي قد تؤدي إلى السعادة أو الفرح، ويمكن أن تتضمن أمثلة الأعراض المرتبطة برهاب الشيروفوبيا ما يلي:
– الشعور بالقلق من فكرة الذهاب إلى تجمع اجتماعي بهيج، مثل حفلة أو حفل موسيقي أو أي حدث آخر مشابه.
– رفض الفرص التي قد تؤدي إلى تغييرات إيجابية في الحياة؛ بسبب الخوف من حدوث شيء سيئ.
– رفض المشاركة في الأنشطة التي قد يصنفها الناس أنها أنشطة مرحة.
وتتضمن بعض الأفكار الرئيسية التي قد يعبّر عنها الشخص الذي يعاني من رهاب الشيروفوبيا ما يلي:
– أن تكون سعيداً يعني أن شيئاً سيئاً سيحدث لي.
– السعادة تجعلك شخصاً سيئاً أو أسوأ.
– إظهار أنك سعيد أمر سيئ لك أو لأصدقائك وعائلتك.
– محاولة أن تكون سعيداً هي مضيعة للوقت والجهد.
وفي مقال نشر في مجلة علم النفس عبر الثقافات، أنشأ المؤلفون مقياس الخوف من السعادة، وتمَّ إنشاؤه لمقارنة الخوف من السعادة عبر 14 ثقافة، إذ يمكن أن يساعد المقياس أيضاً الشخص أو طبيبه في تقييم ما إذا كان لديه أعراض رهاب الشيروفوبيا. وبعض العبارات كانت تشمل ما يلي:
– أفضل ألا أكون مبتهجاً جداً؛ لأن الفرح عادة ما يتبعه الحزن.
– غالباً ما تتبع الكوارث الحظ السعيد.
– الفرح المفرط له بعض العواقب السيئة.
أسباب رهاب السعادة
في بعض الأحيان، يمكن أن ينبع رهاب الشيروفوبيا من الاعتقاد بأنه إذا حدث شيء جيد جداً لشخص ما، أو إذا كانت حياته تسير على ما يرام؛ فمن المتوقع حدوث حدث سيئ؛ نتيجة لذلك، قد يخشى المصابون بهذا الرهاب الأنشطة المتعلقة بالسعادة لأنهم يعتقدون أن بإمكانهم درء حدوث شيء سيئ، هذا هو الحال غالباً عندما يتعرّض شخص ما لحدث صادم جسدي أو عاطفي في الماضي. وقد يكون الشخص الانطوائي أكثر عرضة للإصابة برهاب السعادة، والانطوائي هو الشخص الذي يفضل عادة القيام بالأنشطة بمفرده أو مع شخص أو شخصين في وقت واحد، وقد يشعر بالخوف أو عدم الارتياح في التجمعات، والأماكن الصاخبة، والأماكن التي بها الكثير من الناس. والكماليون هم نوع آخر من الشخصيات التي قد يرتبطون برهاب الشيروفوبيا، وهم أولئك الذين يتسمون بالكمال حيث يشعرون أن السعادة هي سمة للأشخاص الكسالى أو غير المنتجين. نتيجة لذلك، قد يتجنبون الأنشطة التي يمكن أن تجلب لهم السعادة؛ لأنَّ هذه الأنشطة يُنظر إليها على أنها غير منتجة.
علاج رهاب السعادة
لا يحتاج كل شخص ينفر من السعادة إلى العلاج بالضرورة، فقد يشعر البعض بالسعادة والأمان عندما يتجنّبون السعادة، وما لم يتدخل رهاب السعادة في نوعية حياة الإنسان أو قدرته على الحفاظ على وظيفة، فقد لا يحتاج إلى علاج على الإطلاق. ونظراً إلى أن مرض الشيروفوبيا لم يتم تفصيله أو دراسته إلى حد كبير، باعتباره اضطراباً منفصلاً خاصاً به، فلا توجد أدوية مصدق عليها أو علاجات أخرى محددة قد يتبعها الشخص لعلاج الحالة. ومع ذلك، فإنَّ بعض العلاجات المقترحة لرهاب السعادة تشمل ما يلي:
– العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو العلاج الذي يساعد الشخص على التعرف على خطوط التفكير الخاطئة وتحديد السلوكيات التي يمكن أن تساعده على التغيير.
– إستراتيجيات الاسترخاء: مثل التنفس العميق أو كتابة اليوميات أو ممارسة الرياضة.
– العلاج بالتنويم المغناطيسي.
– التعرّض لأحداث تثير السعادة؛ كوسيلة لمساعدة الشخص على اكتشاف أن السعادة لا يجب أن يكون لها آثار سلبية.
– وإذا كانت أعراض رهاب الشيروفوبيا مرتبطة بصدمة سابقة، فقد يساعد علاج الحالة الكامنة على علاج رهاب الشيروفوبيا.