متابعة-جودت نصري
يختلف الكذب المَرضي عن الأكاذيب العرَضية التي يقولها معظم الناس؛ فالأشخاص الذين يكذبون يفعلون ذلك لأن لديهم دافعاً، أو شيئاً يمكن اكتسابه من الكذب، أو شيئاً يحاولون إخفاءه، أو للمجاملة، أو للهروب من الإحراج مثلاً.. ولكن الكذب المَرضي مختلف تماماً؛ حيث يكذب الإنسان من دون دافع أو سبب وجيه، ومن دون قلق بشأن العواقب؛ فالذين يكذبون الكذب المَرضي، عادةً لا يخططون لقول الأكاذيب، ولا يمكنهم التحكم في الرغبة في الكذب؛ لأنَّ الرغبة في الكذب لديهم قهرية، وقد يؤذون أنفسهم بسلوكهم، لكنهم يستمرون في فعل ذلك رغم العواقب.
أسباب الكذب المرضي
نظراً إلى أنه تمَّ إجراء القليل من الأبحاث حول الكذب المَرضي، لا يعرف العلماء ما إذا كان يمثل أحد الأعراض لمرض نفسي، أم هو حالة قائمة بذاتها، ولم يتم العثور على الكذب القهري كتشخيص قائم بذاته في التصنيف الدولي للأمراض العقلية للاضطرابات العقلية والسلوكية، ولكنه مرتبط بمتلازمة مانشاوزن (المعروفة أيضاً باسم الاضطراب المفتعل)، وهو اضطراب عقلي؛ حيث يكذب المريض حول تعرُّضه للإصابة أو المرض.. يمكن أن يكون الكذب القهري أيضاً أحدَ أعراض اضطرابات الشخصية، مثل: اضطراب الشخصية النرجسية، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، واضطراب الشخصية الحديّة؛ مما قد يؤدي إلى تحديات في العلاقات الشخصية.
أعراض الكذب المرضي
قد يكون تحديد شخص ما، على أنه يعاني من الكذب المَرضي، أمراً صعباً؛ خصوصاً بعد مقابلته للتو؛ فقد يتم تصديقه لبعض الوقت، لكنه يكشف عن نفسه في نهاية المطاف في الوقت المناسب.. وتشمل العلامات الأكثر شيوعاً للكذب المرضى، ما يلي:
– الأكاذيب التي ليس لها دافع واضح.
– عدم الشعور بالذنب أو الندم على الكذب.
– رواية قصص معقّدة وأكبر من إمكانياتهم، وقد تبدو مبالغة جداً، لدرجة يصعب تصديقها، وفي هذه القصص يصورون أنفسهم على أنهم أبطال أو ضحايا، كما يبحثون إما عن الإعجاب أو التعاطف، وفي كثير من الأحيان، لا يسع الناس إلا أن ينبهروا بهم؛ لأنهم رواة القصص وفنانو الأداء.
– عندما ينسى الكاذبون المرضيون تفاصيل معينة، ويتناقضون مع أنفسهم في قصصهم؛ فإنهم يتوصلون بسرعة إلى تفسيرات مفصلة.
– عندما يتم لومهم على سلوكهم؛ فإنهم ينكرون كل شيء، ويصبحون دفاعيين أو عدائيين.
– يتسم الشخص الذي يكذب كذباً مَرضياً، بأنه جريء للغاية، وعادة ما يستمر في الكذب بعد اكتشاف كذبه.
كيفية التعامل مع الكذب المرضي
إذا كان لديكِ صديق أو قريب أو زميل في العمل يكذب بشكل مَرضي؛ فقد يكون التعامل معه صعباً.. ربما ستغضبين منه، أو تجدين صعوبة في الوثوق به، أو حتى تحاولين كل ما في وسعك لإيقافه، ومع ذلك؛ فإنَّ هذا الشخص لا يريد المساعدة؛ نظراً إلى أنه لا يشعر بالذنب أو الخجل من الكذب، كما أنه لا يتوقف عندما ينبهه الآخرون، ولا يريد البحث عن علاج لكذبه المَرضي؛ حتى يواجه عواقب وخيمة في حياته العملية أو العائلية.. وفي بعض الأحيان، قد يكون أكثر ما يمكنك فعله عند اكتشاف كاذب مرضي، هو تجنُّبه، ومع ذلك، قد لا يكون التجنُّب ممكناً، إذا كان المريض أحد أفراد عائلتكِ أو تعملين معه وتحتاجين إلى الوظيفة، في هذه الحالة، يجب أن تتعلمي كيفية إدارة المحادثات معه، وتذكّري دوماً أن الكذب عليكِ ليس لأسباب شخصية، وأنَّ الكذاب يعاني من حالة صحية عقلية أساسية، كما لن يساعدكِ أيضاً فقدان أعصابك وانتقاد الكاذب؛ لأنه سينكر الكذبة عند مواجهته ويصبح دفاعياً.. بدلاً من ذلك، حاولي أن تكوني لطيفةً ولكن حازمة، أنهي المحادثة عندما يبدأ في الكذب لتثبيطه، وإذا كنتِ في مكانة تسمح لكِ؛ فاقترحي عليه أن يجرّب العلاج النفسي.