متابعة _ لمى نصر:
ليس من غير المألوف أن تتساءل من قبل عما إذا كانت عيناك قادرة على تغيير اللون. في مرحلة أو أخرى، أردنا جميعاً أن يكون لدينا عيون مختلفة فقط لنرى كيف سيبدو. وبقدر ما يبدو الأمر مجنوناً، يمكن للعيون تغيير لونها تماماً! كيف يحدث هذا؟
قد تلاحظون أن الأطفال حديثي الولادة يمتلكون لون عيون رمادياً مميزاً، لكنه يتبدل بعد أشهر ليتحول إلى البني أو الأسود، كما أن البعض يولد بعيون خضراء داكنة تتبدل مع الوقت لتصبح عسلية أو بنية أيضاً.
في الواقع، قد يتغير لون أعيننا بصورة تلقائية أحياناً وقد يحدث أيضاً بسبب مجموعة واسعة من التأثيرات الخارجية، من بينها التعرض للإصابة أو العدوى أو الأضرار الناجمة عن أشعة الشمس، وفقاً لما ورد في شبكة “بي بي سي” البريطانية.
تشير الدلائل إلى أنَّ تغيير لون عين الطفل أو بقاءه ثابتاً يعتمد كثيراً على اللون نفسه.
تتبعت إحدى الدراسات، التي قادتها كاسي لودفيغ، طبيبة العيون في معهد بايرز للعيون بجامعة ستانفورد، 148 طفلاً وُلدوا بمستشفى “لوسيل باكارد” للأطفال في كاليفورنيا، وسجلت لون قزحية أعينهم عند الولادة.
وُلد ما يقرب من ثلثي الأطفال الخاضعين للدراسة بعيون بنية وخُمسهم بعيون زرقاء. بعد مرور عامين، وجدت كاسي لودفيغ وزملاؤها أنَّه من بين 40 طفلاً ذوي عيون زرقاء، أصبح لدى 11 طفلاً عيوناً بنية وثمة 3 أطفال أصبحوا بعيون بندقية واثنان بعيون خضراء.
في المقابل، احتفظ 73 طفلاً، من أصل 77 طفلاً وُلدوا بعيون بنية، باللون البني نفسه لأعينهم في عمر عامين. إذاً، يبدو أنَّ العيون الزرقاء أكثر عرضة للتغيير من العيون البنية خلال المراحل المبكرة من حياتنا.
لماذا تتغير العيون الزرقاء أكثر من غيرها؟
يكمن أحد التفسيرات في حقيقة أنَّ “صبغة الميلانين” المسؤولة عن تحديد لون العين يزداد تركيزها في العين بمرور الوقت، لاسيما خلال المراحل المبكرة من عمر الطفل، لذا غالباً ما يتحول لون عيون حديثي الولادة إلى الدرجة الأغمق -وليس الأفتح- مع التقدم في العمر.
في دراسة كاسي لودفيغ، تغيَّر لون عيون ثلث الأطفال الخاضعين للدراسة إلى درجة أغمق -وهو التغيير اللوني الصحي الشائع نسبياً- خلال أول عامين من عمرهم، في حين أن 5 فقط من أصل 148 طفلاً (أي 3.4%) اكتسبت عيونهم درجة لون أفتح.
ماذا عن علم الوراثة؟
يشير ديفيد ماكي، أستاذ طب العيون في “معهد ليونز للعيون” بجامعة أستراليا الغربية، إلى وجود عامل وراثي وراء حدوث تغيير في لون العينين، حيث تعود درجة التصبغ إلى عامل الوراثة والجينات.
ثمة وجه تشابه مع ما يحدث أحياناً في لون الشعر خلال فترة الطفولة. يقول ماكي: “سترى صوراً لبعض الأطفال لديهم شعر أشقر عند الولادة، ثم يبدأ لون شعرهم في التغير إلى اللون البني الداكن مع التقدم في العمر”، وأضاف: “قد يزداد عدد الخلايا الصبغية الموجودة في شعرك بمرور الوقت”.
قد يكون الحال مشابهاً مع لون العين. كلما زادت كمية صبغة الميلانين الموجودة بقزحية العين في الأشهر أو السنوات التالية للولادة، اكتسبت العين لوناً داكناً، والعكس صحيح”.
لماذا يحدث ذلك؟
إذاً يتغير لون عيون الأطفال بشكل رئيسي، بسبب زيادة صبغة الميلانين في قزحية أعينهم مع مرور الوقت، مع العلم أن الميلانين يوفر حماية من أضرار أشعة الشمس.
لكن لماذا تزداد نسبة الميلانين؟ يقول ماكي: “لم يُعرف بعدُ سبب تراكم مزيد من الميلانين في عيون الأطفال بمرور الوقت، لكن قد يكون هناك أيضاً عامل بيئي”.
وأضاف: “يمكننا القول إنَّ ثمة تفاعلاً بين العوامل الوراثية والبيئية في كل شيء تقريباً، حتى في الأشياء التي نعتقد أنَّها وراثية تماماً أو بيئية تماماً”.
قد يحدث تغيير في لون العينين أو عين واحدة نتيجة التعرض لإصابة أو عدوى أو أضرار أشعة الشمس.
وأشار ديفيد ماكي إلى أنَّ ثمة إصابات معينة بإمكانها التسبب في تغيير لون قزحية العين، قائلاً: “قد يؤدي حدوث نزيف داخل العين إلى تصبّغ أجزاء من العين أو تغيير نسبة تركيز صبغة الميلانين”.
وتعتبر الإصابة بالعدوى أحد الأسباب الأخرى الأكثر شيوعاً. على سبيل المثال، عانت الممثلة ميلا كونيس، من حالة “تغاير لون القزحيتين” (heterochromia)، من جراء الإصابة بعدوى في قزحية العين تسبّبت في تدمير بعض الخلايا الصبغية في عينها اليسرى، الأمر الذي نتج عنه تباين في لون العينين، إذ ظلت عينها اليمنى بنية اللون بينما تحولت عينها اليسرى إلى اللون الأخضر.
في بعض الحالات، لا يحدث تباين كامل في لون القزحية. قد تظهر فقط بقع صغيرة على سطح القزحية، مثل تلك البقع الصغيرة البيضاء أو البنية أو المائلة إلى الرمادي المعروفة باسم “بقع بروشفيلد”، التي تظهر بصورة أكبر في قزحية عين الأشخاص المصابين بمتلازمة داون.