متابعة -زهراء خليفة
عدوى السعادة!!
«سعادة الناس تعتمد على سعادة مَن يرتبطون بهم ويتواصلون معهم». هذا ما خلُصت إليه دراسة مطوّلة طُبّقت على أكثر من (4700) شخص، وتمّ نشرها في مجلة (BMJ) البريطانية عام 2008، وفيها إشارةٌ قوية إلى أن عدوى السعادة أمرٌ حقيقي
، فالإنسان يتأثر بأفراد المجتمع من حوله وبمن يرتبط بهم في دوائره الاجتماعية الضيقة والواسعة،
كما ينطبقُ الأمر نفسه على مشاعر الإحباط وأعراض الاكتئاب، فهي من الأمور التي تنتقل بتواصل شخص بآخر، وهذا أمر مُلاحظ وواقعي.
ومن المُلاحظات المهمّة أيضا، زيادة الشعور بالسعادة والامتنان مع اتباع نمط حياةٍ صحِّي، يزيد من إفراز هرمونات السعادة، فعلى سبيل المثال، ترتبط ممارسة الرياضة البدنية بانتظام، بزيادة تدفّق الدم إلى المخ وزيادة إفراز هرمونات الانتشاء مثل «السيروتونين» و»الدوبامين»،
كما يرتبط تناول مواد غذائية معينة (كالأسماك والشوكولاته والمكسّرات وزيت الزيتون) بانضباط المزاج، أما الاستماع لأنواع مفضلة من الموسيقى، فيحسّن مزاج الإنسان بشكلٍ ملحوظ، لكن الاستماع للموسيقى النشاز وغير المرغوبة، قد يزيد من شعوره بالكآبة والحُزن.
وأظهرت دراسةٌ لجامعة «بريتش كولومبيا» الكندية، أن التواصل العابر مع الغُرباء قد يدعمُ المزاج ويعطي شعوراً بالتقدير، ولعل هذا يفسر -ولو جزئياً- اتساع رقعة التواصل الاجتماعي الإلكتروني،
وانخراط عددٍ كبيرٍ من الناس في التفاعل مع غيرهم من الغُرباء عنهم، واختيار من يُعطيهم قدْراً من الشعور بالتقدير الشخصي ويحفّزهم على الإيجابية وإظهار أفضل ما لديهم.
ومن المتوقّع معاناة كثيرين من اضطرابات المزاج خلال مواسم طقس معيّنة، كأشهر الشتاء، لكن تلك الاضطرابات الموسمية ليست مقتصرة على موسم الشتاء، فهي أيضاً من الأعراض المرتبطة بأشهر الصيف والربيع،
ويُعتَقد أن لها علاقةً بتأثر الجسم باختلاف التعرّض لأشعة الشمس خلال المواسم، وينتشر لدى أفراد المجتمعات التي يتقلب فيها الطقس بصورة دورية سريعة.
ويبدو أن التقدّم في العمر -خلافاً للاعتقاد السائد- مرتبطٌ بتحسّن المزاج وتبني الإيجابية بشكلٍ عام، فمع تراكم الخبرات الإنسانية،
يميل كثيرٌ من المتقدّمين في العمر إلى اعتماد استراتيجية التجاهل والتغافل، واللجوء إلى خَيارات أكثر إيجابية، والاستجابة بشكلٍ أفضل إلى الأحداث السعيدة، مما يدعو إلى التأمُّل في صحة القول المعهود: «السعادة اختيار».