بقلم: محمد يوسف
تعلمنا من شيوخنا التواضع، منذ زايد في بداياته وحتى رحيله، لا مكان للمظاهر عندهم، لأنها لن تزيدهم شيئاً، ومحمد يكمل هذه الصورة الجميلة، نراه فنخرج بالانطباع الذي حفر في ذاكرتنا للأب المؤسس، طيّب الله ثراه، في كلمته الأولى التي يوجهها لشعبه الذي يحبه وسخر نفسه لتوفير حياة كريمة له، كان بسيطاً، حفظه الله، ما احتاج إلى زخرفة المكان الذي يجلس فيه، وهذه كانت الرسالة الأهم في الحديث الصادر من القلب، ولم تقف على يمينه غير شجرة غاف صغيرة في حجمها وكبيرة في معناها، لأنها رمز لهذه الأرض وهذا الوطن، وقد عاد بنا هذا المشهد إلى الوراء، إلى أول لقاءات زايد مع مصور صحافي وباحث أجنبي قبل أن يصبح حاكماً، وكان يستظل بظل شجرة غاف تحيطها الرمال، وفي أكتوبر من عام 1973 كان يجلس على الأرض ومراسلو الصحافة يجلسون أمامه في نصف دائرة، ليعلن خبراً هز العالم، وهو مرتبط بقطع النفط، فكان المكان خبراً يوازي الغرض من اللقاء قوة وعزيمة، وتسجل الذاكرة أهم أحاديث زايد، عليه رحمة الله، وقد شهدت بعضها، وأهمها عندما التقى بطلاب جامعة الإمارات في بدايات 1980 في قصر المقام بالعين، وهو قصر عامر، فيه مجالس وقاعات يستقبل فيها زعماء العالم والوفود الرسمية، أما أبناؤه، شباب الوطن، عندما يستقبلهم ويتحاور معهم، يكون مجلسه البسيط المفروش في الهواء الطلق بإحدى شرفات القصر، يتبادل معهم الأحاديث وهم يحيطون به، وينظرون إليه نظرة الأب المرتبط بهم برباط وثيق.
المظاهر لا تضيف شيئاً، رئيس الدولة مكانته محفوظة بقيمته لدى شعبه، وبالحب الذي زرعه في القلوب، والحنان الذي يضفيه على علاقاته بناسه، وبالعطاء الذي لا يتوقف، هو الشيخ، كبير القوم، وقائد المسيرة، هذه هي الحقيقة الراسخة، لهذا لم يلتفت الناس إلى تفاصيل المكان بقدر ما كان تركيزهم منصباً على مضامين الكلمة التي وجهها إليهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، لأنها تحمل شعلة الحاضر والمستقبل، لجيل يخاطبه وأجيال آتية، ويرسم مساراً واضح المعالم.
نحن في كل يوم، ومع كل حدث، نضيف إلى فخرنا فخراً، ونواصل الحمد والثناء لرب العالمين.