متابعة-سوزان حسن
بين المعدة والصحة النفسية علاقةٌ وطيدة جداً، إذ تؤثر الأولى على الثانية بشكلٍ كبير. اكتشف العلاقة بينهما في هذا المقال.
قالت العرب قبل مئات السنين “المعدة بيتُ الداء”. يفسّرها كثيرون بأنها دعوة للاهتمام بما يدخل المعدة من طعامٍ وشراب.
ولكن يبدو أنّ للعلم الحديث تفسيراتٍ أخرى مثيرة للانتباه، لا سيّما وأنّ الكثير من الأبحاث التي نُشرت في الفترة الماضية وجدتْ أنّ ثمّة علاقة وطيدة بين المعدة والدماغ. ما يعني أنّ “الداء” الذي يمكن للمعدة أنْ تكون بيتاً له ليس جسديّاً وحسب، وإنّما نفسيّاً وعقليّاً.
فلا بدّ وأنّك أحسستَ مرةً بألمٍ في معدتك أثناء قلقك الشديد أو شعورك بالتوتّر والخوف من أمرٍ ما.
أو قد تُصاب بحرقةٍ أو حموضة في لحظات غضبك وعصبيّتك. فما علاقة هذه العواطف والحالات النفسية بالمعدة؟ وهل هي علاقة ذات اتجاه واحد فقط؟ أي هل تؤثر الحالة النفسية على المعدة أم أنّ العكس يمكن أنْ يحدث أيضاً؟
بكتيريا المعدّة تؤثّر على الدماغ:
في عالمَيْ الطب والنفس، هناك ما يُعرف باسم “محور الأمعاء-الدماغ” أو “gut brain axis” للإشارة إلى العلاقة الحيوية والكيميائية التي تحدث بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي.
حيث يوجد في أمعائنا عددٌ هائل من البكتيريا والميكروبات المفيدة والتي يتجاوز عددها 100 تريليون وتُنتج بدورها ناقلات عصبية مثل السيروتونين والدوبامين وحمض الجاما، وجميعها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمزاج والصحة النفسية.
في واحدة من التجارب الحديثة، قام باحثون صينيّون بأخذ بضع عيّناتٍ من البكتيريا المعوية لبعض المصابين بالاكتئاب ومن ثمّ أعادوا زراعتها في أمعاء الفئران المختبرية لاحقًا، لاحظ الباحثون أنّ الفئران بدأت بالتصرف بشكلٍ مختلف عن طبيعتها، إذ أظهرت كسلاً وخمولاً وسرعةً في اليأس لم تُظهرها من قبل. وعندما وُضعت تلك الفئران في صندوقٍ فضّلت البقاء منطويةً على أنفسها بالقرب من زواياه، وهي سلوكيّات شبيهة بما يقوم به الشخص المكتئب؛ الكسل واليأس والميل إلى الوحدة والانطواء وفقدان الرغبة في القيام بأيّ نشاط أو تفاعل.
الطعام يعالِج اكتئابنا:
حين وُجّه سؤال إلى خبيرة التغذية بشرى حرّوق عن دور النظام الغذائي الصحّي على نفسية الفرد، قالت إنّ الطعام لطالما اعتُبر عنصراً مهمّاً في الصحة النفسية للبشر؛ فمن جهة، هو يشكّل نشاطاً بشرياً تشاركياً لا يُمكن إهمال دوره على النفسية والمزاج. وهو يؤثّر أيضاً على ذكرياتنا التي تلعب دوراً في عواطفنا ويرتبط بها ارتباطاً وثيقاً.
وأخيراً ، كما أنّ اتّباع نظامٍ غذائيّ صحيّ، وفقاً لحرّوق، عوضاً عن أنه يساعد في تحسين الصحة الجسدية للشخص، فإنه يؤثّر على مزاجه ونفسيته ويحسّن منهما. وهذا ما يلاحظه الكثير من الأشخاص ويعترفون به. لكنها تتساءل إنْ كانت هذه الأبحاث العلمية ستجعل من الطعام طريقةً تُضاف يوماً إلى قائمة الطرق المتّبعة لعلاج الاكتئاب.