رئيس التحرير
حسام لبش
فاز مطار الشارقة الدولي، أمس، بجائزة أفضل مطار في الشرق الأوسط في “خدمة المتعاملين” والاعتراف الدولي ل صوت المتعامل.
الخبر لافت ولا شك، وفي التفاصيل تسكن الكثير من اللُمع المتعلقة بالخدمات اللوجستية التي يقدمها هذا المطار، ولكن في العمق، هناك سبب جوهري يقف وراء هذا التألق لهذا المطار الواقع في الإمارة المزدهرة.
لن أغوص في صلب مايعرفه أي شخص عن أسباب فوز مطار بجائزة، وسأكتفي بسرد السبب الجوهري والحقيقي وراء هذا التتويج المبهر، فتجربتي الشخصية مع هذا المطار والتي سأوردها في هذا المقال كافية لأن تجعله، مع سائر مطارات دولة الإمارات العربية المتحدة، في المقدمة عالمياً.
تلك تجربتي والتي ما زالت دمها ساخناً، فتعرفوا من خلالها على البعد الأخلاقي الذي يتمتع به القائمون على هذا المطار والمستمدة من سياسة قادة هذه الإمارة الحكيمة..
كانت زوجتي في دولة إقليمية وقد أجرت عملية جراحية، ولدى دخولها مطار تلك الدولة للعودة إلى الشارقة، وبرغم ظهور علامات التعب والإرهاق عليها بسبب العمل الجراحي، قامت شرطة المطار في تلك الدولة بإجراءات التفتيش دون أية مراعاة ولو جزئية لحالتها الظاهرة للعيان، لا بل إن مجريات عملية التفتيش كانت سيئة، ولا تليق بامرأة تعاني جروحاً في جسدها ما زالت ساخنة.
لم يراعوا شيئاً، إذ أجبروها على حمل حقيبة السفر برغم علمهم بالحال الذي هي عليه. لم يأبهوا بكل ذلك وقاموا بإجراءاتهم كما لو أنهم يفعلون ذلك مع شخص لا يواجه أية مشكلة صحية.
إحدى مضيفات تلك الطائرة وتنتمي لتلك الدولة، أخبرت زوجتي بأنه لا يمكنها أن تصطحب حقيبة اليد إلى مقعدها في الطائرة، وزاد في الطين بلة أن تلك المضيفة لم تنزل الحقيبة إلى ركن قسم الحقائب في الطائرة، بل وضعتها في صندوق مسافر آخر، علماً أن كل الحقائب يجب أن تأتي إلى الجنزير ليتسملها المسافرون الواصلون، لكن تلك الحقيبة الصغيرة لم تحضر بكل أسف لعدم إنزال الحقيبة الى مستودع الحقائب في الطائرة.
استجارت زوجتي بضابط في مطار الشارقة الدولي فقام بدور خارج عن إطار مهامه الموكل بها، إذ شعر بمسؤولية كبيرة تجاه المشكلة، خصوصاً بعد إبلاغه بوجود أدوية مهمة يجب أن تستخدمها، لم يتردد في محاولات البحث المستمرة، وطلب منها أرقام الهواتف وعنوان المنزل واعداً إياها بالبحث الجدي عن الحقيبة الأخرى، ثم غادرت زوجتي مطار الشارقة إلى المنزل.
في اليوم التالي جرى تواصل بيننا فأخبَرَنا بأنه تم العثور على الحقيبة وفيها الأدوية الخاصة بحالة زوجتي. قلنا له بأننا سنتوجه إليه لاستلامها، لكنه أصر على أن يوصل الحقيبة بنفسه إلى المنزل الأمر الذي لن نراه في أي مكان آخر من هذا العالم، بل هو الأمر الذي يؤكد بأننا نعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة وليس في دولة أخرى تعمل على تفضيل الحجر على البشر، والعمران على الإنسان.
بالفعل، حضر الضابط الخلوق حاملا معه الحقيبة المفقودة وقد جاء ليسلمنا إياها بنفسه.
لم يسمح لنا الضابط الراقي واسمه “أيوب الحمادي” بالإكثار من الشكر، فإجابته كانت حاضرة وسريعة إذ قال:” أنتم في بلاد زايد، وهذا واجبي تجاه كل إنسان يعيش في هذا البلد، سواء أكان مواطناً أو مقيماً.. تعلمنا في هذا البلد أن يكون عملنا في سبيل راحة الإنسان.. ولا يمكننا أن نكون إلا هكذا طالما أننا نعيش في دولة طرحت الإنسانية قبل أي شيء آخر، والأخلاق قبل باقي المجالات والمسميات.
هذا هو الضابط في جمارك مطار الشارقة أيوب الحمادي، والذي برز موقفه حين تجاوز الدور المنوط به وذلك في سبيل راحة الإنسان، وهذه هي دولة الإمارات العربية المتحدة التي تمنحك صلاحيات لتلتزم بها، لكنها تعطيك ضوءاً أخضر لتتجاوزه إذا كان في التجاوز خدمة تسديها لأخيك الإنسان. أية دولة هذه؟ ومن تلك الدول التي نسمع جعجعة مسؤوليها وهم يقدمون دروساً في الأخلاق فلا نرى طحيناً من كل ما يقولونه؟!
أخيراً نشكر الله اننا في هذه الدولة العظيمة التي تؤكد لنا يوماً بعد يوم أنها الدولة الأولى في كل شيء.
أسمى آيات الشكر والامتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة ولقادتها الأكارم، ولصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ولتوجيهات سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة رئيس المجلس التنفيذي، على كل أيام الأمان التي ننعم فيها تحت رعايتكم الكريمة وسيادكم المستديمة، رعاكم الله وأمد في أعماركم لخدمة الإنسانية جمعاء.