متابعة: نازك عيسى
نجح الفنان العراقي سعيد هويدي من رسم صورة أخاذة لملهمة عربية متقبلة لمرض البهاق باستخدام خيوط ومسامير فقط. ليحقق بذلك لقب غينيس للأرقام القياسية لأكبر عمل فني بالخيط والمسمار في العالم. واشترطت غينيس للأرقام القياسية معايير صارمة لاعتماد هذا الرقم القياسي .أبرزها استخدام خيط متصل واحد ليشكل الصورة المطلوبة التي بلغت أبعادها 6.3 متر مربع (نحو 67 قدم مربعة و20 إنش).
وشكلت اللوحة خمسمائة مسمار و6637 متر من الخيوط، أي ما يفوق ارتفاع جبل كليمنجاروالشهير في افريقيا .أو 8 مرات من طول برج خليفة الأشهر في دبي. وتزينت اللوحة بملامح وجهٍ أخاذ للمؤثرة العربية لجينة صلاح، المرأة المصرية التي تنشاد برفع الوعي حول مرض البهاق عربياً، واليوم عالمياً.
ويعكس العمل الفني تناسب اللونين الأبيض والأسود كإشارة إلى درجات الألوان لدى مرضى البهاق. حيث استفاد الفنان العراقي من الضوء الذي يتخلل الخيوط وينعكس على الخلفية. لإيضاح ملامح لجينة ويرسل رسالة سامية إلى مجتمع مرضى البهاق حول العالم.
من جهتها عبرت لجينة صلاح عن سعادة بالغة لاستخدام الفنان سعيد هويدي صورتها كأيقونة لعمل عالمي كهذا .سيساهم في رفع الوعي حول جمال مرضى البهاق في أنحاء العالم. وقالت بأن بدأت حياتها بالمعاناة مع مرض الصدفية ثم تبعها البهاق إلا أنها حولت هذه الأمراض إلى أيقونة جمالية فريدة وغيرت حياتها للأفضل.
وتقول صلاح: “كل موضوع يمس حياة فئة من المجتمع ولا يتم تسليط الضوء عليه هو موضوع مخيف بالنسبة لي. لقد حاربت نظرة المجتمع لأكثر من 15 عاماً.واليوم لا يزيدني فخراً عن وضع صورتي على عمل فني حقق لقب غينيس للأرقام القياسية إلا مسؤولية لأكون رسالة قوة لكل من يعانون من هذا المرض. رسالتي لكم، أنكم مختلفون بشكل جميل وأنكم لستم نسخاً مكررة، لذا تقبولوا ذواتكم واخرجوا للحياة بأبها صورها”.
وتضيف: “هذا العمل الفني من سعيد ترجم رسالة مرضى البهاق دون كلمات. إلا أنه سيحدث صخباً أكبر أي كلام يمكن أن تقوله في هذا المجال”.
هويدي لم يكن يوماً رساماً، ولم يحظى بالموهبة الصرفة لبلوغ هذا الحلم، إلا أنه يؤمن بمفهوم الممارسة حتى التفوق. ويقول: “مع الممارسة يصبح الإنسان أكثر قدرة على قراءة صور الوجه بأبعاد الظل والضوء. لم أكن رساماً لأبدأ في هذا المجال. وهذا ما يعطيك مثالاً واضحاً بأن الممارسة تنجب الإتقان، والاتقان بدوره ينجب الموهبة”.
وتطلب العمل على الصورة 16 ساعة، إلا أن هذا الوقت أسرع من المعدل المطلوب بكثير حيث تتطلب لوحات مشابهة ما يفوق الـ40 ساعة عمل لإنجازها. ويعلل هويدي ذلك بالقول: “لكل صورة مرآة وجه مختلفة، وهو ما يجعل تناسق الظل والضوء فيها المحدد الرئيسي لكمية الجهد المطلوب. الفيلوغرافيافن مختلف عن الرسم التقليدي فهو يعتمد على مستوى دخول الضوء وانعكاسه على الخلفية .وهذا ما يحدد عدد الطبقات المطلوب إضافتها في كل إنش من العمل الفني”.
ويضيف هويدي: “الفكرة كانت أن تصنع كل شيء من لاشيء. كل ما لديك هو خيوط ومسامير ولوح خشبي لا قيمة لها.لذا فأن تساهم في إيصال هذه الرسالة السامية التي تقودها لجينة صلاح في العالم العربي. وأن توثق هذا الإنجاز عالمياً عبر غينيس للأرقام القياسية بدا ضرباً من المستحيل في البداية. كل خطوة في هذا الإنجاز حفّها الشغف، وهذا ما يجعلنا جميعاً اليوم أمام هذا الإنجاز العملاق”.
واستخدم سعيد خيوط البريسم المعروفة وتعمد استخدام الأسود منها ليتمكن من التحكم في مستويات الضوء والظل المنعكسة على الخلفية البيضاء للعمل الفني. إلا أنه يجد صعوبة في إيجاد هذه الخيوط والمسامير داخل العراق، ما يدفعه لشرائها بكميات قادمة من تركيا لإنجاز أعماله الفنية. ويصف سعيد هذا النوع من الفن بكون مرهق للغاية ولا يمكن ممارسته لفترة طويلة لكونه يتطلب لياقة بدنية عالية وتركيز مستمر. ويسعى إلى زيادة فريق عمله وتعليم المزيد من الموهوبين لدعم مسيرة هذا الفن داخل العراق وخارجه.