متابعة- رنا يوسف
أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن قيادة المملكة العربية السعودية لا تدخر جهدا في دعم العراق في مختلف المحافل وعلى كافة الأصعدة والمستويات، بما يضمن استقرار العراق ووحدة أراضيه، والتعاون والتنسيق مع العراق والدول الشريكة في المنطقة لمواجهة خطر التطرف والإرهاب
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها اليوم (السبت) في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، في ما يلي نصها:
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر إلى دولة رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق مصطفى الكاظمي على دعوة المملكة إلى مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، وأن أنقل لكم تحيات خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، وتمنياتهما الصادقة لنجاح هذا الاجتماع، الذي يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم متغيرات تستوجب علينا جميعا رفع مستوى التنسيق من أجل مواجهتها وبلوغ تطلعات شعوبنا في تحقيق الأمن والرخاء، فالروابط التي تجمع بين المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق تاريخية نابعة من الأخوة العربية والإسلامية ومبادئ حسن الجوار والمصالح المشتركة
يسرني أن أكون بينكم اليوم على أرض العراق الشقيق أرض الحضارة والعلم والمعرفة، ولا أخفي سعادتي بما أشهده اليوم من تطور ملحوظ على جميع المستويات، وجاء ذلك إثر عمل جاد وصادق من الحكومة العراقية ومن كل مواطن عراقي مخلص لهذا البلد العظيم
إن القيادة في المملكة لا تدخر جهدا في دعم العراق في مختلف المحافل وعلى كافة الأصعدة والمستويات، وهانحن هنا اليوم لنؤكد أننا مستمرون في العمل على ما يعزز أمن العراق واستقراره، ويحفظ مؤسساته ومكتسباته ويبرز من ذلك أهمية العلاقات السعودية العراقية في تدعيم ممكنات التنمية والتعاون الإقليمي
وأود الإشادة بإنجازات أعمال مجلس التنسيق السعودي العراقي وما اشتملت عليه من آفاق التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاستثمارية والسياحية، وما أسفرت عنه في دورته الرابعة هذا العام، وتأسيس الصندوق السعودي العراقي المشترك برأسمال يقدر بثلاثة مليارات دولار إسهاما من المملكة في تعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية في جمهورية العراق، بما يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي، وتكثيف التعاون في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة وإنجاز مشروع الربط الكهربائي، ودعم جهود إعادة الإعمار
ويأتي افتتاح معبر عرعر الحدودي بين المملكة والعراق على مساحة مليون ونصف المليون متر مربع ليكرس لشراكة وثيقة وبناءة، إذ سيشكل المعبر في المستقبل عصبا للتجارة البينية ورافدا اقتصاديا ومنطقة لوجستية ذات أهمية للبلدين
تؤكد المملكة التزامها المستمر بدعم أمن واستقرار وتنمية العراق، إذ إن ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة يستلزم عراقا آمنا مستقرا ذا سيادة مرتبطا بعلاقات وثيقة مع عمقه العربي وجواره الإسلامي، لذا فإن المملكة تدعم حكومة دولة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بما يضمن استقرار العراق ووحدة أراضيه، وتأمل المملكة أن تستمر مسيرة النجاح للحكومة العراقية في السعي نحو استقرار وازدهار جمهورية العراق، وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب العراقي، كما تدعم المملكة تضافر كافة الجهود الدولية لتحقيق ذلك
ومن منطلق التزام المملكة ومبدئها الراسخ في مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وظواهره وأساليبه وحيث وجد، تستمر المملكة بالتعاون والتنسيق مع العراق والدول الشريكة في المنطقة لمواجهة خطر التطرف والإرهاب اللذين يهددان دول المنطقة والعالم، وتدعم جهود العراق بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي لبقايا تنظيم داعش الإرهابي، كما تثمن المملكة جهود الحكومة العراقية في السيطرة على السلاح المنفلت بأيدي المليشيات المسلحة
إن من أهم أهداف السياسة الخارجية للمملكة المساهمة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والازدهار إقليميا وعالميا، والسعي لضمان تحقيق رؤية المملكة 2030، التي نطمح من خلالها أن يكون اقتصادنا رائدا ومجتمعنا متفاعلا مع جميع مجتمعات العالم، ومساهما في نهضة البشرية وحضارتها، حيث إن عوائد تحقيق رؤيتنا ستنعكس إيجابا على التنمية والازدهار ورفاهية الشعوب في المنطقة، وإدراكا منا لأهمية الشراكة الاقتصادية في المنطقة فقد أعلنت المملكة عددا من المشاريع الاقتصادية والتنموية مع العديد من الدول، ولتحقيق أي تنمية اقتصادية مستدامة لا بد من الالتفات إلى التحديات البيئية، وفي هذا السياق فقد أعلن ولي العهد عن مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ونتطلع للعمل من كثب مع شركائنا في العراق ودول المنطقة لإنجاه هذه المبادرة
إن دبلوماسيتنا تدعم بشكل فعال السلم والحد من النزاعات، وتؤكد أن الحوار هو نهج المملكة في التعاطي مع أي خلافات إقليمية أو دولية، للحفاظ على أمن واستقرار شعوب ودول المنطقة، كما تشدد المملكة على أهمية احترام سيادة العراق والدول العربية والإسلامية، ورفض أنشطة التدخلات الخارجية في بعض الدول العربية، مما سيساهم بشكل رئيسي في التعايش السلمي لجميع دول المنطقة
وختاما، إن بلادي تنظر بعين التفاؤل نحو قدرة العراقيين حكومة وشعبا على تحقيق ما يصبون من إليه من رفعة وتقدم وازدهار، مستمدين ذلك من قوة الانتماء الوطني، وما حباه الله من ثروات طبيعية وكفاءة بشرية وموروث حضاري وإسلامي عريق، ورسم مستقبل يتناسب مع مكانة العراق العربية والإقليمية والدولية، وستستمر المملكة في الوقوف إلى جانب العراق في مسيرته نحو مستقبل مشرق وواعد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته