منذ تم تأسيسه عام 2009 كان تطبيق واتساب فكرة ثورية تماماً، حيث أنه تخلى عن أساليب طرق التواصل الأخرى التي تحتاج إلى تسجيل حسابات وتذكر كلمات مرور وسواها، واستبدل الأمر بأكمله برقم هاتف المستخدم فحسب. بالنتيجة كسب واتساب السوق الكبرى للمستخدمين غير الخبراء بالتقنية، وسرعان ما أصبح أكبر تطبيقات المحادثة عبر الإنترنت، وهو لقب لا يزال التطبيق يمتلكه حتى الآن، ولو أن الأمور ربما تتغير مستقبلاً.
في البداية كان مبدأ عمل واتساب بسيطاً نسبياً: تقديم خدمات المحادثة بشكل مجاني للعام الأول من الاستخدام، ومن ثم يصبح التطبيق مدفوعاً ويكلف دولاراً واحد للاشتراك السنوي. لكن وبالوصول إلى عام 2014 تم التخلص من هذه الرسوم عندما قامت شركة فيس بوك بشراء التطبيق هائل الشعبية لقاء 16 مليار دولار أمريكي، وعبر السنوات بدأ السؤال بالتكرر: كيف تخطط فيس بوك للربح من التطبيق الذي دفعت مبالغ طائلة لقائه؟
في هذا الموضوع سنتناول الجدل الكبير الذي أحاط بتطبيق واتساب مؤخراً، لماذا حدث أصلاً وما هي الحقيقة بشأن معلومات المستخدمين التي سيتم مشاركتها، والأهم ربما: هل يجب أن تتخلى عن استخدام واتساب وتستبدله بتطبيق آخر؟
عندما قامت فيس بوك بالاستحواذ على واتساب عام 2014 قطعت الشركة وعداً للعامة والمشرعين على حد سواء، حيث قالت إنها ستبقي التطبيق مستقلاً عن بقية الشركة وأنها لن تستخدم بيانات المستخدمين من التطبيق ضمن خدماتها الأخرى كتخصيص الإعلانات مثلاً.
بالطبع وكما العديد من تعهدات فيس بوك لم يدم الأمر طويلاً، وبحلول عام 2016 كانت الشركة قد خرقت عهودها أصلاً حيث بات التطبيق الشهير للمحادثة يشارك العديد من البيانات التي يجمعها مع فيس بوك، فهو يشارك جهات الاتصال والحالات ومعلومات مثل طراز الهاتف وإصدار نظامه والشبكة اللاسلكية المحلية للهاتف بالإضافة إلى أمور مثل توقيتات الاستخدام والمحادثات الأكثر استخداماً وسواها.
عندما تم التغير الهائل عام 2016 تلقى الكثير من الاعتراضات الغاضبة حينها، لكن ومع كون التطبيق أبقى الخيار للمستخدمين بشأن مشاركة معلوماتهم أم لا (حيث كان من الممكن الدخول إلى الإعدادات وإيقاف المشاركة مع فيس بوك) فقد هدأ الأمر بسرعة وانتقل المستخدمون للانشغال بمواضيع أخرى جديدة
ما حصل الآن هو ببساطة أن خيار عدم مشاركة المعلومات مع فيس بوك لم يعد موجوداً، وباتت شروط الاستخدام صريحة أكثر حول كون التطبيق سيشارك بيانات عنك مع فيس بوك ولم يعد بإمكانك رفض ذلك بعد الآن. ومع أن معلومات الغالبية العظمى من المستخدمين تشارك مع فيس بوك منذ بضعة سنوات فقد اعتقد الكثيرون أن الخطوة جديدة مما أنتج موجة غاضبة من التخلي عن واتساب والبحث عن البدائل الممكنة له.
باختصار لا. حيث باتت محادثات واتساب مشفرة بين الطرفين منذ عام 2016 في الواقع، أي أن الرسائل التي يتبادلها الأطراف لا ترسل كما هي في الواقع، بل يتم تشفيرها قبل الإرسال، ومن ثم فك تشفيرها لدى المستقبل حصراً، فيما تكون الرسائل مشفرة طوال رحلتها من المرسل إلى الخوادم الخاصة بالتطبيق ومن ثم باتجاه المستقبل.
لذا ومن حيث المبدأ لا يستطيع أحد اعتراض ومشاهدة رسائلك على واتساب في الواقع، وحتى واتساب أو فيس بوك أنفسهم لا يمتلكون الوصول إلى محتوى رسائلك ومحادثاتك، لذا لا يوجد ما يقلق بهذا الخصوص. ولن يكون هناك أي تغيير مثل أن تتحدث عن أمر ما على واتساب ومن ثم يظهر إعلان بالنتيجة على فيس بوك.
لطالما كان من المفيد الحصول على الخصوصية الإضافية والبحث عن تطبيقات أخرى تقدم المزيد من الأمان بعيداً عن أعين الشركات الكبرى، لكن الأمر هنا يتبع بشكل أساسي للتطبيقات التي تمتلكها أصلاً في الواقع. ففي حال كنت من القلة التي لا تستخدم أياً من منتجات فيس بوك وخدمات الشركة المختلفة، سيكون من الجيد أن تتخلى عن واتس أب وتتجه إلى خيار أكثر أماناً كما Signal أو سواه.
بالمقابل وإن كنت كما معظم الأشخاص سيكون الأمر دون فائدة في الواقع، حيث أن جميع المعلومات التي من الممكن أن يرسلها واتس أب إلى فيس بوك تقريباً متاح للشركة إن كنت تستخدم أياً من تطبيقاتها العديدة مثل Facebook وInstagram وMessenger وسواها. لذا فالتخلي عن واتساب فحسب وتجاهل بقية التطبيقات من الشركة لن يغير شيئاً بالنسبة لكون فيس بوك تجمع كماً هائلاً من معلوماتك.
على العموم وفي حال كنت لا تستخدم تطبيقات فيس بوك الأخرى، أو أنك تريد التخلص من واتس أب فحسب فالبدائل عديدة في الواقع. حالياً يعد Telegram أكثر البدائل شعبية مع أكثر من 500 مليون مستخدم حول العالم، لكن عيبه الأساسي هو أن التشفير بين الطرفين محصور بالمحادثات السرية، لذا وفي حال كان الجزء الأهم لك هو التشفير سيكون من الأفضل أن تختار تطبيقاً مثل Signal أو Threema (غير مجاني ويكلف 3 دولارات للشراء مرة واحدة).
هل أصبح من الضروري ترك واتساب والانتقال إلى تطبيق أكثر أمناً؟
تابعونا علي مواقع التواصل الاجتماعي