كشفت دراسة جديدة أن مشاهدة التلفاز بكثرة في منتصف العمر يمكن أن تتسبب في تقلص دماغك وتؤدي إلى تراجع قدرتك على التفكير بشكل صحيح.
وقام باحثون من جامعة ألاباما في برمنغهام وجامعة كولومبيا في نيويورك، بفحص عادات مشاهدة التلفاز المبلغ عنها ذاتيا، وحجم المخ وصحة مجموعات المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين الخمسينات والسبعينات من العمر.
وثبت أن التمارين والنشاط البدني يفيدان صحة الدماغ، لكن الباحثين أرادوا معرفة تأثير السلوك المستقر على الدماغ.
ووجدوا أن قضاء الكثير من الوقت في مشاهدة التلفاز خلال منتصف العمر، أدى إلى مستويات أعلى من التدهور المعرفي وانخفاض حجم المخ في وقت لاحق من الحياة.
ويوجد لدى أولئك الذين شاهدوا الكثير من البرامج التلفزيونية في منتصف العمر، انخفاضا بنسبة 6.9% في الوظيفة المعرفية بحلول الوقت الذي كانوا فيه في السبعينات من العمر، وانخفاض بنسبة 0.5% في المادة الرمادية مقارنة بأولئك الذين شاهدوا القليل من برامج التلفاز.
وقال الفريق إن الانخراط في سلوكيات صحية بين 45 و64، بما في ذلك الحد من وقت مشاهدة التلفاز، “قد تكون عوامل مهمة لدعم صحة الدماغ في وقت لاحق من الحياة”.
وقال الباحثون إن الإدراك يشمل قدرات المرء على التذكر والتفكير والعقل والتواصل وحل المشكلات، ومع زيادة متوسط العمر المتوقع، هناك أيضا زيادة في الضعف الإدراكي والخرف.
وأوضحوا أن شيخوخة السكان مع عوامل متعددة لا تدعم صحة الدماغ، قد تؤدي إلى زيادة عدد الأشخاص المصابين بالخرف.
وفي جميع أنحاء العالم، يتم تشخيص أكثر من سبعة ملايين حالة خرف جديدة سنويا، وبحلول عام 2050 سيزداد انتشار المرض بنسبة تصل إلى 264%.
وفي حين لا يوجد علاج للخرف، أظهر تقرير حديث أن ما يقرب من 40% من التشخيصات في جميع أنحاء العالم قد يتم منعها أو تأخيرها.
ولفهم تأثيرات السلوك المستقر أثناء منتصف العمر على صحة الدماغ بشكل أفضل، نظرت الفرق في معلومات مشاهدة التلفاز التي جُمعت خلال منتصف العمر – 45 إلى 64 – من المشاركين في دراسة الولايات المتحدة العصبية الإدراكية الأوسع.
وسُئل المشاركون عن مدى مشاهدة التلفاز في أوقات الفراغ، مع عدم استناد الردود المبلغ عنها ذاتيا إلى ساعات محددة ولكن على إطار زمني عام.
وركزت دراسة محددة على التدهور المعرفي وخطر الإصابة بالخرف، في حين ركزت دراسة مرتبطة أجرتها كيلي بيتي غابرييل من جامعة ألاباما، على علامات الدماغ الهيكلية من فحوصات تصوير الدماغ.
وفي الدراسة الأولى، كان هناك 10700 مشارك بالغ يبلغ متوسط أعمارهم 59 عاما ومعظمهم من الإناث اللواتي قدمن تقييمات ذاتية الإبلاغ عن عاداتهن التلفزيونية.
وتلقى المشاركون اختبارات معرفية إضافية للذاكرة العاملة واللغة والوظيفة التنفيذية/سرعة المعالجة في عام 1998 ومرة أخرى في عام 2013.
وفي هذه الدراسة، وجد الباحثون أنه بالمقارنة مع الأشخاص الذين لديهم عادات مشاهدة منخفضة، فإن أولئك الذين يتمتعون بمشاهدة معتدلة أو عالية لديهم انخفاض بنسبة 6.9% في الوظيفة الإدراكية على مدى 15 عاما من الزيارة الأولى إلى الاختبارات النهائية.
ولم تكن كثرة مشاهدة التلفاز مرتبطة بشكل خاص بارتفاع مخاطر الإصابة بالخرف، بل مجرد انخفاض في الوظيفة الإدراكية العامة.
واكتشف الباحثون أن النشاط البدني وعادات التمارين الرياضية التي أبلغ عنها المشاركون لا يبدو أنها تغير العلاقة بين الوقت الذي يقضونه في مشاهدة التلفزيون خلال منتصف العمر، والتغيرات في الوظيفة الإدراكية وخطر الإصابة بالخرف.
وشملت دراسة غابرييل 1601 بالغا بمتوسط عمر 76 عاما من المجموعة نفسها من المشاركين، لكنهم خضعوا أيضا لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغتهم في عام 2013.
ومن بين هذه المجموعة، أبلغ 971 شخصا عن مستويات ثابتة من مشاهدة التلفاز على مدار السنوات الثماني التي أجريت فيها الاستطلاعات.
وباستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، نظر الباحثون في العديد من علامات الدماغ الهيكلية، بما في ذلك حجم المادة الرمادية العميقة في دماغ كل مشارك.
وتُعرف المادة الرمادية بأنها النسيج الأكثر قتامة في الدماغ والحبل الشوكي، وهي تشارك في التحكم في العضلات والرؤية والسمع واتخاذ القرار ووظائف الدماغ الأخرى.
ووفقا لمعدي الدراسة، كلما زاد حجم المادة الرمادية في دماغ الشخص، كانت المهارات المعرفية لديه أفضل.
وفي هذه الدراسة، وجد الباحثون أنه عند مقارنتهم بالمشاركين الذين قالوا إنهم نادرا ما يشاهدون التلفاز، فإن أولئك الذين يشاهدون كثيرا لديهم كميات أقل من المادة الرمادية.
وهذا يشير إلى ضمور أو تدهور أكبر في الدماغ، وفقا لغابرييل.
ولم يغير النشاط البدني وعادات التمرين التي أبلغ عنها ذاتيا للمشاركين، الارتباطات بين مستوى مشاهدة التلفاز خلال منتصف العمر مع مقاييس بنية الدماغ للمادة الرمادية.
وأضاف معد في الدراسة، رايان دوجيرتي، من جامعة جونز هوبكنز: “في سياق الصحة الإدراكية والدماغية، ليست كل السلوكيات المستقرة متساوية”.
وأوضح أن “الأنشطة غير المحفزة للجلوس مثل مشاهدة التلفاز، ترتبط بمخاطر أكبر للإصابة بالضعف الإدراكي، في حين أن التحفيز المعرفي للأنشطة الخاملة (مثل القراءة والكمبيوتر وألعاب الطاولة) يرتبط بالإدراك المستمر ويقلل من احتمالية الإصابة بالخرف”.
وبالنظر إلى تقديرات التأثير، ارتبط متوسط وقت مشاهدة التلفاز لمدة ساعة أكثر، مع انخفاض بنسبة 0.5% تقريبا في حجم المادة الرمادية.
وتتمثل القيود المفروضة على هذه الدراسات، بأن مشاهدة التلفاز استندت إلى تقارير المشاركين، والتي قد لا تكون دقيقة.
وتعد مشاهدة التلفاز نوعا واحدا فقط من السلوك المستقر وتقدم صورة غير كاملة عن إجمالي وقت الجلوس.
ويتم تقديم الدراسات في مؤتمر جمعية القلب الأمريكية للأوبئة والوقاية ونمط الحياة وصحة القلب.