متابعة : رهف عمار
الإمساك من الناحية الطبية، هو التبرز أقل من ثلاث مرات في الأسبوع. ومع ذلك، تجدر ملاحظة أن هناك «اختلافا طبيعيا» واسعا بين الناس في عدد مرات التبرز، إذْ إن الطبيعي لدى البعض هو الذهاب إلى المرحاض 2 – 3 مرات في اليوم، ولكن لدى آخرين ربما الطبيعي 2 – 3 مرات في الأسبوع. ولذا فإن «تغيّر العادة الطبيعية» في التبرز بشكل واضح، قد تكون علامة على وجود الإمساك. والطبيعي إخراج فضلات بوزن حوالي 200 غرام في اليوم
وبغض النظر عن نمط الإخراج لدى الشخص، هناك حقيقة واحدة مؤكدة: كلما طالت المدة قبل «الذهاب» للتبرز، أصبح من الصعب إخراج البراز
ويتم تشخيص الإمساك إذا حصل واحد أو أكثر من العناصر التالية:
– التبرز أقل من ثلاث مراتٍ في الأسبوع
– إخراج براز صلب أو مُتكتِل
– الإجهاد أو الشعور بألم أثناء التبرز
– الشعور وكأن هناك انسدادا في المُستقيم يمنع حركة الأمعاء
– الشعور بعدم القُدرة على تفريغ المُستقيم بالكامل من البراز
– الحاجة إلى المُساعدة لتفريغِ المُستقيمِ، مثل استخدام اليدين للضغطِ على البطنِ
وإذا كان لدى الشخص اثنان أو أكثر من هذه الأعراض خلال الثلاثة أشهر الماضية، فيكون الإمساك مزمناً
صحيح أن كبار السن والحوامل والمُرضعات أكثر عُرضة للإصابة بالإمساك. ولكن هناك سلوكيات حياتية وحالات صحية عدة قد تتسبب وتفاقم مشكلة الإمساك لدى الشخص الطبيعي. وهي:
1- > تناول الأطعمة قليلة الألياف. السبب الشائع جداً للإمساك هو عدم تناول ما يكفي من الألياف. ووسيلة الوقاية والعلاج الأكثر شيوعاً لحالات الإمساك هي تناول الكثير من الألياف. والألياف بالأصل جزء من الغذاء النباتي الذي لا يتم هضمه ولا امتصاصه. ولذا تبقى الألياف في الأمعاء لتساعدها على العمل بشكل جيد ولتزيد من وَزن وحجم البراز ولِينِه
وبالتالي تجعل من السهل تمرير البراز الضخم، مما يُقلل من فرص الإصابة بالإمساك. وعند وجود براز مائي لَيِن، قد تُساعد الألياف على تصلب البراز، لأنها تمتص الماء وتُضيف حجماً إلى البُراز. وتشمل الأطعمة الغنية بالألياف: الفاكهة والخضراوات والحبوب وخبز حبوب القمح الكاملة والبقوليات. وأحد أبسط وأقوى أدوية علاج الإمساك هي المُسهّلات المكونة للكتل Bulk – Forming Laxatives المحتوية بشكل رئيسي على الألياف
وإضافة إلى قدرتها على منع الإمساك وتخفيفه، توفر الأطعمة الغنية بالألياف فوائد صحية أخرى أيضاً، مثل المساعدة في الحفاظ على وزن صحي للجسم، وخفض خطر الإصابة بداء السكري وأمراض القلب، أو بعض أنواع السرطان. وفي كل يوم، يحتاج الرجل البالغ إلى كمية 38 غراما من الألياف، والمرأة إلى 25 غراما
2- عدم شرب كمية كافية من الماء. شرب كميات وفيرة من الماء أمر ضروري لتسهيل إخراج الفضلات، ولتسهيل عمل الألياف في المساعدة على الإخراج، لأن الألياف تحقق أفضل فوائد لها عندما تمتص الماء، جاعلة البراز بذلك ليّناً ومتكتلاً. وعدم شرب الكمية اليومية التي يحتاجها الجسم من الماء، هو من أقوى أسباب الإمساك لدى الكثيرين. ووسيلة التأكد من نيل الجسم حاجته من الماء هي إخراج بول ذي لون أصفر باهت جداً وشفاف. ويجدر التأكد من هذا الأمر لدى كبار السن، وعند العيش في الأجواء الحارة، ومع تناول أدوية إدرار البول، وعند الإكثار من المشروبات المحتوية على الكافيين (الكافيين يتسبب بزيادة إدرار البول)
3- عدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ. تساعد ممارسة التمارين الرياضية على إزالة أو تخفيف الإمساك عن طريق تقليل الوقت الذي يستغرقه الطعام للتنقل عبر الأمعاء الغليظة، وبالتالي الحد من كمية الماء التي تمتصها الأمعاء تلك من الفضلات. وعند عدم ممارسة الرياضة، يزداد وقت بقاء الفضلات في الأمعاء، وتصبح صلبة وجافة، ويصعب إخراجها حينئذ
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل تمارين أيروبيك الهوائية (كالهرولة والسباحة وركوب الدراجة الهوائية) على تسريع التنفس ومعدل ضربات القلب. وهذا يساعد على تحفيز الانقباض الطبيعي لعضلات الأمعاء. وتوالي انقباض عضلات الأمعاء بكفاءة، يعمل على تسهيل إخراج البراز بسرعة. وهذا لا يعني بذل جهد كبير في ممارسة الرياضة، بل مجرد النهوض وتقليل الجلوس والتحرك، يمكن أن يساعد في تخفيف الإمساك، والمشي من 10 إلى 15 دقيقة عدة مرات في اليوم، يمكن أن يساعد الجسم والجهاز الهضمي على أداء وظيفته في أفضل حالاته
4- تغييرات في الروتين اليومي المعتاد. يمكن أن يحدث الإمساك عندما يتغير الروتين اليومي لحياة المرء، أو نتيجة الاضطرار إلى البقاء خارج المنزل للعمل وغيره، خاصة أن كثيراً من الأشخاص يرتاحون بشكل أكبر للإخراج في مرحاض المنزل الذي تعودوا عليه. وهناك ظروف أخرى كالحمل والتقدم في العمر والسفر، كلها قد تتسبب بالإمساك نتيجة تغير عدة ظروف تعود المرء فيها على الإخراج الطبيعي، وأيضاً بسبب بعض التغيرات الهرمونية المرافقة
وكذلك الحال مع تغير مقدار ما يأكله المرء من أطعمة، أو تغير نوعية الأطعمة. وأيضاً مع عدم الذهاب إلى الفراش في الأوقات المعتادة للنوم وحصول الأرق. وكذلك عند البدء بتناول بعض أنواع الأدوية، مثل: مسكنات الألم القوية، والأدوية المضادة للالتهابات، وأدوية حموضة المعدة المحتوية على الكالسيوم أو الألمنيوم، وأدوية الحساسية، ومضادات الاحتقان، وأدوية الحديد لفقر الدم، وبعض أنواع الأدوية النفسية
5- مقاومة الرغبة في التبرز. وقد يكتم أو يتجاهل البعض شعوره بالحاجة إلى المرحاض إذا كانوا مشغولين. وهذا قد يؤدي إلى تراكم البراز الذي يصعب تمريره لاحقاً، لأن تأخير حركة الأمعاء سيؤدي إلى تفاقم الإمساك. كما يُفوّت فرصة تهيؤ الجسم لإخراج الفضلات. وتجدر ملاحظة أن الأمعاء تكون أكثر استعداداً للإخراج في الصباح الباكر، وأيضاً خلال النصف ساعة التالية لتناول وجبة الطعام. ولذا يجدر الاستماع إلى رسائل الجسم بالرغبة في الإخراج والتوجه إلى الحمام، حتى لو كان المرء مشغولاً أو يشعر بالحرج عند استخدام المرحاض خارج منزله. وتضع المؤسسة القومية الأميركية للشيخوخة كبح حركات الأمعاء ضمن أسباب الإمساك الرئيسية لدى كبار السن، وتقول: «يمكن أن يؤدي تجاهل الرغبة في التبرز إلى الإمساك. يفضل بعض الناس التبرز في المنزل. لكن كبح حركة الأمعاء يمكن أن يسبب الإمساك إذا كان التأخير طويلاً». ويضيف أطباء مايو كلينيك: لا تتجاهل الحاجة الشديدة إلى التبرز. خذ وقتك في الحمام، واسمح لنفسك بوقت كافٍ للتبرز دون مضايقات ودون الشعور بالاستعجال.