الإمارات نيوز – لؤى وحيد
“سوجيث” طفل هندي لم يتعد عمره العامين، يكاد الهند بل والعالم يتوقف نبضه بسببه، ذهب يلعب ويمرح ولا يعلم ضمير القدر تجاهه، لايعلم لربما تكون المرة الأخيرة له مداعباً للحياة، تاركاً أماً تبكيه سنيناً، وعالم يترقب موجوع القلب، سوجيث عندما كان يجري مرحاً لم ير تلك الحفرة الصغيرة صغر جسده النحيف لتبتلعه دون رحمة، ليسارع الأهالي في محاولة لإنقاذه لكنه ينجرف إلى 21 متراً لتبدأ عمليات الإنقاذ وتتوقف الأنفاس مع البث المباشر.
بدأ الأمر في يوم السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، من خلال محاولة للوصول لسوجيث عن طريق حفر نفق لكنها لم يكتب لها النجاح ، وكانت للطبيعة رأياً آخر، حيث أعاق الطين عملية الحفر لتكون الصدمة الأولى.
وفي صراع مع المجهول وما يخبئه القدر، تأتي فرق خبراء من مناطق قريبة من الحدث، ترسل كاميرا صغيرة بعمق 21 متراً، المتابعون يتنفسوا الصعداء، هاهو يتنفس لازال حياً، صوت أنفاسه المتلاحقة يمكن سماعها من خلال الكاميرا المرسلة.
ولكن الوقت يمر، حيث تشارك 6 فرق في ملحمة الإنقاذ، ويقولون “نحن نسمع بكاء الطفل لفترة طويلة، ولكنه توقف الآن، ولكننا لدينا شعوراً أن الطفل آمن ويتنفس”. والحقيقة أنهم لم يستطيعوا التأكد من حالة الطفل بسبب كم الطين الرطب الذي يحتضنه من جميع الإتجاهات.
ويحاول الفريق الطبي التدخل ولو بإمداد سوجيث بالأكسجين من الخارج، ولم تستسلم الأم لسهام الثواني القاتلة، بل سارعت لحياكة كيس قماشي مبلل بدموعها للمساعدة في إنقاذ وليدها.
وقال وزير الصحة الهندي “فيجابباسكار” في تصريح أقرب إلى ذبح الأمل، “تنوع المحاولات من استخدام الحبال لسحبه إلى طريقة الشفط، باءت جميعها بالفشل، لكننا مستمرين”. ويستمر تحدي القدر لعائلة الطفل التي تتأرجح مابين الخوف والصلاة، وتموج بقلب أمه الأحزان، حيث تعيق مساحة قطر فتحة البئر “10 سنتيمتر” محاولة إخراج ذاك الجسد الهزيل.
ولكن ضيق الفتحة لم يمنع الأم من محاولة تهدئة طفلها بواسطة صوتها الذي يعرفه جيدا ويعرف حنيته ولهفته عليه. 28 ساعة تمر على سقوطه مابين الحياة والموت، ولا يوجد نتيجة تكون برداً وسلاماً على قلب أمه، بل مزيدا من التحدي القدري هناك أخباراً مفداها أنه متواجد عند عمق يقترب من 30 متراً.
انهارت التربة، لتتوقف عملية الإنقاذ، لكن هناك خطة جديدة، ستصل آلة حفر إلى الموقع يستغرق تشكيلها وتجهيزها ساعاتين، ويقدر عملية إخراج الطفل بحوالي 9 إلى 11 ساعة. وسوجيث في يأس وظلام بعد مرور 35 ساعة عليه، في الخارج تقوم خطة الإنقاذ على حفر نفق موازي بطول 27-30 متراً وعرض متر، بعدها سيدخل 3 رجال إطفاء لإخراجه.
بدأ الحفر بالقرب من موقع الطفل، وتطوع عمال إنقاذ لدخول النفق، ولكن البطأ العدو الأول لعملية الحفر، بسبب خوفهم من آذية سوجيث، ورغم بدأهم مبكراً إلا أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول من المتوقع.
40 ساعة تمر، ولكن الأخبار الرسمية تؤكد الطفل حياً، في الخارج يستمر القدر في عناده، الأرض صخرية وتأبى اللين من أجل صلاة الاف للطفل، سيستغرق الحفر مالايقل عن 6-7 ساعات.
آلة حفر جديدة لعلها راوية الأمل، من شأنها الأسراع من عملية الحفر، وهاهم يقتربون من الانتهاء والوصول للمسافة المطلوبة، فريق الإنقاذ يؤكد أن الطفل حي ويتم تزويده بالأكسجين. وتم إرسال ربوت وكاميرا، الذي كشف أن الطفل لايتحرك ولكن جسده دافئ، يتنفس ولكن على الأرجح فاقداً للوعي.
لطمة قدرية آخرى؛ المطر يحوم حول الموقع، ستتأثر التربة وربما عملية الحفر نفسها! صلوات ودعاء أسرع من قطرات المطر، الله رحيم، يتوقف الماء ولم تتأثر العملية . وتبدأ خطة جديدة للإنقاذ، حيث يتم حفر نفق أعمق بثلاثة أمتار عن موقع سوجيث، فريق يضم 10 أشخاص، كل اثنين يدخلان النفق ويبدئان بناء نفق آخر بطول 1متر للوصول لنقطة أسفل الطفل لسحبه.
52 ساعة تمر ولا توجد أخبار عن حالة الطفل الصحية.. لم يتبق غير 12 متر للوصول إلى الهدف… فريق من رجال الإنقاذ مجهز باسطوانات الأكسجين، وكاميرات عالية الدقة وغيرها من المعدات في وضع الاستعداد! الساعات تمر بسرعة رهيبة والقلق ينهش في الصدور، 62 ساعة في البئر والمتوقع الانتهاء من الحفر صباح يوم 29 أكتوبر.
تتغير الخطط، وتتبدل الآمال وفي النهاية قتل القدر قلوب من كان لديه بصيص أمل… مات سوجيث! تم تأكيد الخبر من قبل الأطباء والمسؤولين، وأصبحت العملية رسمياً هي انتشال جثة الطفل.
الأم لم تكن بوعيها حينما أخرجوا الجثة وحينما استفاقت هرعت جريا نحو البئر إلا أنهم منعوها من التقدم، ذهب الطفل لبارئه، وترك دمعات ونار الفراق وجثة أمل تؤرق آلاف ممن كان يتابع الحادث، وأم تأكل نار الحزن قلبها.