قام الأطباء في مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”، أحد مرافق مبادلة للرعاية الصحية، بإجراء أول جراحة لزراعة البنكرياس، في الإمارات، في عملية شهدت أيضاً زراعة كُلَى جديدة للمريضة نفسها.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة “البيان”، قد أُجريَت هذه العملية الجراحية المزدوجة، على مدى خمس ساعات متواصلة، لمريضة في العشرينات من عمرها، تعاني من مرض السكري من النوع الأول، وقد تلقت هذه المريضة الكُلَى الجديدة، علاجاً لمرض السكري الناتج عن فشل كُلوي أصيبت به، وتلقت أيضاً بنكرياسَ جديداً لتُنْهي تماماً اعتمادها على حقن الأنسولين. وبعد العملية، ستكون كليتيها الجديدتين قادرة على ترشيح الشوائب من دَمِها. أما البنكرياسُ الذي نُقِلَ لها فسينتج الإنسولين، لينظم نسبة السكر في دمها، تنظيماً فعالاً، منهياً بذلك معاناتها مع مرض السكري من النوع الأول.
وتعتبر هذه الجراحة حدثاً هاماً، في شهر نوفمبر، وهي جراحة تعطي آمالاً جديدة لمرضى السكري من النوع الأول، ممن يعانون من مضاعفات خطيرة، كالفشل الكُلَوي، أو أولئك الذين لا يستطيعون أن يتحكموا في نسبة السكر في دمهم، باستخدام حقن الإنسولين.
ومن جهته، قال الدكتور لويس كامبوس، وهو الجراح الذي قاد عملية الزراعة” “إن البدء في عمليات زراعة البنكرياس، في الإمارات، من شأنه أن يغير الحياة للأفضل، فنحن الآن قادرون على أن نجمع بين عملية جراحية لزراعة الكُلَى، لإنقاذ حياة المريضة، وعملية جراحية لزراعة بنكرياس لنفس المريضة، فتتغير حياتها إلى الأفضل وتتخلص من معاناتها مع مرض السكري من النوع الأول، وما كان يستلزمه يومياً من حقن الأنسولين. وأما المرضى الذين كانوا لا يستطيعون العيش دون أن يُحْقَنُوا يومياً بحقن الأنسولين، فشعورهم بالتحرر من هذه الضرورة الصحية، هو شعورٌ عميقٌ حقاً، لا يكادُ يوصف”.
وتعد هذه العملية النادرة المزدوجة التي أجريت فيها جراحة لزراعة عضوين، هي علامة بارزة ميزت العملية رقم 100 من عمليات زراعة الأعضاء، في المستشفى منذ البدء في تقديم خدمات جراحة زراعة الأعضاء، منذ العام 2017.
وفي السياق ذاته، يعتبر مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي” هو المستشفى الوحيد الذي به مركز لزراعة الأعضاء المتعددة، في دولة الإمارات، وهو من المراكز القليلة التي تتوافر بها الخبرة والمرافق والتدريب، وهي الأمور اللازمة لتمكين الأطباء من إجراء جراحات زراعة البنكرياس. وتحتاج هذه العمليات تخطيطاً مُفَصَّلاً، وتحتاج كذلك إلى رأي فريق الجراحين متعدد التخصصات، ورأي أخصائي الغدد الصمّاء، وأخصائيو الرعاية الاجتماعية، والممرضين، والموظفين المختصين في وظائف الخدمات الطبية الداعمة.
وبخلاف مرض السكري من النوع الثاني الذي يكون مرتبطاً بعوامل ذات صلة بنمط الحياة التي يعيشها الشخص، كالسمنة مثلاً، فإن مرض السكري من النوع الأول، يظهر عندما يهاجم الجهازُ المناعيُّ للمريض خلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين. تحدث هذه الحالة، عادةً، في فترة الطفولة، وتؤثر على حوالي 5% من جميع حالات المرضى المصابين بالسكري، في جميع أنحاء العالم.
وفي سياق متصل، أوضح الدكتور كامبوس: “جراحات زراعة البنكرياس هي جراحات معقدة جداً، وتتطلب قدراً كبيراً من التقييم قبل الشروع في الجراحة نفسها. ومعظم المرضى، ممن يعانون من مرض السكري من النوع الأول، يستطيعون معالجة نسبة السكر في دمهم باستخدام حقن الإنسولين. ولكن إذا ما أصيبوا بمرض من أمراض الكُلَى، ثم ظلت الحالةُ تتفاقم إلى حد الاضطرار لعملية زراعة كُلَىً، فإن إجراء هذه العملية مع عمليةٍ أخرى لزراعة البنكرياس قد يغير حياة هؤلاء المرضى تغييراً حقيقياً إلى الأفضل، فيجعلهم يأكلون ويشربون بصورة طبيعية، دون أن يحملوا هَمَّاً لنسبة السكر في دمهم”.
والجدير بالذكر، منذ أن أجريت الجراحة لهذه المريضة التي زُرِعَ لها هذان العضوان، بدأت تتعافى، وتتحسن بشكل جيد، وصار جسمها قادراً على أن ينتج الأنسولين، لأول مرة، منذ أكثر من عشرين سنةً. وطوال الأسابيع والأشهر الأولى، في الفترة التي تَعْقُب الجراحة، يبقى المرضى الذين تُجْرى لهم عمليات جراحية لزراعة الأعضاء تحت مراقبة طبية عن كَثَبٍ، إلى أن يستعيدوا وتيرة حياتهم الطبيعية مرةً أخرى.