قررت محكمة جنايات أبوظبي المختصة، عقب النظر إلى جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي، إدانة 6 متهمين جميعهم من الجنسية الباكستانية وشركتين مملوكتين للمتهم الأول؛ بارتكاب جريمة غسل الأموال عن طريق إجراء معاملات مصرفية مشبوهة لمحاولة إخفاء حقيقة مبالغ مالية متحصلة من الاتجار بالمخدرات.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة “البيان”، حكمت المحكمة بمعاقبة المتهمين بالسجن 10 سنوات لكل منهم مع إلزامهم بغرامة 10 مليون درهم والإبعاد عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة. كما قضت المحكمة اعتبارياً على شركتين؛ إحداهما للدعاية والإعلان والثانية لتجارة الالكترونيات؛ بتغريم كل منهما مبلغ خمسين مليون درهم، ومصادرة الأموال محل جريمة غسل الأموال سواء السائلة أو أي من الأصول المادية أو المعنوية.
ومن جهتها شددت دائرة القضاء في أبوظبي، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع بنظام تشريعي مالي متكامل ومرن وبنية قضائية متخصصة في مجال مكافحة جرائم الأموال. مما ساهم في الحد من عمليات غسل الأموال وساعد على ضبط المتورطين فيها. مشيدةً بتكامل الجهود بين مختلف الجهات القضائية والتنفيذية والمالية في إطار نظام رقابي وقائي وردعي يهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني.
ولفتت؛ إلى أن التعديل الأخير في قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب؛ ساهم في تعزيز قدرة مختلف الجهات المعنية على مواجهة هذه الجرائم بمزيد من الفاعلية، حيث شدد المشرع العقوبات على من تثبت إدانتهم بأي من هذه الجرائم، كما وسع نطاق التجريم لتشمل كل من كان عالماً بأن الأموال متحصلة من جناية أو جنحة، واعتبر جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة ولا يشترط حصول الإدانة بارتكاب الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع للمتحصلات.
وفي تفاصيل القضية؛ أحالت النيابة العامة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة نسخة من ملف قضية أتجار بالمخدرات تم ضبطها في أبوظبي، إلى نيابة الأموال الكلية في أبوظبي للقيام بتحقيق مالي موازي في القضية في إطار اختصاصاتها الولائية ، حيث بينت التحقيقات أن المتهمين الأربعة الذين تم إدانتهم في الجريمة الأصلية وهي الاتجار في المخدرات؛ يعملون في إطار تشكيل عصابي يضم أِشخاص خارج وداخل الدولة، يقوم خلاله أفراد التشكيل في الخارج بالتعامل مع المشتري ” المتعاطي”، وإعطاءه بيانات مكان وجود المخدرات وذلك بعد أن يودع ثمنها في أحد الحسابات المصرفية للمتهمين المقيمين داخل الدولة أو حساب إحدى الشركات. ليقوموا بتحويلها لاحقاً عبر شركات الصرافة إلى أشخاص في باكستان. وقد تم العثور في مكان إقامة المتهمين على ما يقارب مليوني درهم.
وكشفت تحقيقات نيابة الأموال تورط شخصين من نفس الجنسية في قضية غسل الأموال دون أن يثبت تورطهم في الجريمة الأصلية المتعلقة بالاتجار بالمخدرات.
وقد سبق وقامت نيابة الأموال، بكشف السرية عن حسابات المتهمين وفق القانون، حيث تبين أن جميع حسابات المتهمين المصرفية تتضمن حركة دوران كبيرة لا تتناسب مع أنشطة المتهمين المالية، فقد بلغ عدد عمليات الإيداع فقط في أحد حسابات المتهم الأول 50 عملية في اليوم الواحد قيمة كل منها تتراوح بين 500 و1000 درهم، وبالتحري تبين أن ثمانية من المودعين هم من أصحاب السوابق في تعاطي المواد المخدرة. علماً أن المتهم لديه حسابات مختلفة في ستة بنوك داخل الدولة، بينما لدى المتهم الثاني حسابات في ثلاثة بنوك.
كما كشفت التحريات، عن امتلاك المتهم الأول حسابات في بنكين أخرين باسم شركتين يمتلكهما، وبلغت قيمة دوران الحسابين نحو ثمانية ملايين درهم خلال ستة أشهر، بما لا يتفق مع نشاط الشركتين، وفي إطار عمليات إيداع مشبوهة لم يتم تقديم أي مستندات لتأكيد مشروعية مصدرها. مما يؤكد أن هاتين الشركتين استخدمتا كغطاء لغسل الأموال المتحصلة من جريمة الإتجار بالمخدرات بهدف إخفاء مصدرها.
وفي سياق أخر؛ أسفر التحليل المالي لحسابات المتهمين عن تأكيد وجود ترابط وتنسيق بين هذه الحسابات ضمن عمليات منظمة، كما أظهرت التحريات أن الأسلوب المتبع في استلام الأموال وسحبها يشبه أسلوب الاتجار بالمخدرات. وأن جميع الأموال التي يتم إيداعها في هذه الحسابات يقوم المتهمون بسحبها على دفعات وتحويلها إلى أشخاص في دولة باكستان عبر شركات صرافة مختلفة داخل الدولة.