أثناء مطلع الألفية الجديدة من القرن الواحد وعشرين، تعرف المستمعين العرب لأول مرة على صوت، وصف وقتها بـ«الملائكي». ليس بفضل ما يمتلكه من عذوبة، ولكن بفضل اللون الموسيقي الذي قدمه. إذ لم تكن الأغنية الدينية وقتها معهوده على أذن المستمعين بهذا الشكل الحديث.
وبالرغم من ظهوره في زمن لم تكن فيه التكنولوجيا قد تسللت لكافة مناحي الحياة. إلا أن أغاني المطرب البريطاني سامي يوسف قد دوت كلماتها في كافة أرجاء الوطن العربي. ففي عام 2005 تحديدًا كانت أغنية «حسبي ربي» على سبيل المثال، تسمع في كل مكان. العائلات في المنازل من خلال التلفاز، والشباب في الشوارع من خلال «الووكمان»، والموظفون في مكاتبهم من خلال الكاسيت.
«يا رب العالمين، الله الله، ثبتني على هذا الدين»، كانت تلك هي الكلمات الأشهر في الأغنية التي قدمت «سامي» حينها للملايين من المستمعين العرب. بالرغم من أنها لم تكن أول أعماله، إذ صدر له قبلها بعامين ألبوم «المعلم» إلا أنه لم ينل نفس الشهرة التي نالها ألبومه الثاني «إمتى». الذي وردت فيه الأغنية سالفة الذكر.
بعدها، كان العديد من شباب تلك المرحلة من أبناء جيل الثمانينيات ومطلع التسعينيات، ينتظرون الكثير من صاحب تلك الحنجرة. إلا إنه انخفض دوي صوته تمامًا على غير المتوقع، بالرغم من استمراره في تقديم هذا اللون الذي عرف به. والذي لم يستطع مستمعوه يومًا تصنيفه، فلا هو إنشاد، ولم يكن ترتيلًا، كان غناءً روحانيًا مميزًا.
تردد اسم «سامي» بعد طول غياب مجددًا بعد صدور أغنية «يا رسول الله»، لكن هذه المرة انصرف الجمهور عن ما يقدمه. ولم يحقق نفس النجاح السابق، ومع ذلك لا أحد ينكر إنه ساهم بصورة أو بآخرى في نشر هذا اللون الموسيقي. ليظهر بعده مطربين من بينهم ماهر زين، على سبيل المثال.
واختفى فجأة سامي يوسف عن المسامع والأنظار، دون تفسير واضح، إلا إن في الغالب اختلاف الذوق الموسيقي. فضلًا عن عدم مواكبة المطرب لتلك التطورات التكنولوجية للاستفادة منها، وظهور المهرجانات كلها أمور جعلته يبعتد عن الأضواء.
يؤكد الموسيقار حلمي بكر، على ذلك، مشيراً إلى إن تغير الذوق السمعي لشباب الجيل الحالي، والذي وصفه بأنه «منهار» تمامًا. ساهم في انتهاء هذا اللون الموسيقي سريعا، كغيره من الأغاني، على حد قوله.
ويضيف «حلمي»، في تصريحات لـ «المصري لايت»، أن في ظل حالة الانهيار السمعي الذي تميز به أبناء الجيل الحالي من الشباب. نجح مؤدو ما يسمى بـ «المهرجان الشعبي» في جذب قطاع كبير من الشباب للاستماع إلى «الفن الهابط الذي يقدمونه» على حد تعبيره.
ويردف «حلمي»، أن حتى هذا اللون الموسيقي، من الصعب جدًا أن يحقق الأرباح من خلال عرضه على الإنترنت. وبالتالي عقب انتهاء عصر الشريط المدفوع الثمن لم يجد من يموله، لذلك دفن تماما.
ويختتم «بكر» حديثه، بالتشديد على استحالة أن يجد هذا اللون الموسيقي مكانًا في ظل أذواق المستمعين في الفترة الحالية. إذ وصف محاولة بعث هذا اللون الغنائي من جديد، بمحاولة إعادة الروح للجسد بعد صعودها إلى بارئها.