أكد معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد، على ضرورة تطوير الدول الأوروبية والعربية لنموذج أكثر استدامة للتعاون الاقتصادي العربي – الأوروبي، يخدم الأهداف التنموية للجانبين ويساهم في تقليل الفجوة المعرفية والتكنولوجية وبناء قدرات الدول الأقل نمواً.
ووفقاً لما ذكرته وكالة أنباء الإمارات “وام”، أوضح ابن طوق، إن التداعيات التي يشهدها العالم اليوم نتيجة الجائحة العالمية، أكدت ضرورة بناء نماذج جديدة للتعاون الدولي تُخاطب التحديات الرئيسية وتعمل على توليد الفرص التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة للدول ويحقق الأهداف والأولويات التنموية.
ويأتي ذلك خلال مشاركة معاليه في أعمال الدورة الخامسة من القمة الأوروبية – العربية 2020، والتي عقدت افتراضياً من أثينا تحت شعار “شراكة استراتيجية”. وتُمثل القمة إحدى المنصات الدولية البارزة التي تجمع بين قيادات الدول الأوروبية والعربية، بهدف مناقشة ووضع سياسة إقليمية متكاملة من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول الاتحاد الأوروبي والعالم العربي.
كما أطلق الدورة الخامسة من القمة معالي كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء جمهورية اليونان، كما تحدث في جلسات القمة عدد من كبار مسؤولي الحكومات الأوروبية والعربية من بينهم، نيكوس ديندياس وزير الخارجية اليوناني، ومارينا سيريني نائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، وناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج من المغرب، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وإيفاريست بارتولو وزير الشؤون الخارجية والأوروبية لجمهورية مالطا.
وفي السياق ذاته، شارك معالي ابن طوق في جلسة بعنوان “قيادة الاستثمار والابتكار”، والتي ناقشت المسارات الجديدة للاستثمار والابتكار وفرص الشراكات المطروحة، والتحديات المطلوب معالجتها المرحلة المقبلة لتمكين الدول الأوروبية والعربية من الانتقال إلى تطبيقات الاقتصاد الجديد. وتحدث في الجلسة عدد من الوزراء والخبراء والمسؤولين من الدول العربية والأوروبية.
كما شدد معالي عبد الله بن طوق، خلال مداخلته بالجلسة، على قوة العلاقات التي تجمع الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، وتستند إلى روابط تاريخية وثقافية متينة، فضلاً عن مستويات التعاون المتميزة في المجالات الاقتصادية والتجارية.
وأضاف أن دولة الإمارات تُمثل لاعباً رئيسياً على خارطة التعاون الاقتصادي العربي الأوروبي، حيث سجلت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع دول الاتحاد الأوروبي ما يصل إلى 48.8 مليار دولار في عام 2019، منها 37.8 مليار دولار واردات، و8.4 مليار دولا إعادة تصدير، و2.7 مليار دولار صادرات غير نفطية.
وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات بعد الصين، حيث تستأثر هذه المجموعة بما نسبته 10.6 % من تجارة الإمارات الخارجية غير النفطية. كما تًشكل دول الاتحاد الأوروبي أهم مصدر للواردات الإماراتية وتستحوذ على ما نسبته 14.6 % من إجمالي واردات الإمارات السلعية من العالم.
وفي الوقت نفسه، تحتل دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً والـ 15 عالمياً كأهم الأسواق المستقبلة لصادرات الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى أن دولة الإمارات تعد أهم مركز للمنتجات الأوروبية في المنطقة وتحتضن المقرات الإقليمية لأكبر الشركات الأوروبية العاملة في قطاعات حيوية ومتقدمة، وذلك بفضل كفاءة السياسات الاقتصادية للدولة والقائمة على الانفتاح والشفافية وتيسير مناخ الاستثمار.
وتابع وزير الاقتصاد: ” مما لا شك فيه أن الأرقام السابقة تًترجم شراكة اقتصادية وتجارية قوية واستراتيجية، ولكننا اليوم علينا أن نبحث كيف يمكن استثمار هذه العلاقات القوية لبناء مستقبل أفضل لدولنا وبما يخدم الرؤى والخطط التنموية لحكوماتنا”.
كما لفت إلى أن دولة الإمارات وضعت رؤية طموحة بعيدة المدى لبناء نموذج اقتصادي جديد أكثر مرونة واستدامة، وحددت قطاعات لتقود التنمية المرحلة القادمة وتشمل الطاقة المتجددة والسياحة وريادة الأعمال والشركات الناشئة والتجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي والصناعات التكنولوجية والأمن الغذائي وتكنولوجيا الفضاء والنمو الأخضر، مع تطوير بيئة أعمال حاضنة للابتكار والبحوث العلمية وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وفي سياق متصل، استعرض معاليه الجهود التي بذلتها الدولة لتعزيز تنافسية بيئة الأعمال واستقطاب استثمارات أجنبية تخدم الأولويات الوطنية، وتهيئة التشريعات الداعمة لهذا التوجه، ومن أبرزها قانون الاستثمار الأجنبي المباشر والذي يتيح حزمة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين في القطاعات القائمة على المعرفة والتكنولوجيا والابتكار، وبشكل متوازي قامت الدولة بتطوير العديد من السياسات والحوافز لاستقطاب المواهب والكفاءات والعقول المبدعة، وذلك إلى جانب سياسات الانفتاح والتنوع الاقتصادي والبنية التحتية والتكنولوجية المتقدمة والإجراءات الحكومية المُيسرة، وهو ما جعل دولة الإمارات اليوم واحدة من أكثر الوجهات المفضلة أمام الاستثمارات الأجنبية في العالم.
وأضاف أن هذه الرؤية التنموية الطموحة تضع ضمن أولياتها تطوير شراكات دولية رائدة تخدم هذه التوجهات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات ترتبط مع العديد من دول الاتحاد الأوروبي باتفاقيات وشراكات مهمة لتطوير القدرات في مجالات الاقتصاد الجديد.
ودعا معاليه إلى الاستفادة من هذه القمة في توسيع نطاق الشراكات القائمة بشكل ثنائي فيما بين الدول لتأخذ بُعداً إقليمياً وتطوير نموذج أشمل للتعاون الاقتصادي الأوروبي العربي يعمل على تعزيز قدرات الدول على مواكبة التطورات الاقتصادية السريعة والتعامل مع أي تحديات مستقبلية.
وشدد ابن طوق على أن تشجيع مجتمعات الأعمال العربية والأوروبية على إقامة مشاريع استثمارية مشتركة وإطلاق مبادرات تنموية مشتركة في قطاعات المستقبل لن يؤدي فقط إلى تعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات الوطنية لدولنا، وإنما أيضا سيساهم في إيجاد حلول إبداعية ومبتكرة لمختلف التحديات الناشئة.
وشهدت جلسات القمة مناقشة عدد من الموضوعات الحيوية المطروحة على خريطة التعاون الأوروبي العربي، حيث تناولت أهمية تضافر الجهود لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة والحالية. كما تناولت جلسات القمة دور التعاون بين الاتحاد الأوروبي في قضية فلسطين، وتم الإشادة بالتطور الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط من خلال “معاهدة السلام” والتي من شأنها أن تُحدث تغييرات إيجابية عديدة في المنطقة.
كما ناقشت القمة سبل تعزيز التعاون في مختلف القضايا التنموية ذات الاهتمام المشترك، مثل توفير فرص للشباب والتعليم والتجارة والاستثمار وغيرها، وأيضا مناقشة سبل التعامل مع التأثير الاقتصادي والاجتماعي لكوفيد-19 على العالم العربي، ومناقشة إجراءات تخفيف التدابير التي بدأت عدد من الدول اتخاذها بالفعل.